11. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: قال ابن مسعود رضى الله عنه: لا يقل أحدكم: أعوذ بالله من الفتن، ولكن ليقل: أعوذ بالله من مضلات الفتن، ثم تلا: " إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ " [التغابن: 15] (قال ابن رجب رحمه الله: يشير إلى أنه لا يستعاذ من المال والولد، وهما فتنة. الجامع المنتخب/ 104) [الجامع المنتخب / 104].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: قال شُرَيح رحمه الله: إنِّي لأصاب المُصيبة، فأحمَدُ الله عليها أربعَ مرَّات، أحمدُ إذ لَم يكُن أعظم منها، وأحمَدُ إذ رزقَني الصَّبْر عليها، وأحمدُ إذ وفَّقني للاسترجاع لِماَ أرجو مِن الثواب، وأحمَدُ إذ لم يجعلْها في ديني. [السير (تهذيبه) 1/457]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والحمد على الضراء يوجبه مشهدان : أحدهما: علم العبد بأن اللّه ـ سبحانه ـ مستوجب لذلك، مستحق له لنفسه، فإنه أحسن كل شيء خلقه، وأتقن كل شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير الرحيم. والثاني: علمه بأن اختيار اللّه لعبده المؤمن، خير من اختياره لنفسه، كما روى مسلم في صحيحه، وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفسي بيده لا يقضي اللّه للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له). مجموع الفتاوى10/29.
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: قال عثمان بن الهيثم: كان رجل بالبصرة من بني سعد، وكان قائدًا من قواد عبيد الله بن زياد فسقط عن السطح، فانكسرت رجلاه، فدخل عليه أبو قلابة رحمه الله يعوده، فقال له: أرجو أن تكون لك خيرة. فقال له: يا أبا قلابة وأيّ خيرٍ في كسْر رجليّ جميعًا؟ فقال: ما ستر الله عليك أكثر. فلما كان بعد ثلاث ورد عليه كتاب من ابن زيد: أن يخرج فيقاتل الحسين، فقال للرسول: قد أصابني ما ترى، فما كان إلا سبعًا حتى وافى الخبر بقتل الحسين، فقال الرجل: رحم الله أبو قلابة لقد صدق، إنه كان خِيرة لي. [صفة الصفوة 3/68].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: عن يزيد ين تميم قال: لما أدخل إبراهيم التيمي رحمه الله سجن الحجاج رأى قومًا مقرنين في الأغلال يقومون جميعًا ويقعدون جميعًا، فقال: يا أهل بلاء الله في نعمته، ويا أهل نعمته في بلائه، إن الله قد رآكم أهلاً أن يختبركم، فأروه أهلاً أن تصبروا له، فقالوا: من أنت رحمك الله؟ قال: من ينتظر من البلاء مثل ما نزل بكم، قالوا: ما نحب أن نخرج من موضعنا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/37].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: عن مسمع بن عاصم قال: قال لي عبد الواحد بن زيد رحمه الله: من نوى الصبر على طاعة الله صبره الله عليها وقواه لها، ومن عزم على الصبر عن معاصي الله أعانه الله على ذلك وعصمه عنها، ثم قال لي: أتراك تصبر لمحبته عن هواك فيخيب صبرك؟ لقد أساء بسيده الظن من ظن به هذا وشبهه. قال: ثم بكى وقال: نعمه رائحة وغادية على أهل معصيته، فكيف ييأس من رحمته أهل محبته؟. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/54].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: قال عمر بن ذر رحمه الله لرجل آذاه جار له: اصبر أي أخي، فوالله ما أرى أن لثواب الصبر في القيمة مِثلاً، أي أخي عليك بالصبر تدرك به ذخر أهله. واعلم أن الصبر مواهب، ولن يعطاه إلا من كرم على سيده، فاغتنمه ما قدرت عليه، لأنك ستجد عاقبته عاجلاً وآجلاً إن شاء الله. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/59].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: مرَّ وهب بن منبه رحمه الله برجل أعمى مجذوم مقعد عريان، وبه وضح، وهو يقول: الحمد لله على نعمته فقال رجلٌ كان مع وهب: أي شيء عليك من النعمة وأنت على هذه الحال؟! فقال الرجل: ارم ببصرك إلى أهل المدينة فانظر إلى كثرة أهلها، أو لا أحمد الله على نعمته أنه ليس أحد فيها يعرف الله غيري؟. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/60].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: كتب ابنُ السَّمَّاك رحمه الله إلى الرشيد يعزيه بابن له: أما بعدُ، فإن استطعتَ أن يكون شكرُك لله حينَ قَبضه أكثرَ من شكرِك له حينَ وهبه، فإنَّه حينَ قبضه أحرز لك هِبتَه، ولو سلِم لم تَسْلَم من فِتْنتِه؛ أرأيتَ حزنَك على ذهابه وتلهُّفَك لفِراقه! أرضِيتَ الدارَ لنفسك فتَرْضَاها لابنك! أمّا هو فقد خلَص من الكدر، وبقيتَ أنت معلَّقًا بالخَطَر. واعلم أن المصيبةَ مصيبتان إن جزِعْتَ، وإنما هي واحدة إن صبَرت، فلا تجمعِ الأمرين على نفسِك. [عيون الأخبار 3/59].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: عن حذيفة المرعشي قال: دخلنا مكة مع إبراهيم بن أدهم رحمه الله، فإذا شقيق البلخي قد حج في تلك السُّنَّة، فاجتمعنا في شق الطواف، فقال إبراهيم لشقيق: على أي شيء أصَّلتم أصلكم؟ قال: أصَّلنا أصلنا على أنا إذا رزقنا أكلنا، وإذا منعنا صبرنا، فقال إبراهيم: هكذا تفعل كلاب بلخ، فقال له شقيق: فعلى ماذا أصَّلتم؟ قال: أصَّلنا على أنا إذا رُزقنا آثرنا وإذا مُنعنا شكرنا وحمدنا، فقام شقيق فجلس بين يدي إبراهيم فقال: يا أستاذ، أنت أستاذنا. [الحلية (تهذيبه) 2 / 492].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: قال أبو عمرو الكندي: أغارت الروم على جَواميس لبشير الطبري رحمه الله نحوًا من أربعمائة جاموس، فركبتُ معه أنا وابن له، فلقينا عَبيدَهُ الذين كانَتْ مَعَهُم الجواميس معهم عِصِيُّهم، فقالوا: يا مولانا ذهبت الجواميس فقال: وأنتم أيْضًا اذهبوا معها، فأنتم أحرار لوجهِ الله تعالى، فقال له ابنه: يا أبهْ أفقَرتنا. قال: إنّ ربّي اختَبرني فأردتُ أن أزيده. [صفة الصفوة 4/451]. قال ابن رجب رحمه الله: ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر: أنّ الكرب إذا اشتدّ وعظم وتناهى، حصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، وتعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل عليه، كما قال تعالى: " وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " [الطلاق: 3]. [جامع العلوم والحكم / 264].
حكمــــــة
حال السلف مع الفتن والمحن: عن محمد بن أبي القاسم رحمه الله قال: وعظ عابد جبارًا فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، وحمل إلى متعبَّده، فجاء إخوانه يعزونه، فقال: لا تعزوني ولكن هنئوني بما ساق الله إلي. ثم قال: إلهي أصبحت في منزلة الرغائب، أنظر إلى العجائب. إلهي أنت تتودد بنعمك إلى من يؤذيك، فكيف توددك إلى من يؤذى فيك. [الحلية (تهذيبه) 3 / 295].
حكمــــــة
موقف السلف من قتال الفتنة وندم من خاض فيها: عن حذيفة رضي الله عنه. قال: إياكم والفتن، لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته، كما ينسف السيل الدمن، إنها مشبهة مقبلة، حتى يقول الجاهل: هذه تشبه، وتبين مدبرة. فإذا رأيتموها فاجثموا في بيوتكم، وكسروا سيوفكم، وقطعوا أوتاركم. [الحلية (تهذيبه) 1 / 205].
حكمــــــة
موقف السلف من قتال الفتنة وندم من خاض فيها: عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه. قال: إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادة يعرفونها، فبينما هم كذلك، إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يمينا وشمالاً فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدركنا ذلك، حتى جلى الله ذلك عنا، فأبصرنا طريقنا الأول، فعرفناه وأخذنا فيه، وإنما هؤلاء فتيان قريش، يقتتلون على هذا السلطان، وعلى هذه الدنيا، ما أبالي أن يكون لي ما يقتل بعضهم بعضا بنعلي هاتين الجرداوين. [الحلية (تهذيبه) 1 / 220].
حكمــــــة
موقف السلف من قتال الفتنة وندم من خاض فيها: عن نافع، عن ابن عمر رضى الله عنه؛ أنه أتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن أنت ابن عمر، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكر مناقبه – فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال: يمنعني أن الله تعالى حرّم علي دم المسلم، قال: فإن الله - عزَّ وجلَّ - يقول: " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ " [البقرة: 193] قال: قد فعلنا وقد قاتلناهم حتى كان الدين الله، فأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى يكون الدين لغير الله. [الحلية (تهذيبه) 1 / 211].
حكمــــــة
موقف السلف من قتال الفتنة وندم من خاض فيها: عن نافع قال: قيل لابن عمر رضى الله عنه زمن ابن الزبير والخوارج والخشبية: أتصلي مع هؤلاء، ومع هؤلاء وبعضهم يقتل بعضا؟ قال: من قال: حي على الصلاة أجبته، ومن قال: حي على الفلاح أجبته، ومن قال: حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت: لا!. [الحلية (تهذيبه) 1 / 220].
حكمــــــة
موقف السلف من قتال الفتنة وندم من خاض فيها: عن يسير بن عمرو: أن أبا مسعود الأنصاري رضى الله عنه لما قتل عثمان رضى الله عنه احتجب في بيته، فدخلت عليه فسألته فقال: عليك بالجماعة، فإن الله لن يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، واصبر حتى يستريح برٌّ، ويُستراح من فاجر. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/22].
حكمــــــة
موقف السلف من قتال الفتنة وندم من خاض فيها: عن أبي العالية رحمه الله قال: لما كان قتال علي ومعاوية كنت رجلاً شابًا فتهيأت، ولبست سلاحي ثم أتيت القوم فإذا صفان لا يرى طرفاهما قال: فتلوت هذه الآية: " وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا " [النساء: 93] قال: فرجعت وتركتهم. [الحلية (تهذيبه) 1 / 367].
حكمــــــة
حال السلف مع فتن الشهوات والنساء: قال ابن الجوزي رحمه الله: حدثنا عبد الله بن المبارك – وكان عاقلاً – عن أشياخ أهل الشام رحمهم الله، قالوا: من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولاً لم ينجُ آخرًا وإن كان جاهدًا. (قال ابن القيم رحمه الله: فما استعين على التخلص من الشر بمثل البعد عن أسبابه ومظانه. عدة الصابرين /86) [ذم الهوى / 144].
حكمــــــة
أقوال السلف وتوجيهاتهم نحو الفتن: قال ابن القيم رحمه الله: وقال لي شيخُ الإسلام رحمه الله ـ وقَد جعَلتُ أُورِدُ عليهِ إيرادًا بعدَ إيراد ـ: لا تجعَلْ قلبَكَ للإيراداتِ والشبهاتِ مثلَ السِّفِنْجَة، فيتشرَّبَها، فلا ينضح إلاّ بها، ولكنِ اجعَلْهُ كالزُّجاجَةِ المُصْمَتَةِ تَمُرُّ الشبهاتُ بظاهرها، ولا تَستَقرُّ فيها، فيراها بصفائهِ، ويدفعُها بصلابتهِ، وإلاّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبَكَ كلَّ شبهَةٍ تمرُّ عليها صارَ مَقَرًّا للشبهاتِ. أو كما قالَ. فما أعلمُ أنِّي انتَفَعتُ بوصيّةٍ في دفع الشبهاتِ كانتفاعي بذلك. [مفتاح دار السعادة 1 / 443]
حكمــــــة
أقوال السلف وتوجيهاتهم نحو الفتن: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: سمعت عمير بن هاني رحمه الله - وذكر الفتنة – فقال: طوبى لرجل صاحب غنم، إلى جانب علم. يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويقري الضيف، لا يعرفه الناس ويعرفه الله بتقواه وذلك العبد النومة(أي الذي لا يؤبه له). [الحلية (تهذيبه) 2 / 173].