2. فوائد من كتاب أطايب الجنى لعبد الملك القاسم
إن شهر رمضان شهر القرآن، فكيف احتفاؤك به وفرحك به؟ اجعل لنفسك نصيبًا ثابتًا تقرؤه كل يوم وتواظب عليه, ولو رتَّبْت لك جزءًا تقرؤه قبل كل صلاة أو بعدها لقرآت في اليوم خمسة أجزاء، قال صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» [رواه مسلم].
إن شهر رمضان فرصة للمحافظة على أداء النَّوافِل والمُستحبات ومن ذلك: المحافظة على السُّنَن الرواتب، قال صلى الله عليه وسلم : «من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر» [رواه النسائي].
في رمضان تتقلب بين أنواع العبادات ومن ذلك: الصلاة على الجنائز وتشييعها، وقد وَرَدَ الفضل في ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنائز حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين» [رواه البخاري ومسلم].
قال ابن القيم: "وأمَّا بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق ورفع صوت، كمَا لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا، ويسمع لصدره أزيز كأزيز المِرْجل، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفًا على أمَّتِه وشفقة عليها، وتارة من خشية الله، وتارة عند سماع القرآن".
ملازمة الدعاء والتضرع إلى الله عَزَّ وجَلَّ أخذًا بأسباب رفع البلاء ودفع الشقاء، ومَنْ مثلك أحرى وأولى بمناجاة ربه، قال تعالى عن خليله إبراهيم: ﴿وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ [مريم: 48].
عن محمد بن سيرين أنه رحمه الله قال: "ما غشيت امرأة قط؛ لا في يقظة ولا في نوم غير أم عبد الله، وإني لأرى المرأة في المنام، فأعلم أنها لا تِحلُّ لي، فأصرف بصري". قال بعضهم: "ليت عقلي في اليقظة، كعقل ابن سيرين في المنام".
كثرة الدعاء والإلحاح على الله عَزَّ وجَلَّ رجاء الثبات على هذا الدين حتى الممات ورجاء صلاح الزوج والذرية، ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [إبراهيم: 40]. قال ابن القيم: وأبغض خلقه: عدوه إبليس، ومع هذا فقد سأله حاجةً فأعطاه إياها، ومتَّعه بها، ولكن لمَّا تكن عونًا له على مرضاته، كان زيادة له في شقوته، وبعده عن الله وطرده عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن المعاصي في الأيام المُفضَّلة والأماكن المُفضَّلة تَغْلظ، وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان". [مجموع الفتاوى].
سُئِلَ الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "ما حكم رفع اليدين في الدُّعاء بين خطبتي الجمعة؟ فأجاب: مشروع وأنا أفعله إذا لم أكن الخطيب".
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما تقرَّبت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها".
إذا دعا المسلم لنفسه، ولغيره فليبدأ بنفسه ثم بغيره لحديث أُبَي بن كعب: «إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذُكِرَ أحدٌ فدعا له بدأ بنفسه». [رواه الترمذي]، وفي القرآن ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ [نوح: 28] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا﴾ [الحشر: 10].
كان محمد بن المنكدر: إذا بكى مسح وجهه ولحيته بدموعه ويقول: بلغني أن النَّار لا تأكل موضعًا مَسَّته الدُّموع، وذكر أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان يصلي ذات ليلة فقرأ: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾ [غافر: 71، 72] فجعل يُرَدِّدها ويبكى حتى أصبح.
كان النبى صلى الله عليه وسلم يجتهد في العَشر فوق ما كان يجتهد في غيرها، وكان يحيى الليل ويُوقِظ أهله، وفي العَشر ليلة خير من ألف شهر، «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري]. والعبرة كمال النهاية لا نقص البداية، فأر الله منك خيرًا.
دنا الفِرَاق وقرب الوداع .. حان وقت التوبة والأوبة .. بقيت سويعات؛ اسكب العبرات، وأكثر من المناجاة، و"إذا جلست في الظلام بين يدي الملك العلام؛ فاستعمل أخلاق الأطفال! فالطفل إذا طلب شيئًا فلم يُعْطه بكى حتى يأخذه" [ابن الجوزي].
قال الحسن: لقد رأيت أقوامًا يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتًا، فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله، فيتصدق ببعضه وهو أحوج ممن يتصدق عليه. [تهذيب الكمال].
قال الإمام النووي في كتابه الأذكار النووية: أجمع العلماء على جواز الذِّكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت». [رواه البخاري].
قال النبى صلى الله عليه وسلم : «ليس الواصل بالمُكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعتَ رحمه وصلها» [رواه البخاري]. قال ابن حجر: فههنا ثلاث درجات: واصل، ومُكافئ، وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يُتفضل عليه، والمُكافئ من يصل ولا يزيد على ما يأخذ، والقاطع: الذي يُتفضل، وهو لا يتفضل. كما تقع المُكافأة بالصلة بين الجانبين؛ كذلك تقع المقاطعة من الجانبين, فمن بدأ حينئذ فهو الواصل، فإنْ جُوزي سُمِّي من جازاه مُكافئًا.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن المؤذنين يَفْضلوننا ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قُلْ كَمَا يقولون، فإذا انتهيت فَسَلْ تُعْطَه». [رواه أبو داود].
قال أحمد بن حرب : عبدتُ الله خمسين سَنَة، فما وجدتُ حلاوة العبادة حتى تركتُ ثلاثة أشياء: تركتُ رضى الناس حتى قدرتُ أن أتكلم بالحق، وتركتُ صحبة الفاسقين حتى وجدتُ صحبة الصالحين، وتركتُ حلاوة الدنيا حتى وجدتُ حلاوة الآخرة. [السير].
قال ابن القيم رحمه الله : فإن الصدقة تفدي من عذاب الله تعالى؛ فإن ذنوب العبد وخطاياه تقتضي هلاكه فتجيء الصدقة تفديه من العذاب، وتفكه منه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لمَّا خطب النساء يوم العيد: «يا معشر النساء، تصدقن ولو من حِلْيكُنَّ؛ فإني رأيتكُنَّ أكثر أهل النار», وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار.
ضابط الإخلاص : أن تكون نِيَّتك في هذا العمل لله لا تريد بها غير الله، لا رياءً ولا سُمعةً ولا رِفعةً ولا تزلفًا عند أحد، ولا تترقب من الناس مدحًا ولا تخشى منهم قَدْحًا، فإذا كانت نِيَّتك لله وحده ولم تزين عملك من أجل البشر فأنت مُخْلِص، يقول الفضيل بن عِياض: "العمل لأجل الناس شِرك, وترك العمل لأجل الناس رياء, والإخلاص أن يُعافيك الله منهما" فأخلص جميع أعمالك له سبحانه ولا تَتَطلع لأحد، وأدخل نفسك في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162، 163].
سُئِل ابن تيمية عن خديجة وعائشة : أُمي المؤمنين أيهما أفضل ؟ قال رحمه الله: "بأن سبق خديجة، وتأثيرها في أول الإسلام؛ ونصرها، وقيامها في الدين, لم تُشْركها فيه عائشة، ولا غيرها من أُمَّهات المؤمنين وتأثير عائشة في آخر الإسلام، وحمل الدين، وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تُشْركها فيه خديجة، ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها". [مجموع الفتاوى].
إن ألطاف الله على أوليائه لا تتصورها العقول لا تُعَبِّر عنها الكلمات؛ فأم موسى ألهمها الله أن تُلقيه في اليَّمِّ ثُمَّ بَشَّرها بِرَدِّه، ولولا ذلك لقضى عليها الحزن، ثُمَّ حُرِّمَ عليه أن يرضع من غيرها، فكانت العاقبة أن تُرْضِعه جهرًا وتأخذ عليه أجرًا، وتسمى أُمُّه قدرًا وشرعًا، فاطمأن قلبها وازداد إيمانها، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم. [تفسير ابن سعدي].
قال الله تعالى في أحسن وصف وأبلغ تعبير لموقف عظيم: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: 29]، بدأ الميت يطوي قدميه عن الأرض ويجمعهما؛ ليغادر الدنيا التي طالما ركض وسعى في أرجائها، وغبر قدمه في مناكبها، عندها تبدأ مسيرة الآخرة ورحلة الجزاء والحساب ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: 30].
قال سعيد بن جُبَير: ما أُعْطِي أحد في المُصيبة ما أُعطيت هذه الأمة – يعني الاسترجاع (إنا لله وإنا إليه راجعون) – ولو أُعطيها أحد؛ لأُعطيها يعقوب عليه السلام، ألَا تسمع لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ [يوسف: 84].
قال ابن تيمية عن السمع والبصر : "إدراك السمع أعمُّ وأشمل، وإدراك البصر أتمّ وأكمل، فهذا له التمام والكمال، وذلك له العموم والشمول، فقد ترجح كل منهما بما اختص به".
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر: 27-30] يقال هذا القول للمؤمن عند النَّزْع في آخر لحظة من لحظات حياته في الدنيا، وقد أضاف سبحانه الجنة إلى نفسه تشريفًا لها وتعظيمًا، وإعلامًا للخلق بعنايته بها جَلَّ وعُلا.
إن من الذنوب التي تحول بين الإنسان والخير : قطيعة الرَّحم التي قال تعالى عن قاطعها: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 23] قال بعض العلماء: "إن الإنسان إذا قطع رحمه أصابه الصمم وعمى البصيرة، والمراد بالصمم: أنه لا تنفع فيه موعظة ولو عُرِضت عليه المواعظ التي تفتت الجبال ... ما أثرَّت فيه، ولو أثرَّت فيه تكون وقتية ثم تزول، ﴿وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ فلا يرون خيرًا ولا يوفقون لطاعة.
قال ابن خُزَيمة: سمِعت المزني يقول عن كتابه (مختصر المزني): كنت في تأليف هذا الكتاب عشرين سَنَة، وألفته ثمان مرَّات وغيرته، وكنت كلما أردت تأليفه أصوم قبله ثلاثة أيام وأُصَلِّي كذا وكذا ركعة. [مناقب الشافعي].
﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف: 15]. قال الشوكاني: وفي هذا دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سَنَة أنْ يستكثرَ من هذه الدَّعْوات. [فتح القدير 5/18].
خُلُق الكرام شُكْر المعروف والمُكَافأة عليه، لمَّا سقى مُوسى عليه السلام للمرأتين تولَّى إلى الظلِّ، فكانت الدعوة من الرجل الصالح: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ [القصص: 25] وفي الحديث: «من صُنِع إليه معروف, فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثَّناء» [رواه الترمذي].
القلوب إذا تفرقت لا تجتمع إلا إذا صَلُحت السرائر وسَمَت النُّفُوس، وإذا تفرقت فهنا مقام: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134] ثلاث درجات كلها لأصحاب الهِمَم العالية والأجور العظيمة: كَظْم غيظ وعَفْو وإحسان.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "الكعبة نفسها – زادها الله تشريفًا وتكريمًا – لا يتبرك بها ولا يقبل منها إلا الحجر الأسود فقط ولا يمسح منها إلا هو والرُّكْن اليماني؛ والحكمة من تقبيل الحجر الأسود أو مسحه أو مسح الرُّكْن اليماني هي: طاعة الله واتِّبَاع شَرْعه ...والتزام الكعبة ليس فيه التمسح بحال، إنما هو إلصاق الخَدِّ والصدر واليدين اشتياقًا، وأسفًا على الفراق تارة، وذُلاً لله وخشية تارة أخرى" [يُنْظر فتاوى الشيخ] .
إن الكِبْر والعُجْب والرِّياء من أمراض القلوب الباطنة التي أمر الله عزَّ وجلَّ المسلم باجتنابها، وبعض النَّاس لامسته هذه الأدواء وهو لا يشعر، والله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾ [الأنعام: 120].
هو لكِ أُنْس وقُرْب، ومودة ورحمة، ومقام أب ومكانة أم، ومنزلة أخ وأخت .. زَوْج جمع لك أطراف المحبة والحنان والعون والمُساعدة .. دخلتِ تحت كنفه وأظلكِ فَيْئُه وتنعمتِ بالعيش معه!! هو لكِ شِعَار ودِثار وماء وهواء ونِسمة صباح ومساء! أنسيتِ حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه» [رواه النَّسائي].
قال ابن القيم رحمه الله: المُرضع مَنْ لها ولد تُرْضعه، والمُرْضِعة من ألقمت الثدي للرضيع، وعلى هذا فقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ [الحج: 2] أبلغ من مرضع في هذا المقام.
البيوت السعيدة .. هادئة ساكنة مطمئنة لا صوت لها! إنمَّا هي هَمْسة هَمْسة!! وفي الحديث: «إن الله إذا أراد بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرِّفق» [رواه أحمد].
ُذكِرَ أن أعرابيًا سمع قارئًا يقرأ: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات: 22، 23] فقال: يا سبحان الله من الذي أغضب الجليل حتى حلف! ألم يُصِّدقوه في قوله حتى ألجؤوه إلى اليمين؟ يا ويْحَ النَّاس!
إن اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات» [رواه البخاري]. وإذا طُرِدت المسلمة من رحمة الله فإلى أين الملجأ والملاذ؟ فتقربي إلى ربك بترك المحرمات التي نهى الشارع عنها.
إن الجدال ورفع الأصوات معركة لا نهاية لها ولن يفوز فيها أحد، والشرع قد حذَّر من الجدال إلا بالتي هي أحسن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحِقًّا» [رواه أبو داود].
قال ابن مسعود: "إن العبد لَيَهِمُّ بالأمر في التجارة والإمامة حتى يُيسر له، فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه فإنه إن يسرته له أدخلته النار فيصرفه الله عنه، فظلَّ يتطير بقوله: سَبَّني فلان، وأهانني فلان، وما هو إلا فَضْل الله عَزَّ وجَلَّ" [جامع العلوم والحكم].
قال ابن تيمية رحمه الله: "والفرق ثابت بين الحُبِّ لله والحُبِّ مع الله، فأهل التوحيد والإخلاص يحبون غير الله لله، والمشركون يحبون غير الله مع الله، كحُبِّ المشركين لآلهتهم، وحُبِّ النصارى للمسيح، وحُبِّ أهل الأهواء رؤوسهم" [مجموع الفتاوى].
﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 8-10] قرأ الفضيل بن عياض ليلة هذه الآية فبَكَى، فسُئِل عن بكائه، فقال: هل بِتَّ ليلةً شاكرًا لله أن جعل لك عينين تُبْصر بهما، هل بِتَّ ليلةً شاكرًا الله أن جعل لك لسانًا تنطق به، وجعل يُعدد من هذه النعم.
قال أبو إسحاق القُرَشي: كتب إِلَيَّ أخي من مكة: يا أخي!! إن كنت تصدقت بما مضى من عمرك على الدنيا، وهو الأكثر، فتصدق بما بقي من عمرك على الآخرة وهو الأقل.
ستة أخوة خرجوا من رحم واحد ودرجوا في دار واحدة! لكن ما ُرئِيت قبور أشد تباعدًا من قبورهم! تباعدت لخدمة الدين ونشره: استشهد الفضل في وقعة أجنادين بفلسطين، ومعبد وعبد الرحمن استشهدا بإفريقية، وقثم بسمرقند، ومات عُبَيد الله باليمن، وعبد الله بالطائف! إنهم أبناء العباس وأُمُّهم أم الفضل! .
سُئِل ابن تيمية رحمه الله عن عَشر ذي الحجة والعَشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟ فأجاب: "أيام عَشر ذي الحجة أفضل من أيام العَشر في رمضان، والليالي العَشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عَشر ذي الحجة".
التكبير نوعان مُطْلق ومُقَيد. جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء: "يشرع في عيد الأضحى التكبير المطلق، والمقيد، فالتكبير المطلق في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق؛ أمَّا التكبير المقيد فيكون في أدبار الصلوات المفروضة من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وقد دَلِّ على مشروعية ذلك الإجماع، وفعل الصحابة رضي الله عنهم".
عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر» [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي]. وقال عليه الصلاة والسلام: «ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خَرِيفًا» [متفق عليه]. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: "إنه مستحب استحبابًا شديدًا".
إن الأُضحية سُنَّة مُؤَكدة، ويكره تركها مع القدرة عليها؛ لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم «ضحَّى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمَّى وكبَّر» [البخاري].ولقوله صلى الله عليه وسلم : «ما عمل ابن آدم عملاً أحب إلى الله من إراقة الدَّم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها، وأظلافها، وأشعارها، وإنَّ الدَّم ليقع عند الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، فطيبوا بها نفسًا» [ابن ماجه].
ُسئِل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هل يقترض الفقير ليُضَحِّي؟ فأجاب: "إن كان له وفاء فينبغي أن يقترض ويقيم هذه الشعيرة، وإن لم يكن له وفاء فلا ينبغي له ذلك".
﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [الأحقاف: 15] قال الطبري: ذلك حين تكاملت حُجَة الله عليه، وسُيِّر عنه جهالة الشباب، وعُرف الواجب لله من الحق في بِرِّ والديه. جاء في سيرة الحافظ جلال الدين السيوطي أنه: لمَّا بلغ أربعين سَنَة أخذ في التجرد للعبادة والانقطاع إلى الله تعالى والاشتغال به، والإعراض عن الدنيا وأهلها، كأنه لم يعرف أحدًا منهم، وشرع في تحرير مؤلفاته. [شذرات الذهب].
قال النبى صلى الله عليه وسلم : «ما العمل في أيام أفضل من هذه العَشر» قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء» [البخاري]. قال ابن رجب: "لمَّا كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباه المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره وجعل مَوسم العَشر مُشتركًا بين السائرين والقاعدين".
سُئِلَ فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هل يُقدم التكبير على الاستغفار والذكر المشروع أدبار الصلوات؟ فأجاب: "إن الاستغفار عقب الصلاة مباشرة؛ لأن المصلي لا يتحقق أنه أتقن الصلاة؛ بل لا بد من خلل".
قال النبى صلى الله عليه وسلم : «من حَجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» [متفق عليه]. فهنيئًا لمن وُفِّق لهذا الخير العظيم.
قال الحريري: أحرم أنس بن مالك من ذات عِرْق، فما سمعناه مُتكلمًا إلا بذكر الله عَزَّ وجَلَّ حتى أحل، فقال لي: «يا بن أخي هكذا الإحرام» [البداية والنهاية].
قال الحسن : إني لأستحي من ربي عَزَّ وجَلَّ أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرَّة من المدينة على رجليه.
إن الموفق يكثر من تعدد النيات في العمل الواحد فإن أراد الوضوء فله نية طاعة أمر الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6] وله نية في متابعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وله نية أن تتساقط ذنوبه مع آخر قطرة من الماء كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وله نية رفع الحدث حتى تصح صلاتك، وهكذا في جميع الأعمال.قال بعض العلماء: وددت لو كان من الفقهاء من ليس له شُغل إلا أن يُعَلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتى على كثير من الناس إلى مِنْ تضييع ذلك.
قال النبى صلى الله عليه وسلم: «وأعظم الأيام عند الله يوم النَّحْر، ثم يوم القر» [رواه أبو داود]، و(يوم القَرِّ) هو: اليوم الذي يلي يوم النحر وهو الحادي عشر من ذي الحجة. قال ابن القيم: "وخير الأيام عند الله يوم النَّحر، وهو يوم الحج الأكبر".
قال تعالى: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37] قال وهب بن منبه: أدب الاستماع: سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل، وذلك هو الاستماع لِمَا يحب الله ويرضاه.
قال محمد بن إسماعيل الصائغ: مَرَّ بنا أحمد بن حنبل ونعلاه في يديه، وهو يركض في دروب بغداد ينتقل من حلقة لأخرى، فقام أبي وأخذ بمجامع ثوبه، وقال له: يا أبا عبد الله إلى متى تطلب بالعلم؟ قال: إلى الموت. [شرف أصحاب الحديث].
أن تكون أسرتك متميزة عن سائر الأسر ليست أنانية وحُبّ ذات، بل هو أمل كل مسلم، وهو مطلب شرعي نَبَّه الله سبحانه وتعالى إليه، عندما قال حكاية عن زكريا: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم: 5-6]، وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74].
جاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله فقال: من أين أُحرم؟ قال مالك: من الميقات الذي وَقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه (أي: قبل الوصول إليه). قال مالك: لا أرى ذلك.قال الرجل: وأي فتنة في ازدياد الخير؟! قال مالك: إن الله تعالى يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
تسمى سورة (الإنسان) لأن الله ذكر فيها الإنسان في أربع أحوال: - قبل الخلق ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾. - عند الخلق ﴿مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾. - في الدنيا ﴿هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾. - في الآخرة ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾. قال السعدي: ذكر الله منها أول حالة الإنسان ومبتدأها، ومتوسطها ومنتهاها.
إن في إخفاء الدُّعاء فوائد : أنه أعظم إيمانًا لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع دعاءه الخفي، وأعظم في الأدب والتعظيم، ولهذا لا تخاطب الملوك ولا تسأل برفع الأصوات، أنه أبلغ في الإخلاص، أنه أبلغ في جمعية القلب على الله في الدُّعاء، وأنه دال على قرب صاحبه من الله، وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه, فيسأله مسألةَ مناجاة القريب للقريب ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].
قيل لأبي عثمان النيسابوري : ما أرجى عمل عندك؟ قال: كنت في صُبُوَّتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى، فجاءتني امرأة، فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها – وكان فقيرًا – فزوجني منها، وفرح بذلك؛ فلمَّا دخلَتْ إليَّ رأيتها عوراء عرجاء مشوهة!! قال: وكانت لمحبتها تمنعني من الخروج، فأقعد حفظًا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئًا، وإني على جمر الغضى من بغضها، قال: فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت، فما من عملي شيءٌ هو أرجى عندي من حفظي لقلبها.
(كيف أخدم الإسلام؟) كلمة رنَّانة لها في القلب وَقْع وفي النَّفس أثر. الدعوة إلى الله باب مفتوح لكل مسلم ومسلمة والناس بين مُقِلٍّ ومُسْتكثر، قال ابن القيم رحمه الله عن الدعوة: إنها أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها، وهي وظيفة المُرسلين وأتباعهم.
قال ابن تيمية رحمه الله: ولو حصل للعبد لذات أو سرور بغير الله فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوع إلى نوع، ومن شخص إلى شخص، ويتنعم بهذا في وقت وفي بعض الأحوال، وتارة أخرى يكون ذلك الذي يتنعم به والْتَذ، غير مُنعم له ولا مُلتذ له، بل قد يؤذيه اتصاله به ووجده عنده، ويضره ذلك. [مجموع الفتاوى].
المسلمون هم أمة الوسط ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143] والمسلم معتدل في أكله ومعيشته، وفرحه وحزنه، ومنعه وعطائه، وحبه وبغضه، وفي الحديث: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».
سُئِل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ما حكم الصور الموجودة في الحقائب المدرسية وغيرها هل تلحق تلك الحقائب بالملبوس أم لا؟ فأجاب: هي ليس من الملبوس ولا من المُمتهنة، بل هي في الحقيقة مثل الأواني بين بين، ولهذا أرى من الاحتياط أن نترك هذه، أو أن يُخاط على الرَّأس، أو يكون بلون آخر حتى لا يتضح.
ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبادات صورة ويتجنب المحظورات فحسب، إنما المؤمن هو الكامل، لا يختلج في قلبه اعتراض، ولا يُساكن نفسه فيما يجري وسوسة، وكلما اشتد البلاء عليه زاد إيمانه وقوي تسليمه، وقد يدعو فلا يرى للإجابة أثرًا، وسره لا يتغير لأنه يعلم أنه مملوك ولا مالك يتصرف بمقتضى إرادته، فإن اختلج في قلبه اعتراض خرج من مقام العبودية إلى مقام المُناظرة، كما جرى لإبليس، والإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء [صيد الخاطر].
قال ابن تيمية: "وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج" [الفتاوى]. قال ابن الجوزي: "وينبغي للمرأة العاقلة إذا وجدت زوجًا صالحًا يلائمها أن تجتهد في مرضاته، وتجتنب كل ما يؤذيه، فإنها متى آذته أو تعرضت لِمَا يكرهه أوجب ذلك ملالته، وبقي ذلك في نفسه، فربما وجد فرصته فتركها، أو آثر غيرها، فإنه قد يجد، وقد لا تجد هي, ومعلوم أن الملل للمستحسن قد يقع، فكيف للمكروه"! حكمه: المرأة إذا طال لسانها قصرت أيامها في قلب الرَّجل وبيته!
قال المأمون: الإخوان ثلاثة:أحدهم:مَثله مِثل الغذاء لا يُستغنى عنه والآخر: مَثله مِثل الدَّواء يحتاج إليه في وقت دون وقت، والثالث: مَثله مِثل الداء لا يحتاج إليه قط .. ولكن العبد قد يُبتلى به وهو الذي لا أُنْس فيه ولا نفع.
قيل: مَثل جملة الناس كمثل الشجر والنبات .. فمنها ما له ظل وليس له ثمر وهو مثل الذي ينتفع به في الدنيا دون الآخرة، فإن نفع الدنيا كالظل السريع الزوال، ومنها ما له ثمر وليس له ظل وهو مِثل الذي يُصْلِح للآخرة دون الدنيا، ومنها ما له ثمر وظل جميعًا، ومنها ما ليس له واحد منهما كأمِّ غيلان تمزق الثياب، ولا طعم فيها ولا شراب، ومِثله من الحيوانات الفأرة والعقرب.
عن مسلم بن يسار: كان أحدهم إذا برئ قيل له: ليهنك الطهر- يعني الخلاص من الذنوب. ويُذكر أن إحدى نساء السَّلف أنها لمَّا جُرِحتْ يدها جرحًا شديدًا، فلم يظهر عليها التأثر، فقيل لها في ذلك، قالت: حلاوة أجرها أنستني مرارة طعمها.
اشتكى ابن أخي الأحنف بن قيس من وضع ضرسه، فقال له الأحنف: لقد ذهبتْ عيني منذ أربعين سَنَة ما ذكرتها لأحد.
قال الشافعي : ورِضَى الناس غاية لا تُدْرَك فعليك بالأمر الذي يُصْلِحك فالزَمه، ودَع ما سواه فلا تَعَافه فإرضاء الخلق لا مقدور ولا مأمور وإرضاء الخالق مقدور ومأمور . [الطحاوية].
ذكر يحيى الليثي أنه كان تلميذًا عند الإمام مالك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فيل عظيم بجانب المسجد؛ فخرج الطلاب لرؤيته ولم يبق إلا يحيى، فقال الإمام مالك: لِمَ لَمْ تخرج لترى الفيل وهو لا يكون ببلادك، فقال يحيى: جئت من الأندلس لأراك لا لأرى الفيل، إنما رحلت لأتعلم من علمك وهديك
قال ابن تيمية : "فالحاجة إلى السماحة والصبر عامة لجميع بني آدم لا تقوم مصلحة دينهم ولا دنياهم إلا به". [الفتاوى].
إن صلاة الجماعة من أسباب حِفْظ الله للعبد ، وجعله في ذمته - أي : في عهده وأمانه وضمانه - قال صلى الله عليه وسلم : «من صلى الصبح فهو في ذمة الله» [رواه مسلم] وفي رواية لابن ماجه والطبراني: «من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله».
قال الأوزاعي "من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام" وقال ابن إسحاق: "ما من عالم إلا له زَلَّة، ومن جمع زَلَل العلماء وأخذ بها، ذهب دينه" [سنن البيهقي].
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه نُعي إليه ابن له فاسترجع، وقال: عورة سترها الله، ومُؤْنة كفاها الله، وأَجْر قد ساقه الله تعالى، ثم نزل فصلى ركعتين، ثم قال: قد صنعنا ما أمر الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: 45].
قال النبى صلى الله عليه وسلم : «من عال ابنتين أو ثلاثًا أو أختين أو ثلاثًا حتى يُبَنَّ أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعه الوسطى والتي تليها» [رواه أحمد].
قال فيض بن إسحاق: كنت عند الفضيل بن عياض إذ دخل عليه رجل، وسأله حاجة، وألَحَّ في السؤال عليه، فقلت: لا تُؤْذِ الشيخ، فقال لي الفضيل: اسكت يا فيض، أمَا علمت أن حوائج الناس إليكم نِعْمة من نِعَم الله عليكم، فاحذروا أن تملوا النِّعم فتتحول إلى نِقَم، ألَا تحمد ربك أن جعلك مَوضعًا تُسأل ولم يجعلك مَوضعًا تَسأل.
قول الله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ [النساء: 34] يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مُطْلقًا من خدمة وسفر معه وتمكين له، وغير ذلك. أيتها الزوجة: اتَّقِ الله عزَّ وجلَّ في زوجك فإنما هو جنتك ونارك، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لإحدى نساء الصحابة رضي الله عنهن: «أذات بعل؟» قالت: نعم، قال: «كيف أنت له؟» قالت: لا آلوه – أي: لا أقصر في طاعته - إلا ما عجزت عنه، قال: «فانظري أين أنت منه، فإنه هو جنتك ونارك» [رواه الترمذي].
الفصاحة والبلاغة ليست قيدًا في الدعوة إلى الله، فكَلِيم الرحمن موسى عليه السلام ثقل لسانه عن البيان وسأل الله سبحانه بقوله: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي﴾ [طه: 27] ومع عدم فصاحة موسى وبيانه إلَّا أنه أدَّى الرسالة وبلغ الدين حتى أصبحت أمته من أكثر الأمم اتباعًا.