فوائد من كتاب أحسن كما أحسن الله إليك
حكمــــــة
أحسن عملك: قال تعالى: " تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ". والعمل الحسن هو العمل الصالح وهو، ما كان خالصًا وصوابًا. فأمَّا إخلاصه فهو أن يكون لله فيُراد به وجهه وثوابه من غير سمعة ولا رياء. وأمَّا صوابه فهو أن يكون على سُنة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته.
حكمــــــة
أحسن إلى والديك: فقد أوصاك الله بذلك، وجعلها وصيةً مقرونةً بأعظم الوصايا وأوثقها، وهي عبادته سبحانه. قال الله تعالى: " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ". وقال سبحانه: " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ".
حكمــــــة
أحسن إلى الضعفاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: ابغوني في ضعفائكم، فإنَّما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» رواه أبو داود. فمن أحسن الله إليه بمال ونحوه، وأحب أن يزيده الله إحسانًا فليكن رحيمًا بالضعفاء، وليبتغِ نصر الله وفتحه في رعايتهم وقضاء حاجاتهم وإغاثة لهفاتهم، وتطييب نفوسهم.
حكمــــــة
أخــي.. وإذا رأيت في الناس من هم أضعف منك، فتذكَّر أنَّ ضعفك قائمٌ لولا ستر الله عليك ولُطفه ورحمته، " وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا "، فأنت فقير، " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ "، ولولا أنَّ الله يسد فقرك لظهر ضعفك للعيانوتذكَّر أنك هالك مغلوب لولا أنَّ الله يحفظك بحفظه، وقد وكَّل بك ملائكة تحرسك بالليل والنهار، " لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ". أي: يحفظون الإنسان من الشرور بأمر الله لهم وتوكيله إياهم ذلك.
حكمــــــة
احذر أخي أن تستكبر على الضعيف، أو تنهر السائل، فلربما أوجبت لك نهرة استكبار أو صولة على ضعيف أو سخرية بمسكين أو استهزاء بفقير تحويل النعمة وزوالها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ لله أقوامًا اختصَّهم بالنعم لمنافع العباد، يقرّهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحوَّلها إلى غيرهم» رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بلفظ نحوه وحسنه الألباني.
حكمــــــة
قابل الإساءة بالإحسان وفي ذلك قال الله جلَّ وعلا: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " [الأعراف: 199]. قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في هذه الآية: «أمر الله نبيَّه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس». قال مجاهد رحمه الله: «يعني خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تخسيس مثل قبول الأعذار، والعفو، والمساهلة وترك الاستقصاء من البحث والتفتيش عن حقائق بواطنهم».
حكمــــــة
من صور الإحسان إلى الخلق بذل المعروف وصناعته، كالإنفاق والصدقة، والسعي على الأرملة والمسكين، وإغاثة الملهوف، وكفالة اليتيم، وقضاء الحوائج، وإقالة المعسر، ونحو ذلك من صور البر والخير. قال تعالى: " إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ " [الحديد: 18].
حكمــــــة
إن المال مال الله، وهو سبحانه من أنفق عليك، ورزقك إياه، وجعلك مُستخلَفًا فيه، ويسَّر لك أسبابه، وفتح لك أبوابه، ليبلوك هل ستشكر أم تكفر؟! فاحذر أن يراك مُمتنِعًا عن الإحسان بما أحسن إليك! قال تعالى: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " [آل عمران: 92]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلاَّ ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول ألآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا» رواه البخاري ومسلم.
حكمــــــة
إنَّ الصدقة وقاية من غضب الله وعقابه، تدفع ميتة السوء وتوجب انشراح الصدر وطمأنينة النفس، وتستر العيب، وتُحِطُّ الخطيئة والذنب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» رواه الحاكم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1908.
حكمــــــة
يقول ابن القيم رحمه الله: «والله سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء، وإنما يرحم من عباده الرحماء، وهو ستير يحب من يستر على عباده، فمن غفر غُفر له، ومن سامح سامحه، ومن حاقق حاققه، ومن رفق بعباده رفق به، ومن رحم خلقه رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، فأحسِنْ كما أحسن الله إليك، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً».
حكمــــــة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يُزحزح عن النَّار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليؤت الناس مثل الذي يحب أن يؤتى إليه» رواه مسلم. فإن كنت تحب النجاة من النار والفوز بالجنة فأحسن إلى الناس كما تحب أن يُحسَن إليك، وعاملهم كما تُحب أن يعاملوك، فإن كنت تحب أن يَبَرَّك أبناؤك فبرّ والديك، وإن كنت تحب أن يوسع الله في رزقك فكن مفتاح رزق على أرحامك، وإن كنت تحبّ أن يرحم الله في الآخرة ضعفك فأحسن إلى الضعفاء، وإن كنت تحبُّ أن يستر الله عورتك فاستر عورات المسلمين، وإن كنت تحب أن تنال الجنة ونعيمها فأحسن عملك وأصلح نيتك.
حكمــــــة
تذكَّر أنَّ ثمار الإحسان لا يعلم قدرها ووزنها إلاَّ الله جلَّ وعلا، فلو لم يكن من ثمارها إلاَّ محبة الله جلَّ وعلا لكان جديرًا بكلِّ مؤمن أن يُوطِّن نفسه لاكتسابها؛ فمحبة الله سبحانه هي مفتاح الخير أجمع، من ظفر بها أشرقت في وجهه البركات، ونزلت عليه الرحمات، وكان الله له بكلِّ خير أشرع، فأحسن " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ".