19. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
اليقين بالله: قال ابن مسعود رضى الله عنه: اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله، ولا تحمد أحدًا على رزق الله، ولا تلم أحدًا على ما لم يؤتك الله - عزَّ وجلَّ - فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره، فإن الله تبارك وتعالى بقسطه وعلمه وحلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضى، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1 / 35].
حكمــــــة
محبة العبد لله ومحبة الله للعبد وأسباب ذلك: وقال أحمد بن أبي الحواريّ: سمعت أبا سليمان الداراني رحمه الله يقول: وقد دخلت عليه يبكي، فقلت له: ما يُبكيك؟ فقال لي: يا أحمد ولمَ لا أبكي؟ وإذا جنّ الليل ونامت العيون، وخلا كلّ حبيب بحبيبه، وافترش أهل المحبّة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وقَطَرت في مَحَاريبهم، أشرف الجليل سبحانه، فنادى جبريل - عليه السلام -: بعيني من تَلَذَّذَ بكلامي، فلمَ لا ينادِي فيهم: ما هذا البكاءُ؟ هل رأيتم حبيبًا يُعذِّب أحبابه؟ أم كيف يجمُلُ بي أن أُعذِّب قومًا إذا جنَّهم الليل تَمَلَّقوني؟ فبي حلفتُ إذا وردوا عليَّ القيامة لأكْشِفَنَّ لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إليَّ وأنظر إليهم. [صفة الصفوة 4/442].
حكمــــــة
محبة العبد لله ومحبة الله للعبد وأسباب ذلك: عن عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال: خرجت إلى ناحية الخريبة فإذا أسود مجذوم قد تقطعت كل جارحة له بالجذام وعمي، وأقعد وإذا هو يزحف، وإذا صبيان يرمونه بالحجارة حتى دموا وجهه، فرأيته يحرك شفتيه فدنوت منه لأسمع ما يقول، فإذا هو يقول: يا سيدي إنك لتعلم إنك لو قرضت لحمي بالمقاريض، ونشرت عظامي بالمناشير، ما ازددت لك إلا حبًا، فاصنع بي ما شئت. [موسوعة ابن أبي الدنيا 2/424].
حكمــــــة
حفظ اللسان من كثرة الكلام: عن ميمون بن مهران قال: جاء رجل إلى سلمان الفارسي رضى الله عنه فقال: أوصني قال: لا تكلّم. قال: لا يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم. قال: فإن تكلمت، فتكلم بحق أو اسكت قال: زدني. قال: لا تغضب قال: إنه ليغشاني مالا أملكه. قال: فإن غضبت فأمسك لسانك، ويدك. قال زدني: قال: لا تلابس الناس. قال: لا يستطع من عاش في الناس أن لا يلابسهم. قال: فإن لابستهم، فاصدق الحديث وأدّ الأمانة. [صفة الصفوة 1/259].
حكمــــــة
حفظ اللسان من كثرة الكلام: عن الحسن البصري رحمه الله قال: كانوا يقولون: لسان الحكيم وراء قلبه فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك، وأن الجاهل قلبه في طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه، ما جرى على لسانه تكلم به، قال أبو الأشهب رحمه الله: كانوا يقولون: ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه. [الزهد للإمام أحمد / 461].
حكمــــــة
حفظ اللسان من كثرة الكلام: قال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه، أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون: " وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ " [الانفطار: 10، 11] " إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " [ق: 17، 18] أما يستحي أحدكم أنه لو نُشرت عليه صحيفته التي أملى صَدْرَ نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه!. [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/72].
حكمــــــة
حفظ اللسان من كثرة الكلام: عن أبي عبد الله الحربي قال: سمعت بعض العلماء ممن قدم على عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: الصامت: على علم كالمتكلم على علم، فقال عمر: إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالا؛ وذلك أن منفعته للناس، وهذا صمته لنفسه، قالوا: يا أمير المؤمنين فكيف بفتنة المنطق؟ قال: فبكى عمر رحمه الله بكاء شديدا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/345].
حكمــــــة
حفظ اللسان من الغيبة: قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد: ومن العجيب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والربا، والزنا، وشرب الخمر، ومن النظر إلى المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا ينزل بها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل تورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الناس الأحياء والأموات، لا يبالي ما يقول.
حكمــــــة
حفظ اللسان من الغيبة: قال سفيانُ بن حسين: ذكرتُ رجلاً بسوءٍ عند إياس بن معاويةَ رحمه الله، فنظر في وجهي وقال: أغزوْتَ الرومَ؟ قلتُ: لا. قال: فالسِّنْدَ والهندَ والترْك؟ قلتُ: لا. قال: أفسلِمَ منك الرومُ والسِّنْدُ والهندُ والتركُ، ولم يسْلَمْ منك أخوك المسلمُ؟! قال: فلم أعُدْ بعدَها. [البداية والنهاية 4/402].
حكمــــــة
حفظ اللسان من الغيبة: قال أبو عبد الله البخاري رحمه الله: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أنِّي اغتبتُ أحدًا. قال الذهبي رحمه الله: صدق رحمه الله، ومن نظر في كلامه في الجرحِ والتعديل علم وَرَعه في الكلامِ في الناس، وإنصافَه فيمن يُضَعِّفه، فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتُوا عنه، فيه نظر، ونحو هذا، وقلَّ أن يقول: فلانٌ كذَّاب، أو كان يضَعُ الحديث، حتى إنه قال: إذا قلتُ فلان في حديثه نظر، فهو متَّهم واهٍ، وهذا معنى قوله: لا يحاسبُني الله أني اغتبت أحدًا، وهذا هو واللهِ غايةُ الورع. [السير (تهذيبه) 3/1015].
حكمــــــة
حفظ اللسان من النميمة: عن عَطَاء بن السائب قال: قَدِمت مِنْ مكة فلقيني الشعبيُّ رحمه الله فقال: يا أبا زيد أَطْرِفْنَا مما سمعتَ؛ قلتُ: سمعتُ عبدَ الرحمن بن عبد الله بن سَابِط رحمه الله يقول: لا يسْكنُ مكّةَ سافِكُ دمٍ، ولا آكلُ رِبًا، ولا مَشَّاءٌ بنميم، فعجبتُ منه حين عَدَلَ النميمة بسَفْكِ الدماء وأَكْلِ الرِّبا، فقال الشعبيّ: وما يُعجِبُك من هذا! وهل تُسفَكُ الدِماءُ وتُركبُ العظَائمُ إلا بالنميمة! [عيون الأخبار 2 / 417].
حكمــــــة
ذم ذي اللسانين والحذر منه: عن مالك بن أسماء بن خارجة، قال: كنت مع أبي أسماء رحمه الله، إذ جاء رجل إلى أمير من الأمراء، فأثنى عليه وأطراه، ثم جاء إلى أبي أسماء فجلس إليه في جانب الدار، فجرى حديثهما، فما برح حتى وقع فيه، فقال أسماء: سمعت عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يقول: إن ذا اللسانين في الدنيا له يوم القيامة لسانان من نار. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/408].
حكمــــــة
حفظ اللسان من الكذب: عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أنه قال: ألا إن شر الرَّوايا روايا الكذب، ألا وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، ولا أن يَعِد الرجل ولده شيئا ولا ينجزه، ألا وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ألا وإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإنه يقال للصادق: صدق وبر، ويقال للكاذب: كذب وفجر، ألا وإن محمداً صلى الله عليه وسلم حدثنا (إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ويكذب حتى يكذب عند الله كذاباً). [موسوعة ابن أبي الدنيا 5/219].
حكمــــــة
حفظ اللسان من الكذب: أتى رجل ابن مسعود رضى الله عنه فقال: علمني كلمات نوافعَ جوامعَ؟ فقال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتزول مع القرآن أين ما زال، ومن جاءك بالصدق من صغير أو كبير وإن كان بعيدا بغيضا فاقبله منه، ومن أتاك بكذب من صغير أو كبير وإن كان حبيبا قريبا فاردده عليه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/265].