8. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: قال مالك بن دينار رحمه الله: يا حملة القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض، فإن الله ينزل الغيث من السماء إلى الأرض، فيصيب الحش فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها أن تهتز وتخضر وتحسن، فيا حملة القرآن ماذا زرع في قلوبكم؟ أين أصحاب سورة؟ أين أصحاب سورتين؟ ماذا عملتم فيهما؟. [الحلية (تهذيبه) 1 / 418].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن عطاء بن السائب، أن أبا عبدِ الرحمن السُلمي رحمه الله قال: أخذنا القرآن عن قومٍ أخبرونا أنَّهم كانوا إذا تعلَّموا عَشرَ آياتٍ لم يجاوزوهُنَّ إلى العَشر الأُخَرِ حتى يعلمُوا ما فيهنّ، فكُنَّا نتعلّم القرآن والعَملَ به، وسيرِثُ القرآنَ بعدنا قوم يشربونَهُ شرب الماء لا يجاوزُ تراقِيَهُم. [السير (تهذيبه) 1/495].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: قال محمد بن عوف الحِمْصِيٌّ: رأيتُ أحمد بن أبي الحواري رحمه الله عندنا بأَنْطَرسُوس، فلما صلّى العَتَمَة(صلاة العشاء) قام يُصلِّي، فاستفتح بـ " الْحَمْدُ للّهِ " إلى " إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاك نَسْتَعِيْن " فطُفْت الحائط كلَّه، ثم رجعتُ، فإذا هو لا يجاوزُها ثم نمتُ، ومررت في السَّحَرِ، وهو يقرأ: " إيَّاك نَعْبُدُ " فلم يزل يُرَدِّدُها إلى الصبح. [السير (تهذيبه) 3/985].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: قال الفضيل بن عياض رحمه الله: حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى الخلق حاجة، لا إلى الخلفاء فمن دونهم، وينبغي أن يكون حوايج الخلق إليه. [الحلية (تهذيبه) 3 / 12].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: قال سالم الخواص رحمه الله: كنت أقرأ القرآن ولا أجد له حلاوة، فقلت لنفسي: اقرئيه كأنك سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت حلاوة قليلة، فقلت لنفسي: اقرئيه كأنك سمعتيه من جبريل - عليه السلام - حين يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فازدادت الحلاوة، ثم قلت لها: اقرئيه كأنك سمعتيه حين تكلم به. قال: فازدادت الحلاوة كلها. [الحلية (تهذيبه) 3 / 69].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال: إن الفتنة تُعرض على القلوب فأيّ قلب أنس بها نكتت فيه نكتةٌ سوداء، فإن أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا فلينظر، فإن كان يرى حرامًا كان يراه حلالاً، أو يرى حلالاً كان يراه حرامًا فقد أصابته الفتنة(هذا إذا كان عن هوىً، وأما إذا كان عن علم واتباع للدليل فهذا هو الواجب) [صفة الصفوة 1/290].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن أبي حازم رحمه الله قال: إن العبد ليعمل الحسنةَ تسرُّه حين يعملها، وما خلق الله من سيئة هي عليه أضرُّ منها، وإن العبد ليعمل السيئة تسوءه حين يعملها، وما خلق الله - عزَّ وجلَّ - من حسنة أنفع له منها، وذلك أن العبد حين يعمل الحسنة يتجبّر فيها، ويرى أن له فضلاً على غيره، ولعل الله - عزَّ وجلَّ - يُحبطها ويحبط معها عملاً كثيرًا، وإن العبد ليعمل السيئة تسوءه، ولعل الله - عزَّ وجلَّ - يُحدث له فيها وجَلاً، فيلقى الله وإن خوفَها لفي جوفه باقٍ. () [صفة الصفوة 2/493].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن محمد بن عُبادة المعافري قال: كُنَّا عند أبي شُريْح رحمه الله فكثرت المسائل، فقال: قد دَرِنَتْ قُلُوبُكم، فقوموا إلى خالد بن حُمَيد المهري استَقِلُّوا قلوبكم، وتعلَّموا هذه الرغائبَ والرقائق فإنها تُجدِّد العبادة، وتورث الزهادة، وتجر الصَّداقة، وأقِلُّوا المسائل، فإنها في غير ما نزل تُقسِّي القلب، وتُورِث العداوة. قال الذهبي رحمه الله: صدق والله، فما الظنُ إذا كانت مسائل الأصول، ولوازم الكلام في معارضة النَّص، فكيف إذا كانت مِن تشكيكات المنطق، وقواعد الحكمة، ودين الأوائل؟!. [السير (تهذيبه) 2 / 691].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن منذر قال: جاء ناس من الدهاقين إلى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، فتعجب الناس من غلظ رقابهم وصحتهم، فقال عبد الله: " إنكم ترون الكافر من أصح الناس جسمًا وأمرضه قلبًا، وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبًا وأمرضه جسمًا، وأيم الله لو مرضتْ قلوبكم وصحَّت أجسامُكم لكنتم أهون على الله من الجُعْلان ". [صفة الصفوة 1/190].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن جعفر قال: سمعت مالك بن دينار رحمه الله يقول: إن الصدق يبدو في القلب ضعيفًا، كما يبدو نبات النخلة يبدو غصنًا واحدًا، فإذا نتفها صبي، ذهب أصلها وإن أكلتها عنز ذهب أصلها فتسقى فتنشر، وتسقى فتنشر حتى يكون لها أصل أصيل يوطأ، وظل يستظلّ به، وثمرة يؤكل منها، كذلك الصدق يبدو في القلب ضعيفًا، فيتفقده صاحبه ويزيده الله تعالى. ويتفقده صاحبه فيزيده الله حتى يجعله الله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواء للخاطئين. قال: ثم يقول مالك: أما رأيتموهم؟ ثم يرجع إلى نفسه، فيقول: بلى! والله لقد رأيناهم؛ الحسنُ، وسعيدُ بن جبير وأشباههم، الرجل منهم يحيي الله بكلامه الفئام من الناس. [الحلية (تهذيبه) 1 / 418].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن معقل بن عبيد الله الجزري رحمه الله قال: كانت العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات، وإذا غابوا كتب بها بعضهم إلى بعض أنه: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن اهتم بأمر آخرته كفاه الله أمر دنياه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/177].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: قال حامد الأسود: كنت مع إبراهيم الخوّاص رحمه الله في سفر، فدخلنا إلى بعض الغِيَاض، فلما أدركنا الليل إذا بالسباع قد أحاطت بنا فجزعتُ لرؤْيتها وصعدتُ إلى شجرة، ثم نظرتُ إلى إبراهيم وقد استلقى على قفاه، فأقبلَتِ السباع تلحَسُه من قَرنه إلى قدميه، وهو لا يتحرّك، ثم أصبحنا وخرجنا إلى منزل آخر وبِتنا في مسجد فرأيت بَقَّةً وقعت على وجه إبراهيم فلسَعتْه، فقال: أخٌ، فقلت يا أبا إسحاق أيُّ شيءٍ هذا التأوّه؟ أين أنت من البارحة؟ فقال: ذاك حال كنتُ فيه بالله، وهذا حال أنا فيه بنفسي. [صفة الصفوة 4/347].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: قال إسماعيل بن زياد: قدم علينا عبد العزيز بن أبي سلمان رحمه الله في بعض قدماته فأتيناه نسلم عليه، فقال لنا: صفُّوا للمنعم قلوبكم يكفيكم المؤن عند همكم، ثم قال: أرأيت لو خدمت مخلوقًا فأطلت خدمته، ألم يكن يرعى لخدمتك حرمة، فكيف بمن ينعم عليك، وأنت تسيء إلى نفسك، تتقلب في نعمه، وتتعرض لغضبه، هيهات همتك همة البطالين، ليس لهذا خلقتم ولا بذا أمرتم، الكيس الكيس رحمكم الله تعالى. وقال عبد الله بن إدريس رحمه الله: لو أن رجلاً انقطع إلى رجل لعرف ذلك فكيف بمن له السموات والأرضون. [موسوعة ابن أبي الدنيا 2/270].
حكمــــــة
عناية السلف بالقلب: عن شقيق بن إبراهيم رحمه الله قال: كنتُ شاعرًا، فرزقني الله التوبةَ، وخرجتُ من ثلاث مئة ألف درهم، ولبستُ الصُّوف عشرين سنة، ولا أدري أنِّي مرُاءٍ حتى لقيتُ عبدَ العزيز بن أبي روَّاد، فقال: ليس الشأنُ في أكل الشعير ولُبْس الصوفِ، الشأنُ أنْ تَعْرِفَ اللهَ بقلبكَ، ولا تُشرِكَ به شيئًا، وأن تَرْضى عن الله، وأن تكونَ بما في يدِ اللهِ أوثقَ منك بما في أيدي الناس. [السير (تهذيبه)]