1. من رسالة الإمام مالك لهارون الرشيد
اذكر نفسك في غمرات الموت وكربه، وما نازل بك منه، وما أنت موقوف عليه بعد الموت من العرض على الله سبحانه، ثم الحساب، ثم الخلود بعد الحساب .
أعد لله عز جل ما يسهل به عليك أهوال تلك المشاهد وكربها؛ فإنك لو رأيت أهل سخط الله تعالى، وما صاروا إليه من ألوان العذاب، وشدة نقمته عليهم، وسمعت زفيرهم في النار وشهيقهم، مع كلوح وجوههم، وطول غمهم، وتقلبهم في دركاتها على وجوههم، لا يسمعون ولا يبصرون، ويدعون بالويل والثبور . وأعظم من ذلك حسرة إعراض الله تعالى عنهم، وانقطاع رجائهم، وإجابته إياهم بعد طول الغم بقوله : " اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ " [المؤمنون : 108]- لم يتعاظمك شيء من الدنيا إن أردت النجاة من ذلك، ولا أأمنك من هوله، ولو قدمت في طلب النجاة منه جميع ما ملك أهل الدنيا – كان في معاينتك ذلك صغيرًا .
لو رأيت أهل طاعة الله تعالى وما صاروا إليه من كرم الله عز وجل، ومنزلتهم مع قربهم من الله عز وجل، ونضرة وجوههم، ونور ألوانهم، وسرورهم بالنعيم المقيم، والنظر إليه والمكانة منه؛ لتقلل في عينك عظيم ما طلبت به صغير ما عند الله، ولصغر في عينك جسيم ما طلبت به صغير ذلك من الدنيا . فاحذر على نفسك حذرًا غير تغرير، وبادره بنفسك قبل أن تسبق إليها، وما تخاف الحسرة منه عند نزول الموت، وخاصم نفسك على مهلٍ، وأنت تقدر بإذن الله على جر المنفعة إليها، وصرف الحجة عنها، قبل أن يتولى الله حسابها . ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها، واجعل من نفسك لنفسك نصيبًا بالليل والنهار، وصل من النهار اثنتي عشرة ركعة، واقرأ فيهن ما أحببت، إن شئت صلهن جميعًا، وإن شئت متفرقات؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة بني الله له بيتًا في الجنة» .
صل من الليل ثمان ركعات بجزء من القرآن، وأعط كل ركعة حقها، والذي ينبغي فيها من تمام الركوع والسجود, وصلهن مثنى مثنى؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل ثمان ركعات، والوتر ثلاث ركعات سوى ذلك يسلم من كل اثنتين. وصم ثلاثة أيام من كل شهر: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذلك صيام الدهر» .
أعط زكاة مالك طيبة بها نفسك حين يحول عليها الحول ولا تؤخرها بعد حلها، وضعها فيمن أمر الله تعالى، ولا تضعها إلا في أهل ملتك من المسلمين، فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن الله تعالى لم يرض من الصدقة بحكم نبي ولا غيره حتى حدها هو على ثمانية أجزاء. قال عز وجل : " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ " [التوبة : 60]» .
احجج حجة الإسلام من أطيب مالك وأزكاه عندك؛ فإن الله تعالى لا يقبل إلا طيبًا، وبلغني أن قوله تعالى : " فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ " [البقرة : 203] غفر له .
مر بطاعة الله وأحبب عليها، وانه عن معاصي الله تعالى، وأبغض عليها؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر؛ فإنما هلك من كان قبلكم بتركهم نهيهم عن المعاصي، ولم ينههم الربانيون والأحبار»؛ فمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر من قبل أن ينزل بكم الذي نزل بهم؛ فإن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لا يقدم أجلاً، ولا يقطع رزقا .
أحسن إلى من خولك الله تعالى، واشكر تفضيله إياك عليهم؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي فانصرف، وقال : «أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه جبهة ملك ساجد، فمن كان له خول فليحسن إليه، ومن كره فليستبدل، ولا تعذبوا خلق الله» .
الزم الأدب من وليت أمره وأدبه، ومن يجب عليك النظر في أمره؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للفضل بن العباس : «لا ترفع عصاك عن أهلك، وأخفهم في الله» .
لا تستسلم إلى الناس واستجرهم في طاعة الله، لا تغمص الناس، واخفض لهم جناحك؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ألا أحدثكم بوصية نوح ابنه؛ قال : آمرك باثنين، وأنهاك عن اثنين، آمرك بقول لا إله إلا الله، فإنها لو كانت في كفة، والسموات والأرض في كفة وزنتها، ولو وضعتها على حلقة قصمتها» .
قل : سبحان الله وبحمده؛ فإنها عبادة الخلق، وبها تقطع أرزاقهم؛ فإنهما يكثران لمن قالهما الولوج على الله عز وجل، وأنهاك عن الشرك والكبر؛ فإن الله محتجب عنهما فقال له بعض أصحابه : أمن الكبر أن يكون لي الدابة النجيبة ؟ قال : لا , قال : أمن الكبر أن يكون لي الثوب الحسن , قال : لا، قال : أفمن الكبر أن يكون لي الطعام أجمع عليه الناس ؟ قال : لا , إنما الكبر أن تسفه الحق، وتغمص الخلق، وإياك والكبر والزهو؛ فإن الله عز وجل لا يحبهما، وبلغني عن بعض العلماء أنه قال : «يحشر المتكبرون يوم القيامة في صور الذر تطؤهم الناس بتكبرهم على الله عز وجل».
لا تأمن على شيء من أمرك من لا يخاف الله، فإنه بلغني عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال : شاور في أمرك الذين يخافون الله، احذر بطانة السوء، وأهل الردى على نفسك . فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما من نبي ولا خليفة إلا وله بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً، وهو مع التي استولت عليه، ومن وقي بطانة السوء فقد وقي».
استبطن أهل التقوى من الناس، وأكرم ضيفك؛ فإنه يحق عليك إكرامه، وارع حق جارك ببذل المعروف، وكف الأذى عنه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» .
تكلم بخير أو اسكت؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليمسك» .
اتق فضول المنطق؛ فإنه بلغني عن ابن مسعود أنه قال : أنذركم فضول المنطق، وأكرم من وادَّك، وكافئه بمودته، وإياك والغضب في غير الله، لا تأمر بخير إلا بدأت بفعله، ولا تنه عن سوء إلا بدأت بتركه، دع من الأمر ما لا يعنيك؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» .
اتق كثرة الضحك؛ فإنه يدعو إلى السفه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ضحكه كان تبسمًا.
لا تمزح فتدم نفسك؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقًا» .
لا تخالف إلى ما نهيت عنه، وإذا نطقت فأوجز؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «وهل يكب الناس في نار جهنم إلا هذا»؛ يعني لسانه .
لا تصعر خدك للناس؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن أهل الجنة كل هين لين سهل طلقٍ» .
اترك من أعمال السر ما لا يحسن بك أن تعمله في العلانية، اتق كل شيء تخاف فيه تهمة في دينك ودنياك، بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم» .
أقلل طلب الحوائج من الناس؛ فإن في ذلك غضاضة، وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل: «لا تسأل الناس، وليكن مجلسك بيتك أو مسجدك»، وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «المساجد بيوت المتقين» .
لا تكثر الشخوص من بيتك إلا في أمر لا بد منه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ستة مجالس المسلم ضامن على الله ما كان في شيء منهن: في سبيل الله، أو في بيت الله، أو في عيادة مريضٍ، أو شهود جنازة أو جمعة، أو عند إمام مقسط يعزره ويوقره».
أحسن خلقك مع أهلك، ومن اعتز بك؛ فإن ذلك رضا لربك، ومحبة في أهلك، ومثراة في مالك، ومنسأة في أجلك؛ فإنه بلغني عن بعض العلماء من الصحابة أنه قال ذلك .
أحسن البشر إلى عامة الناس، واتق شتمهم وغيبتهم؛ فإن الله تعالى قال : " أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ " [الحجرات: 12]، وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا تشتم الناس» .
اتق أهل الفحش، ومجالسة أهل الردى، ومحادثة الضعفة «أي ضعفاء العقول» من الناس؛ فإنه بلغني عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : اعتبر الناس بأخدانهم فإنما يخادن الرجل الرجل مثله .
أكرم اليتيم، وارحمه، واعطف عليه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من كفل يتيمًا له أو لغيره كنت أنا وهو في الجنة كهاتين». وأشار بأصبعيه فضمهما .
اعرف لابن السبيل حقه، واحفظ وصية الله تعالى فيه؛ فإنه بلغني أن أول من ضاف الضيف إبراهيم الخليل عليه السلام .
أعن المظلوم، وانصره ما استعطت، وخذ على يد الظالم، وادفعه عن ظلمه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من مشى مع مظلومٍ حتى يثبت له حقه، ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام» .
اتق اتباع الهوى في ترك الحق؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إني أخاف عليكم اثنتين: اتباع الهوى، وطول الأمل»؛ فإن اتباع الهوى يصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة .
أنصف الناس من نفسك ولا تستطل عليهم؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أشرف الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حالٍ، ومواساة الأخ من المال، وإنصاف الناس من نفسك» .
اغضض بصرك عن محارم الله؛ فإنه بلغني عن علي – رضي الله عنه – أنه قال : لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك النظرة الأولى، وليست لك الأخرى .
اتق المطعم الوبي، والمشرب الوبي، والملبس الوبي؛ فإن ذلك تذهب أنفته، وتبقى عاقبته، وإن الله سبحانه أدب رسله فقال : " كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا " [المؤمنون : 51] وقال النبي عليه الصلاة والسلام : «من أكل بأخيه المسلم أكلة، أطعمه الله مكانها أكلة من نار، ومن سمع بأخيه المسلم سمع الله به يوم القيامة، ومن لبس بأخيه المسلم ثوبًا، ألبسه الله مكانه ثوبًا من نار» .
اقبل عذر من اعتذر إليك، وارجع عما كرهت؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يعذره كان عليه مثل وزر صاحب مكس».
لتكن يدك العليا على كل من خالطت؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى» .
اصحب الأخيار؛ فإنهم يعينونك على أمر الله عز وجل؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما تحاب رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه» .
صل رحمك وإن قطعك، ولا تكافئه بمثل ما أتي إليك؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال له : «إن لي أقرباء، أعفو ويظلموني، وأصل ويقطعوني، وأحسن ويسيؤوني، أفؤكافئهم ؟» فقال صلى الله عليه وسلم : «إذن تتركوا جميعًا؛ ولكن إذا أساؤوا فأحسن؛ فإنه لن يزال لك عليهم من الله ظهير» .
ارحم المسكين المضطر، والغريب المحتاج، وأعنه على ما استطعت من أمره؛ فإنه بلغني عن ابن عباس أنه قال : «كل معروف صدقة» .
ارحم السائل، واردده من بابك بفضل معروفك، بالبذل منك، أو قولٍ معروف تقوله له؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «رد عنك مذمة السائل بمثل رأس الطير من الطعام» .
لا تزهد في المعروف عند من تعرفه، وعند من لا تعرفه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا تزهد في المعروف ولو أن تصب من دلوك في إناء المستقي» .
أرد بكل ما يكون منك من خير إلى أحدٍ لله؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قوله عز وجل : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ ......" [الماعون: 4 – 5] الآية , قال : المنافق الذي إن صلى راءى، وإن فاتته لم يبلغ إليها " وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ " [الماعون : 7]؛ قال : الماعون : الزكاة التي فرضها الله عز وجل .
إياك والرياء؛ فإنه بلغني أنه لا يصعد عمل المرائي إلى الله عز وجل، ولا يزكيه عنده، إن استطعت أن تعمل بعملٍ ما عملت فيما بينك وبين الله فافعل؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «نضر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها حتى يبلغها غيره، فرب غائب أحفظ من شاهد ورب حامل فقهٍ غير فقيهٍ» .
لا يغفل قلب امريٍ مسلم عن ثلاث خصال: إخلاص العمل لله، والنصيحة للإمام العادل، والنصيحة لعامة المسلمين؛ فإن دعوتهم تحبط من ورائهم .
إياك وسوء الخلق؛ فإنه يدعو إلى معاصي الله تعالى، وقد بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «خياركم أحسنكم أخلاقًا» .
اخضع لله إذا خلوت بعملك؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أن ملكًا أتاه فقال : إن ربك يقرئك السلام ويقول : إن شئت أجعلك ملكًا نبيًا أو عبدًا نبيًا، فأشار إليه جبريل- عليه السلام- أن تواضع، فما أكل متكئًا حتى مات» .
لا تظلم الناس فيديلهم الله عليك؛ فإنه بلغني عن بعض العلماء من الصحابة أنه قال : ما ظلمت أحدًا أشد علي ظلمًا من أحدٍ لا يستعين علي إلا بالله تعالى .
احذر البغي فإنه عاجل العقوبة؛ بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن أعجلَ الخير ثوابًا صلة الرحم، وإن أعجل الشر عقوبة اليمين الغموس تترك الديار بلاقع» .
لا تحلف بغير الله في شيء؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا تحلفوا بآبائكم، ليحلف حالف بالله أو ليسكت» ولا تحلف بالله في كل شيء؛ فإنه بلغني أن ذلك قوله تعالى : " وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ " [البقرة : 224] .
ارحم الناس يرحمك الله؛ بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله» .
أحبب طاعة الله يحبك الله، ويحببك إلى خلقه، قال عز وجل لنبيه : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " [آل عمران : 31] . وقال عليه الصلاة والسلام : «إن الله جعل قرة عيني في السجود»، وقال بعض العلماء : ما أسر عبد قط سريرة خير إلا ألبسه الله رداءها، ولا أسر سريرة شر قط إلا ألبسه الله رداءها .
ليكن عليك السكينة والوقار في منطقك ومجلسك ومركبك؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إذا ركبتم هذه الدواب العجم فأعطوها حظها من الأرض» .
عليك بالحلم والإغضاء عما كرهت، ولا تتبع ذلك من أحدٍ بلغك عنه أذي، ولا تكافئه؛ فإن في ذلك الفضل في الدنيا والآخرة؛ بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن الله يحب الحليم الحيي العفيف المتعفف» .
ادفع السيئة بالتي هي أحسن؛ بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أيها السلمي اتق العقوق وقطعية الرحم؛ فإن في ذلك شيئًا في الدنيا وتباعدًا في الآخرة» وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «اشتكت الرحم إلى الله عز وجل ممن يقطعها، فرد الله عليها أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك» .
إذا غضبت من شيء من أمر الله فاذكر ثواب الله على كظم الغيظ، قال عز وجل : " وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ " [آل عمران : 134] الآية , وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما امتلأ رجل غيظًا فكظمه لله إلا ملاه الله رضوانًا يوم القيامة».
إذا وعدت موعدًا في طاعة الله فلا تخلفه، وإذا قلت قولاً فيه رضا الله فأوف به ودم عليه؛ بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من تكفل بست أتكفل له بالجنة : إذا حدث لم يكذب، وإذا وعد لم يخلف، وإذا ائتمن لم يخن، وغض بصره، وحفظ فرجه، وكف يده» .
إذا حلفت على يمين ليست من طاعة الله فلا تهمن بها وكفرها؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا نذر في معصية الله وكفارتها كفارة يمين، والنذر يمين، وإذا حلفت على يمين ثم رأيت غيرها خيرًا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك»؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك .
إياك والتزيد في القول، وأن تقول قولاً وأنت تعلم أنه لم يكن؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، الإمام الكذاب، والعائل المزهو، والشيخ الزاني» .
بر والديك وخصهما منك بالدعاء في كل صلاة، وأكثر لهما الاستغفار، وابدأ بنفسك قبلهما؛ فإن إبراهيم – عليه السلام – قال : " رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ " [إبراهيم : 41]؛ فبدأ بنفسه قبل والديه، وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من سره أن ينسأ له في عمره، ويزاد في رزقه، فليتق الله ربه، وليصل رحمه» .
اشكر الناس ما أتوا إليك من خيرهم، وكافئهم إن قدرت عليه؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» .
إذا ركبت دابة فوضعت رجلك في الركاب، فقل : بسم الله، وإذا استويت راكبًا فقل : " سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ "... [الزخرف : 13] الآية؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك كلما ركب دابة .
إذا أكلت أو شربت فاذكر اسم الله؛ فإن نسيت في أول حالك فاذكره إذا ذكرت؛ بلغني عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: تذكر اسم الله حين تذكر؛ فإنه يحول بين الخبيث، وبين أن يأكل معك، ويتقيأ ما أكل، فإذا فرغت فقل : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك إذا أكل وشرب , وإذا أكلت ومعك آخر، فكل مما يليك بيمينك، ولا تأكل من فوق الطعام ولا من بين يدي أحد؛ فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجلٍ يفعله: «اذكر اسم الله، وكل مما يليك»، وكل بيمينك ولا تأكل بشمالك، ولا تشرب بشمالك، وبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إنها أكلة الشيطان» .