4. فوائد من كتاب لا تحزن
فائدة
من كتاب لا تحزن
ابنُ تيمية شيخُ الإسلامِ ، لا أهل ولا دار ولا أسرة ولا مال ولا منصب، عندهُ غرفةٌ بجانبِ جامعِ بني أمية يسكنُها، ولهُ رغيفٌ في اليومِ، وله ثوبانِ يغيِّر هذا بهذا، وينامُ أحياناً في المسجدِ، ولكنْ كما وَصَف نفسه: جنَّتُه في صدرِه، وقتْلُه شهادةٌ، وسجْنه خِلْوةٌ، وإخراجهُ منْ بلدِهِ سياحةٌ ؛ لأن شجرة الإيمانِ في قلبِهِ استقامتْ على سُوقِها، تُؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذنِ ربِّها يمُدُّها زيتُ العنايةِ الربانيةِ
فائدة
من كتاب لا تحزن
خرج أبو ذرٍّ رضي اللهُ عنه وأرضاهُ إلى الرَّبذةِ ، فنصب خيمتهُ هناكَ، وأتى بامرأتِه وبناتِهِ، فكان يصومُ كثيراً من الأيامِ، يذكُرُ مولاهُ، ويسبِّحُ خالقهُ، ويتعبَّدُ ويقرأُ ويتلو ويتأمَّلُ، لا يملكُ من الدنيا إلا شمْلةً أو خيمةً، وقطعةً من الغنمِ مع صحْفةٍ وقصْعةٍ وعصا، زارَهُ أصحابُه ذات يوم، فقالوا: أين الدنيا؟ قال: في بيتي ما أحتاجُه من الدنيا
فائدة
من كتاب لا تحزن
كنّا نظُنُّ أننا إذا أكثْرنا من التوسٌّعِ في الدُّوِر ، وكثْرةِ الأشياءِ، وجمْعِ المسهِّلاتِ والمرغِّباتِ والمشتهياتِ، أننا نسعدُ ونفرحُ ونمرحُ ونُسرُّ، فإذا هي سببُ الهمِّ والكَدَرِ والتنغيصِ ؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ بهمِّه وغمِّه وضريبةِ كدِّهِ وكدْحِهِ ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
أقبل راكبٌ يحثُّ السير ، يثورُ الغبارُ منْ على رأسِهِ، يريدُ سعد بن أبي وقَّاصٍ، وقدْ ضرب سعدٌ خيمتهُ في كبِدِ الصحراءِ، بعيداً عنِ الضجيجِ، بعيداً عنِ اهتماماتِ الدَّهْماءِ، منفرداً بنفسِهِ وأهلِهِ في خيمتِهِ، معهُ قطيعٌ من الغنمِ، فاقترب الراكبُ فإذا هو ابنُه عُمَرُ، فقال ابنُه له: يا أبتاهُ، الناسُ يتنازعون الملك وأنت ترعى غنمك. قال: أعوذُ باللهِ منْ شرِّك، إني أولى بالخلافةِ منِّي بهذا الرداءِ الذي عليَّ، ولكن سمعتُ الرسول صلى الله عليه وسلم يقولُ: (إنَّ الله يحبُّ العبد الغنيَّ التَّقيَّ الخفيَّ).
فائدة
من كتاب لا تحزن
حمزةُ البسيونيُّ كان يعذِّبُ المسلمين في سجنِ جمالِ عبدِالناصر ، ويقولُ في كلمةٍ له مؤذية: « أين إلُهكمْ لأضعَهُ في الحديدِ »؟ تعالى اللهُ عمَّا يقولُ الظالمون علوّاً كبيراً. فاصطدمتْ سيارتُه – وهو خارجٌ من القاهرةِ إلى الإسكندريةِ – بشاحنةٍ تحملُ حديداً، فدخل الحديدُ في جسمه منْ أعلى رأسِهِ إلى أحشائِه، وعَجَزَ المنقذون أنْ يُخرجوُه إلا قطعاً ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾، ﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
صلاحُ نصرٍ منْ قادةِ عبدِالناصرِ ، وممَّنْ أكثرَ في الأرضِ الظلُّم والفساد، أصيب بأكثر منْ عشرةِ أمراضٍ مؤلمةٍ مُزمِنةٍ، عاش عدَّة سنواتٍ منْ عمرِهِ في تعاسةٍ، ولم يجدْ لهُ الطبُّ علاجاً، حتى مات سجيناً مزجوجاً بهِ في زنزاناتِ زعمائِه الذين كان يخدمُهمْ. ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ {11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ {12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾، (إنَّ الله ليُمْلي للظالمِ، حتى إذا أخذهُ لم يُفْلِتْه)، (واتَّقِ دعوة المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ).
فائدة
من كتاب لا تحزن
عتبة بن غزوان الصحابيَّ الشهير يستغربُ وهو يخطبُ الناس الجمعة: كيف يكونُ في حالةٍ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه سلم، مع سيِّدِ الخَلْقِ يأكلُ معهُ وَرَقَ الشجرِ مجاهداً في سبيلِ اللهِ، في أرْضى ساعاتِ عمرِهِ، وأحلى أيامِهِ، ثمَّ يتخلَّفُ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه سلم، فيكونُ أميراً على إقليمٍ، وحاكماً على مقاطعةٍ، إنَّ الحياة التي تُقبلُ بعد وفاةِ الرسولِ صلى الله عليه سلم حياةٌ رخيصةٌ حقّاً.
فائدة
من كتاب لا تحزن
مفتاحُ السعادةِ إذا عرفت الله وسبَّحْته وعبدْتَهُ وتألَّهْتهُ وأنت في كوخٍ، وجدت الخَيْرَ والسعادةَ والراحة والهدوء. ولكنْ عند الانحرافِ، فلوْ سكنت أرقى القصورِ، وأوسع الدورِ، وعندك كلُّ ما تشتهي، فاعلمْ أنَّها نهايتُك المُرَّةُ، وتعاستُك المحققةُ ؛ لأنك ما ملكت إلى الآنِ مفتاح السعادةِ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ . إي: يدفعُ عنهمُ شرور الدنيا والآخرة. « هذا إخبارٌ ووعدٌ وبشارةٌ من اللهِ للذين آمنوا، أنه يدفعُ عنهمْ كلَّ مكروهٍ، ويدفعُ عنهم – بسببِ إيمانِهم – كلَّ شرٍّ منْ شرورِ الكفارِ، وشرورِ وسوسةِ الشيطانِ، وشرورِ أنفسِهم، وسيئاتِ أعمالِهم، ويحملُ عنهمْ عند نزولِ المكارهِ ما لا يتحملونه، فيُخفِّف عنهمْ غاية التخفيفِ، كلُّ مؤمنٍ له منْ هذه المدافعةِ والفضيلةِ بحسب إيمانِه، فمُستقلٌّ ومُستكثِرٌ ».
فائدة
من كتاب لا تحزن
حُكي عن بعضِ النصارى أنَّ بعض الأنبياءِ عليهمُ السلامُ قال: المِحنُ تأديبٌ من اللهِ، والأدبُ لا يدومُ، فطوبى لمنْ تصبَّر على التأديبِ، وتثبَّت عند المحنةِ، فيجبُ له لُبسُ إكليِلِ الغَلَبَةِ، وتاجِ الفلاحِ، الذي وعَدَ اللهُ به مُحِبِّيه، وأهلِ طاعتِهِ. قال إسحاقُ: احذرِ الضَّجَرَ، إذا أصابتْك أسِنَّةُ المحنِ، وأعراضُ الفِتنِ، فإنَّ الطريق المؤدِّي إلى النجاةِ صعْبُ المسْلكِ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
قال أبانُ بنُ تغلب: سمعتُ أعربيّاً يقولُ: منْ أفْضلِ آداب الرجالِ أنهُ إذا نزلتْ بأحدِهمْ جائحةٌ استعمل الصبر عليها، وألهم نفْسه الرجاء لزوالِها، حتى كأنه لصبرِه يعاينُ الخلاص منها والعناء، توكُّلاً على اللهِ عزَّ وجلَّ، وحُسْنِ ظنٍّ به، فمتى لزِم هذه الصفة، لم يلبثْ أن يقضي اللهُ حاجته، ويُزيل كُربه، ويُنجح طِلْبتهُ، ومعهُ دينُه وعِرضُه ومروءتُه.
فائدة
من كتاب لا تحزن
كان يقالُ: المِحنُ آدابُ اللهِ عزَّ وجلَّ لخلقِهِ ، وتأديبُ اللهِ يفتحً القلوب والأسماع والأبصار. ووصف الحّسَنُ بنُ سَهْلٍ المِحن فقال: فيها تمحيصٌ من الذنبِ، وتنبيهٌ من الغفلةِ، وتعرُّضٌ للثوابِ بالصبرِ، وتذكيرٌ بالنعمةِ، واستدعاءٌ للمثوبةِ، وفي نظرِ اللهِ عزَّ وجلَّ وقضائِهِ الخيارُ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
لا تحزنْ إنْ قلَّ مالُك أو رثَّ حالُك فقيِمتُك شيءٌ آخرُ قال عليٌّ رضي اللهُ عنهُ: قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحسِنُ. فقيمةُ العالمِ عِلْمُهُ قلَّ منهُ أو كُثرَ، وقيمةُ الشاعرِ شعرُه أحسن فيهِ أو أساء. وكلُّ صاحبِ موهبةٍ أو حرفةٍ إنما قيمتُه عند البشرِ تلك الموهبةُ أو تلك الحرفةُ ليس إلا، فليحرصِ العبدُ على أنْ يرفع قيمتهُ، ويُغلي ثمنه بعملِهِ الصالحِ، وبعلْمِه وحكمتِه، وجُودِهِ وحفْظِهِ، ونبوغِه واطِّلاعِه، ومُثابرتِه وبحْثِهِ، وسؤالِه وحِرْصِهِ على الفائدةِ، وتثقيفِ عقْلِهِ وصقْلِ ذهنهِ، وإشعالِ الطموحِ في رُوحِهِ، والنُّبلِ في نفسِهِ، لتكون قيمتُه غاليةً عاليةً.
فائدة
من كتاب لا تحزن
جاء في (جريدة الأخبارِ الجديدة) في العددِ 396 بتاريخِ 27/ 9/ 1953 م ص 2 أنه: « دخلُ صباح اليومِ (أونا) باريس دخول الفاتحين، يحرسُه عشراتُ منْ رجالِ البوليس، الراكبِ والراجلِ. أمَّا (أونا) هذا فهو حوتٌ نرويجيٌّ ضخمٌ محنَّطٌ، وزنه 80000 كيلو، وكان محمولاً على عَشْرِ جراراتٍ مربوطةٍ بسيارةِ نقلٍ ضخمةٍ، وسيُعرضُ الحوتُ لمدةِ شهْر ويُسمحُ للناسِ بدخولِ كرشِهِ المضاءِ بالكهرباءِ، ويستطيعُ عشرةُ أشخاص أنْ يدخلوا بطنَه مرَّةً واحدةً.
فائدة
من كتاب لا تحزن
لا تحزنْ، فيُسرَّ عدوُّك إنَّ حزنك يُفْرحُ خصمك، ولذلك كان منْ أصولِ الملَّةِ إرغامُ أعدائِها: ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾. وقولُه صلى الله عليه وسلم لأبي دُجانة، وهو يخطرُ في الصفوفِ متبختراً في أُحًد: (إنها لمشيةٌ يبغضُها اللهُ إلا في هذا الموطنِ). وأمر أصحابهُ بالرَّمل حَوْلَ البيتِ، ليُظهروا قوتهم للمشركين.
فائدة
من كتاب لا تحزن
أيُّها الإنسان أيُّها الإنسانُ: يا منْ ملَّ من الحياةِ، وسئِم العيش، وضاق ذرعاً بالأيامِ وذاق الغُصص، أنَّ هناك فتحاً مبيناً، ونصراً قريباً، وفرجاً بعد شدَّة، ويُسراً بعد عُسْرٍ. إنَّ هناك لُطفاً خفيّاً منْ بينِ يديْك ومنْ خلقِك، وإنَّ هناك أملاً مشرقاً، ومستقبلاً حافلاً، ووعداً صادقاً، ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾. إن لضِيقِك فُرْجةً وكشْفاً، ولمصيبتِك زوالٌ، وإن هناك أنساً وروحاً وندىً وطلاً وظلاً. ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
أيُّها الإنسانُ : آنَ أنْ تُداوي شكَّك باليقينِ، والتواء ضميرِك بالحقِّ، وعِوج الأفكارِ بالهُدى، واضطراب المسيرةِ بالرُّشدِ. آن أنْ تقشع عنك غياهب الظلامِ بوجْهِ الفجرِ الصادقِ، ومرارةِ الأسى بحلاوةِ الرَّضا، وحنادسِ الفِتن بنورٍ يلقفُ ما يأفكُون. أيُّها الإنسانُ: إنَّ وراء بيدائِكمْ القاحلِةِ أرضاً مطمئنَّةً، يأتيها رزقُها رَغَداً منْ كلِّ مكانٍ وإنَّ على رأسِ جبلٍ المشقَّة والضَّنى والإجهاد، جنَّةً أصابها وابلٌ، فهي مُمرعةً، فإنْ لم يصبْها وابلٌ فطلٌّ من البُشرى والفألِ الحسنِ، والأملِ المنشودِ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
يا منْ ملأت عينك بالدمعِ: كفْكِفْ دموعك، وأرِحْ مُقلتيْك، اهدأْ فإنَّ لك منْ خالقِ الوجودِ ولايةً، وعليك منْ لطفهِ رعايةً، اطمئنَّ أيُّها العبدُ، فقدْ فُرغ من القضاءِ، ووقع الاختيارُ، وحَصَلَ اللُّطفُ، وذهب ظمأُ المشقَّةِ، وابتلَّتْ عروقُ الجهدِ، وثبت الأجرُ عند منْ لا يخيبُ لديهِ السعْيُ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
اطمئنَّ: فإنك تتعاملُ مع غالبٍ على أمرِهِ، لطيفٍ بعبادِه، رحيمٍ بخْلقِهِ، حسنِ الصُّنعِ في تدبيرِهِ. اطمئنَّ: فإنَّ العواقب حسنةٌ، والنتائج مريحةٌ، والخاتمة كريمةٌ. بعد الفقرِ غِنَّى، وبعد الظَّمأ رِيٌّ، وبعد الفراقِ اجتماعٌ، وبعد الهجْر وَصْلٌ، وبعد الانقطاعِ اتِّصالٌ، وبعد السُّهادِ نومٌ هادئٌ، ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
حقٌّ على العبدِ أن يظُنَّ بربِّه خيراً ، وان ينتظر منهُ فضلاً، وأنْ يرجُو من مولاهُ لُطفاً، فإنَّ منْ أمرُه في كلمةِ (كُن)، جديرٌ أنْ يُوثق بموعودِهِ، وأنْ يُتعلَّقَ بعهودِهِ، فلا يجلبُ النفع إلا هو، ولا يدفع الضُّرَّ إلا هو، ولهُ في كلِّ نفسٍ لُطفٌ، وفي كلِّ حركةٍ حكمةٌ، وفي كلِّ ساعةٍ فَرَجٌ، جعل بعدَ الليلِ صُبحاً، وبعد القحْطِ غَيْثاً، يُعطي ليُشْكر، ويبتلي ليعلم من يصْبِرُ، يمنحُ النَّعْماء ليسمع الثَّناء، ويُسلِّطُ البلاء ليُرفع إليه الدُّعاءُ، فحريٌّ بالعبدِ أن يقوِّي معه الاتِّصال، ويُمدَّ إليه الحبال، ويُكِثرُ السؤال
فائدة
من كتاب لا تحزن
انقطع العلاءُ بنُ الحضرميِّ ببعضِ الصحابةِ في الصحراءِ ، ونفِد ماؤُهم، وأشرفُوا على الموتِ، فنادى العلاءُ ربَّه القريب، وسأل إلهاً سميعاً مجيباً، وهتف بقولِهِ: يا عليُّ يا عظيمُ، يا حكيمُ يا حكيمُ. فنزل الغيثُ في تلك اللحظةِ، فشربُوا وتوضؤوا، واغتسلوا وسَقوْا دوابَّهم. ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
محبَّةُ اللهِ تعالى ، ومعرفُته، ودوامُ ذِكْرِه، والسُّكُونُ إليه، والطمأنينةُ إليه، وإفرادُه بالحُبِّ والخوفِ والرجاءِ والتَّوكُّلُ، والمعاملةُ، بحيثُ يكون هو وَحْدَهُ المستولي على همومِ العبدِ وعزماتِه وإرادتِه. هو جنَّةُ الدنيا، والنعيمُ الذي لا يُشبِههُ نعيمٌ، وهو قُرَّة عينِ المُحِبين، وحياةُ العارفين.
فائدة
من كتاب لا تحزن
تعلُّقُ القلبِ باللهِ وحدهُ واللَّهجُ بذِكرِهِ والقناعةُ: أسبابٌ لزوالِ الهمومِ والغمومِ، وانشراحُ الصدرِ والحياةُ الطَّيِّبة. والضِّدُّ بالضِّدِّ، فلا أضْيقُ صدراً، وأكْثَرُ همّاً، ممَّنْ تعلَّق قلبُه بغيرِ اللهِ، ونسي ذِكْر اللهِ، ولم يقْنَعْ بما آتاهُ اللهُ، والتَّجرِبةُ أكبرُ شاهدٍ
فائدة
من كتاب لا تحزن
قال بعضُ الحكماءِ: « من أراد الصحة: فليُجوِّد الغداء، وليأكُلْ على نفاءٍ، وليشربْ على ظماءٍ، وليُقلِّلْ من شُربِ الماءِ، ويتمدَّدْ بعد الغداءِ، ويتمشَّ بعد العشاءِ، ولا ينمْ حتى يعرض نفسهُ على الخلاءِ، وليحْذرْ دخول الحمَّامِ عقيِب الامتلاء، ومرَّةٌ في الصيفِ خيرٌ من عشرٍ في الشتاءِ ».
فائدة
من كتاب لا تحزن
قال الحارثُ: « من سرَّه البقاءُ – ولا بقاء – فليُباكِرِ الغداءَ، وليُعجِّلِ العشاء، ولُخفِّفِ الرِّداء، وليُقلَّ غِشيان النساءِ ». وقال أفلاطون: « خمسٌ يُذبْن البَدنَ، وربما قَتَلْنَ: قِصَرُ ذاتِ اليدِ، وفراقُ الأحبَّةِ، وتجرُّعُ المغايظِ، وردُّ النُّصح، وضحِكُ ذوي الجهلِ بالعقلاءِ ».
فائدة
من كتاب لا تحزن
خُذُوا حِذْركمْ فالحازم يتوقَّفُ حتى يرى ويبصر، ويترقَّب، ويتأمَّل، ويُعيدَ النظر، ويقرأ العواقب، ويقدِّر الخطواتِ، ويُبرم الرأي، ويحتاط ويَحْذر، لئلاَّ يندم، فإن وقع الأمرُ على ما أراد، حَمِدَ الله، وشكر رأيه، وإن كانتِ الأُخرى، قال: قدرَّ اللهُ، وما شاء فَعَلَ. ورضي ولم يحزنْ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
فـتـبـيَّـنُوا فالعاقلُ ثابتُ القدمِ، سديدُ الرَّأْي، إذا هجمتْ عليهِ الأخبارُ، وأشكلتِ المسائلُ، فلا يأخُذُ بالبوادِر، ولا يتعجَّل الحُكم، وإنما يُمحِّصُ ما يسمعُ، ويقلِّبُ النظر، ويُحادثُ الفكر، ويُشاوِرُ العقلاء، فإنَّ الرَّأْي الخمير، خيرٌ من الرأي الفطيرِ. وقالوا: لأن تُخطئ في العفوِ، خيرٌ منْ أنْ تخطئ في العقوبةِ ﴿ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
توارى الحسنُ البصريُّ عنِ عين الحجَّاج ، فجاءه الخبرُ بموتِهِ، فسجد شكراً اللهِ. سبحان اللهِ الذي مايز بين خلْقِه، بعضُهم يموتُ، فيُسجدُ غيْرُهُ للشُّكر فرحاً وسروراً ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ﴾. وآخرون يموتون، فتتحوَّلُ البيوتُ إلى مآتِم، وتقرحُ الأجفانُ، وتُطعنُ بموتهم القلوبُ في سويدائِها.
فائدة
من كتاب لا تحزن
قال سعيدُ بنُ جبيرٍ: واللهِ لقد فررتُ من الحجَّاج، حتى استحييتُ من اللهِ عزَّ وجلَّ. ثم جيءَ به إلى الحجّاج، فلمَّا سُلَّ السيفُ على رأسِه، تبسَّم. قال الحجاجُ: لِم تبتسمُ؟ قال: أعجبُ منْ جُرأتك على اللهِ، ومن حِلْمِ الله عليك. يا لها من نفْسٍ كبيرةٍ، ومن ثقةٍ في وعدِ اللهِ، وسكونٍ إلى حُسْنِ المصيرِ، وطِيبِ المُنقلَب. وهكذا فليكُنِ الإيمانُ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
ولولا أنَّ الدنيا دارُ ابتلاءٍ ، لم تكُنْ فيها الأمراضُ والأكدارُ، ولم يضِقِ العيشُ فيها على الأنبياء والأخيار، فآدمُ يُعاني المِحن إلى أن خرج من الدنيا، ونوحٌ كذَّبهُ قومُه واستهزؤُوا به، ولإبراهيمُ يُكابِدُ النار وذَبْحَ الولد، ويعقوبُ بكى حتى ذهب بصرُه، وموسى يُقاسي ظُلم فرعون، ويلقى من قومه المِحنَ، وعيسى بنُ مريم عاش معدماً فقيراً، و محمدٌ صلي الله عليه وسلم يُصابِرُ الفقْر، وقتلِ عمِّهِ حمزة، وهو منْ أحبِّ أقاربِه إليه، ونفورِ قومِهِ منهُ. وغير هؤلاء من الأنبياءِ والأولياءِ مما يطُول ذِكْرُهُ. ولو خُلقتِ الدنيا لِلَّذَّةِ، لم يكنْ للمؤمنِ حظٌّ منها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجنُ المؤمنِ، وجنَّةُ الكافرِ). وفي الدنيا سُجِن الصّالحون، وابتُلي العلماءُ العاملون، ونغِّص على كبارِ الأولياءِ. وكدّرتْ مشارِبُ الصادِقِين
فائدة
من كتاب لا تحزن
الوَسَطِيَّةُ نجاةٌ من الهلاك تمامُ السعادة مبنيٌّ على ثلاثةِ أشياء: 1. اعتدالِ الغضبِ. 2. اعتدالِ الشهوةِ. 3. اعتدالِ العِلْمِ. فيحتاجُ أن يكون أمرُها متوسِّطاً، لئلاَّ تزيد قوةُ الشهوةِ، فتُخرِجه إلى الرُّخصِ فيهلِك، أو تزيدُ قوةُ الغضبِ، فيخرُج إلى الجموحِ فيهلك. (وخيرُ الأمورِ أوسطُها).
فائدة
من كتاب لا تحزن
هكذا خُلِقت في الحديث: (كلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق له). فلماذا تُعْسفُ المواهبُ ويُلْوى عنقُ الصِّفاتِ والقدراتِ لَيَّا؟! إن الله إذا أراد شيئاً هيَّأ أسبابه، وما هناك أتْعَسُ نفْساً وأنْكدُ خاطراً من الذي يريدُ أنْ يكون غَيْرَ نَفْسِه، والذكيُّ الأريبُ هو الذي يدرسُ نفسهُ، ويسدُّ الفراغ الذي وُضع له، إن كان في السَّاقةِ كان في السَّاقةِ، وإنْ كان في الحراسةِ كان في الحراسةِ، هذا سيبويه شيخُ النَّحْوِ، تعلَّم الحديث فأعياهُ، وتبلَّد حسُّهُ فيه، فتعلَّم النحو، فَمَهَرَ فيه وأتى بالعَجَب العُجاب
فائدة
من كتاب لا تحزن
كُنْ جميلاً تَرَ الوجود جميلاً إنَّ منْ تمامِ سعادتِنا أنْ نتمتَّع بمباهج الحياةِ في حدودِ منطقِ الشرعِ المقدّسِ، فاللهُ أنبت حدائق ذات بهجةٍ، لأنهُ جميلُ يحبُ الجمالَ، ولتقرأُآياِ الوحدانية في هذا الصُّنع البهيج ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ﴾. فالرائحةُ الزَّكيةُ والمطعمُ الشهيُّ والمنظرُ البهيُّ، تزيدُ الصَّدْرَ انشراحاً والرُّوح فرحاً ﴿كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً ﴾. وفي الحديث: (حُبِّب إليَّ من دنياكمْ: الطَّيبُ، والنساءُ، وجُعِلتْ قُرَّةُ عيني في الصلاةِ).
فائدة
من كتاب لا تحزن
أبشِرْ بالفَرَج القريبِ يقولُ بعضُ مؤلِّفي عصرنا: إنَّ الشدائد – مهما تعاظمتْ وامتدَّتْ. لا تدومُ على أصحابِها، ولا تخلَّدُ على مصابِها، بل إنها أقوى ما تكونُ اشتداداً وامتداداً واسوداداً، أقربُ ما تكونُ انقشاعاً وانفراجاً وانبلاجاً، عن يُسْرٍ وملاءةٍ، وفرجٍ وهناءةٍ، وحياةٍ رخيَّةٍ مشرقةٍ وضَّاءةٍ، فيأتي العونُ من اللهِ والإحسانُ عند ذروةِ الشِّدَّةِ والامتحانِ، وهكذا نهايةُ كلِّ ليلٍ غاسِق، فجرٌ صادِقٌ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
أنتَ أرْفَعُ مِنَ الأحقاد أسعدُ الناس حالاً وأشرحُهم صدْراً، هو الذي يريدُ الآخرة، فلا يحسُدُ الناس على ما آتاهم اللهُ منْ فضْلِهِ، وإنما عنده رسالةٌ من الخيرِ ومُثُلٌ ساميةٌ من البِرِّ والإحسانِ، يريدُ إيصال نفْعِه إلى الناسِ، فإنْ لم يستطعْ، كفَّ عنهم أذاه. وانظرْ إلى ابنِ عباسٍ بحْرِ العلمِ وترْجُمانِ القرآنِ، كيف استطاع بخُلُقه الجمِّ وسخاوةِ نفسِه، أنْ يحوِّل أعداءهُ منْ بني أُميَّةَ وبني مروان ومنْ شايعهم إلى أصدقاء، فانتفع الناسُ بعلْمِه وفهْمه، فملأ المجامع فِقهاً وذكراً وتفسيراً وخيْراً
فائدة
من كتاب لا تحزن
الصبرُ إذا قام به العبد كما ينبغي ، انقلبتْ المِحنةُ في حقِّه مِنْحةً، واستحالتِ البليَّة عطيَّة، وصار المكروهُ محبوباً، فإنَّ الله سبحانه وتعالى لم يبْتلِهِ عطيَّة، وصار المكروهُ محبوباً، فإنَّ الله تعالى على العبدِ عبوديَّةً في الضَّراءِ، كما له عبوديَّةٌ في السَّرَّاءِ، وله عبوديَّةٌ عليه فيما يحبُّونه، والشأنُ في إعطاءِ العبوديَّةِ في المكارِهِ، ففيه تفاوتُ مراتبِ العبادِ، وبحسبِه كانتْ منازلُهم عند اللهِ تعالى.
فائدة
من كتاب لا تحزن
العِلْمُ مِفتاحُ اليُسْرِ العِلْمُ واليُسْرُ قرينان وأخوانِ شقيقانِ، ولك أنْ تنظر في بحورِ الشريعةِ من العلماءِ الراسخين، ما أيْسرَ حياتهُم، وما أسْهل التَّعامُل معهم! إنهم فهموا المقصد، ووقعُوا على المطلوب، وغاصُوا في الأعماقِ، بينما تجدُ مِنْ أعْسرِ الناسِ، وأصعبِهم مراساً، وأشقِّهم طريقةً الزُّهَّادُ الذين قلَّ نصيبُهم من العِلْمِ، لأنهم سمعُوا جُملاً ما فهموها، ومسائل ما عَرَفُوها، وما كانتْ مصيبةُ الخوارج إلاَّ منْ قلَّةِ علْمِهِمْ وضحالةِ فهْمِهم ؛ لأنهمْ لم يقعُوا على الحقائقِ، ولم يهتدُوا إلى المقاصدِ، فحافظُوا على النُّتفِ، وضيَّعُوا المطالب العالية، ووقعُوا في أمرٍ مريجٍ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
أشْرَحُ الناسِ صدراً الصّفةُ البارزةُ في مُعَلِّمِ الخيرِ صلى الله عليه وسلم: انشراحُ الصدرِ والرِّضا والتَّفاؤلُ، فهو مبشِّرٌ، ينهى عن المشقَّةِ والتنفير، ولا يعرفُ اليأس والإحباط، فالبسمةُ على مُحيَّاه، والرِّضا في خلدِه، واليُسْرُ في شريعتِه، والوسطيَّةُ في سُنَّتِه، والسعادةُ في مِلَّته. إنَّ جُلَّ مهمَّتِهِ أن يضع عنهم إصْرهم والأغلال التي كانتْ عليهم.
فائدة
من كتاب لا تحزن
إنَّ من سعادةِ المسلمين بإسلامِهم أنْ يشعُروا بالارتياح منْ تعاليمِه وباليُسر في تلقِّي أوامره ونواهيه ؛ لأنه أتى أصلاً لإنقاذهم من الاضطرابِ النفسيِّ والتَّشرُّردِ الذِّهنيِّ والتَّفلُّتِ الاجتماعي. « التكليفُ لم يأتِ في الشرعِ إلا منفيّاً ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾، لأنَّ التكليف مشقَّةٌ، والدينُ لم يأتِ بالمشقَّةِ، وإنما أتي لإزالتِها ».
فائدة
من كتاب لا تحزن
كيف تشكُرُ على الكثيرِ وقد قصَّرت في شُكْرِ القليلِ إنَّ منْ لا يحمدُ الله على الماءِ الباردِ العذْبِ الزُّلالِ، لا يحمدُه على القصورِ الفخمةِ، والمراكبِ الفارِهةِ، والبساتينِ الغنَّاءِ. وإنّ منْ لا يشكُرُ الله على الخبزِ الدافئِ، لا يشكرهُ على الموائدِ الشَّهيَّةِ والوجباتِ اللَّذيذةِ، لأنَّ الكنُود الجحُود يرى القليل والكثير سواءً، وكثيرٌ منْ هؤلاء أعطى ربَّه المواثيق الصارمة، على أنه متى أنعم عليه وحباهُ وأغدق عليه فسوف يشكُرُ ويُنفقُ ويتصدَّقُ ﴿ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ{75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
ثلاثُ لوحاتٍ بعضُ الأذكياء علَّق على مكتبِهِ ثلاث لوحاتٍ ثمينةٍ: مكتوبٌ على الأولى: يوْمُك يومُك. أي عِشْ في حدودِ اليوم. وعلى الثانيةِ: فكِّرْ واشكرْ. أي فكِّرْ في نِعَمِ اللهِ عليك، واشكُرْه عليها. وعلى الثالثةِ: لا تغضبْ. إنها ثلاثُ وصايا تدلُّك على السعادةِ منْ أقْربِ الطرقِ، ومن أيْسرِ السُّبُلِ، ولك أن تكتبها في مُفكِّرتِك لتطالِعها كلَّ يومٍ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
مَسارِحُ النَّظر في الملكوت منْ طُرُقِ الارتياحِ وبسْطِة الخاطرِ، التَّطلُّعُ إلى آثارِ القُدرةِ في بديعِ السماواتِ والأرضِ، فتستلذّ بالبهجة العامرةِ في خلقِ الباري – جلَّ في عُلاهُ – في الزهرة، في الشجرةِ، في الجدولِ، في الخميلةِ، في التلِّ والجبل، في الأرضِ والسماءِ، في الليلِ والنهارِ، في الشمسِ والقمرِ، فتجدُ المتعة والأُنس، وتزدادُ إيماناً وتسليماً وانقياداً لهذا الخالقِ العظيمِ ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾. يقول أحدُ الفلاسفةِ ممنْ أسلموا: كنتُ إذا شككْتُ في القُدرةِ، نظرتُ إلى كتابِ الكونِ، لأُطالع فيه أحْرُفَ الإعجازِ والإبداعِ، فأزدادُ إيماناً.
فائدة
من كتاب لا تحزن
متى رأيت صاحبك قد غَضِبَ وأخذ يتكلَّمُ بما لا يصلحُ، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقولُه خِنْصِرا (أي لا تعتدَّ به ولا تلتفتْ إليه)، ولا أن تؤاخذه به، فإن حاله حالُ السكرانِ لا يدري ما يجري، بل اصبرْ ولو فترةً، ولا تعوِّلْ عليها، فإن الشيطان قد غلبه، والطبعُ قد هاج، والعقلُ قد استتر، ومتى أخذت في نفسِك عليه، أو أجبته بمقتضى فعْله، كنت كعاقل واجه مجنوناً، أو مفيقٍ عاتب مغمىً عليه، فالذنبُ لك، بل انظرْ إليه بعينِ الرحمةِ، وتلمَّحْ تصريف القدر له، وتفرَّجْ في لعبِ الطبعِ به.
فائدة
من كتاب لا تحزن
ليس للعبدِ إذا بُغِي عليه وأُوذي وتسلَّط عليه خصومُه ، شيء أنفعُ له من التوبةِ النصوحِ، وعلامةُ سعادتِه أن يعكس فكره ونظره على نفسِه وذنوبِه وعيوبِه، فيشتغل بها وبإصلاحها، وبالتوبةِ منها، فلا يبقى فيه فراغٌ لتدبُّر ما نَزَل به، بل يتولَّى هو التوبة وإصلاح عيوبه، واللهُ يتولى نُصرته وحفظه والدفع عنه ولابدَّ، فما أسعدهُ من عبدٍ، وما أبركها من نازلةٍ نزلتْ به، وما أحسن أثرها عليه، ولكن التوفيق والرشد بيدِ اللهِ، لا مانعٍ لما أعطى ولا مُعطي لما منع، فما كلُّ أحدٍ يُوفَّق لهذا، لا معرفةً به، ولا إرادةً له، ولا قدرةً عليه، ولا حول ولا قوة إلا باللهِ
فائدة
من كتاب لا تحزن
احرصْ على العملِ الذي ترتاحُ لهُ يقولُ ابن تيمية: « ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيبُ: إنَّ مطالعتك وكلامك في العلمِ يزيدُ المرض. فقلت له: لا أصبرُ على ذلك، لا أصبرُ على ذلك، وأنا أحاكمُك إلى علمِك، أليستِ النَّفسُ إذا فرجتْ وسُرَّتْ قويتِ الطَّبيعةُ، فَدَفعتِ المرض؟ فقال: بلى. فقلتُ له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلمِ، فتقوى به الطبيعةُ، فأجدُ راحةً. فقال: هذا خارجٌ عن علاجِنا» ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾.
فائدة
من كتاب لا تحزن
إنَّ من المعادلات الصحيحة المقبولة: أن المغمور السعيد الواثق من منهجِه وطريقِه، أنعمُ حظّاً من اللامعِ الشهيرِ الشقيِّ بمبادئِه وفكرِهِ. إنَّ راعي الإبلِ المسلمِ في جزيرةِ العربِ أسعدُ حالاً بإسلامِه من « تولوستوي » الكاتب الروائي الشهيرِ، لأن الأول قضى حياته مطمئناً راضياً ساكناً يعرفُ مصيرَهُ ومنقلبه، والثاني عاش ممزَّق الإرادةِ، مبعثر الجهدِ، لم يبردْ غليلُه من مرادِه، ولا يعرفْ مستقبلهُ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
أعظمُ دواءٍ عرفتْه البشريةُ ، وأجلُّ علاجٍ اكتشفتْه الإنسانيةُ. إنه الإيمانُ بالقضاءِ والقدرِ، حتى قال بعضُ الحكماءِ: لن يسعد في الحياةِ كافرٌ بالقضاءِ والقدرِ. وقد أعدتُ عليك هذا المعنى كثيراً، وعرضتُه لك في أساليب شتَّى، وأنا على عمْد، لأنني أعرفُ من نفسي ومن كثير مثلي أننا نؤمنُ بالقضاءِ والقدرِ فيما نحبُّه، وقد نتسخَّطُ عليه فيما نكرهُهُ، ولذلك كان شرطُ الملَّةِ وميثاقُ الوحيِ: (أن تؤمن بالقدرِ خيرِه وشره، حلوِه ومرِّه).
فائدة
من كتاب لا تحزن
إن ممَّا يسعدُك في حياتِك الوسطية ، الوسطيةُ في عبادتِك: فلا تغْلُ فتنهك جسمك وتقضي على نشاطك ومداومتِك، ولا تجف فتطرح النوافل وتخدش الفرائض وتركن إلى التسويقِ. وفي إنفاقكِ: فلا تتلفْ أموالك وتهلكْ دخلك فتبقى حسيراً مُمْلِقاً، ولا تمسكْ عطاءك وتبخلْ بنوالك، فتبقى ملوماً محروماً. ووسطٌ في خلقِك: بين الجدّ المفرطِ واللِّينِ المتداعي، بين العبوسِ الكالحِ والضحكِ المتهافتِ، بين العزلةِ الموحشةِ والخلطةِ الزائدةِ على الحدِّ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
يقولُ مطرِّف بنُ عبدالله: أشرُّ السَّيْرِ الحقحقة. وهو الذي يجتهد في السيرِ حتى يضرَّ بنفسهِ ودابتِه. وفي الحديثِ: (شرُّ الرِّعاء الحُطَمَةُ). وهو الذي يتعسّفُ في ولايتِه لأهلِه أو من ولاه اللهُ شأنه. إن الكرم بين الإسرافِ والبخلِ، وإن الشجاعة بين الجبنِ والتهورِ، وإن الحلم بين الحدَّةِ والتبلُّد، وإن البسمة بين العبوس والضحك، وإن الصبر بين القسوة والجزعِ، وللغلوِّ دواءٌ هو التخفيفُ من هذا الغلوِّ، وإطفاءُ شيءٍ من هذا اللهيب المحرق وللجفاءِ دواء هو سوْطُ عزمٍ، وومضةُ هِمَّة، وبارقةُ من رجاءٍ
فائدة
من كتاب لا تحزن
ليس في الوجود شيءٌ أصعبُ من الصبرِ ، إما عن المحبوبِ، أو على المكروهاتِ. وخصوصاً إذا امتدَّ الزمان، أو وقع اليأسُ من الفرجِ. وتلك المدةُ تحتاجُ إلى زادٍ يُقطعُ به سفرُها، والزاد يتنوعُ من أجناسٍ: فمنه: تلمُّحُ مقدارِ البلاءِ، وقد يمكنُ أن يكون أكثر. ومنه: أنه في حالِ فوقها أعظمُ منها، مثل أن يُبتلى بفقْدِ ولدٍ وعنده أعزُّ منه. ومن ذلك: رجاء العِوضِ في الدنيا. ومنه: تلمُّح الأجرِ في الآخرةِ. ومنه: التلذُّذُ بتصويرِ المدحِ والثناءِ من الخلْقِ فيما يمدحون عليه، والأجرُ من الحقِّ عزَّ وجلَّ. ومن ذلك: أن الجزع لا يفيدُ، بل يفضحُ صاحِبهُ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
من صفات الأولياء: انتظارُ الأذانِ بالأشواقِ، والتَّهافُتُ على تكبيرةِ الإحرامِ، والوَلَهُ بالصفِّ الأوّلِ، ومداومةِ الجلوسِ في الروضةِ، وسلامةُ الصدرِ، وظهورُ مراسيمِ السُّنَّةِ، وكثرةُ الذِّكرِ، وأكل الحلالِ، وتركُ ما لا يعني، والرضا بالكفافِ، وتعلُّمُ المحيِ كتاباً وسنةً، وطلاقةُ المُحَيَّا، والتوجُّعُ لمصائب المسلمين، وتركُ الخلافِ، والصبرُ للشدائدِ، وبذْلُ المعروفِ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
من لوازمِ (رضيتُ باللهِ رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً). أن ترضى عن ربِّك سبحانه وتعالى، فترضى بأحكامِه، وترضى بقضائِه وقدرِهِ، خيرِه وشرِه، حُلوِه ومُرِّه. إن الانتقائية بالإيمانِ بالقضاءِ والقدرِ ليستْ صحيحةً، وهي أن ترضى فَحَسْبُ عند موافقةِ القضاءِ لرغباتِك، وتتسخَّط إذا خالف مرادك وميْلك، فهذا ليس من شأنِ العبدِ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
لقدْ كان الأعرابُ يُسْلمون، فإذا وجدُوا في الإسلامِ رغداً بنزولِ غيثٍ، ودرِّ لبنٍ، ونبْتِ عشبٍ، قالوا: هذا دينُ خيْرٍ. فانقادُوا وحافظوا على دينِهم. فإذا وجدُوا الأخرى، جفافاً وقحْطاً وجدْباً واضحملالاً في الأموالِ وفناءً للمرعى، نكصُوا على أعقابهم وتركُوا رسالتهم ودينهم. هذا إذن إسلامُ الهوى، وإسلامُ الرغبةِ للنفس. إن هناك أناساً يرضون عن اللهِ عزَّ وجلَّ، لأنهم يريدون ما عند اللهِ، يريدون وجهه، يبتغون فضلاً من اللهِ ورضواناً، يسعون للآخرةِ.
فائدة
من كتاب لا تحزن
إن الذين يتطلعون إلى رِضْوانِ اللهِ ويتشوَّقون إلى جنَّةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ، لا يقبلون الدنيا بحذافيرِها بدلاً من هذا الرضوانِ، ولا عوضاً عن هذا النوالِ العظيمِ. أسلم أعرابيٌّ بين يدي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فأعطاه صلى الله عليه وسلم بعض المالِ، فقال: يا رسول اللهِ، ما على هذا بايعتُك. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (على ماذا بايعتني؟) قال: بايعتُك على أن يأتيني سهمٌ طائش فيقع هنا (وأشار إلى حلْقِه) ويخرج من هنا (وأشار إلى قفاه).قال له: (إن تصْدُقِ اللهُ يصدقُكَ). وحضر المعركة، وجاءه سهمٌ طائش ونفذ من نحرِه، ولقي ربَّه راضياً مرضيّا.
فائدة
من كتاب لا تحزن
إنّ سعادتنا تكملُ في قيامِنا بواجبنا مع خالقِنا ، ثم مع خلْقِه، مع اللهِ ثم مع الإنسانِ. إن الكلام سهلٌ نطقُه وتجبيرُه وزخرفتُه، لكن الأصعب من ذلك صياغتُه في مُثُلٍ عليا من الصفاتِ الحميدةِ والأعمالِ الجليلةِ ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾.