9. فوائد من كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي
حكمــــــة
سبب الغضب هجوم ما تكرهه النفس ممن دونها، وسبب الحزن هجوم ما تكرهه النفس ممن فوقها. والغضب يتحرك من داخل الجسد إلى خارجه، والحزن يتحرك من خارج الجسد إلى داخله. فلذلك قتل الحزن ولم يقتل الغضب لبروز الغضب وكمون الحزن. وصار الحادث عن الغضب السطوة والانتقام لبروزه، والحادث عن الحزن المرض والاسقام لكمونه. ولذلك أفضى الحزن إلى الموت ولم يفض إليه الغضب. فهذا فرق ما بين الحزن والغضب.
حكمــــــة
سئل بعض الادباء عن صفة اللئيم، فقال: اللئيم إذا غاب عاب، وإذا حضر اغتاب. فأما الخبر فمحمول على الانكار لأفعال هؤلاء ولا يكون الانكار غيبة؛ لأنه نهي عن منكر، وفرق بين إنكار المجاهر وغيبة المساتر. وأما النميمة: فهي أن تجمع إلى مذمة الغيبة رداءة وشرا، وتضم إلى لؤمها دناءة وغدرا. ثم تؤول إلى تقاطع المتواصلين، وتباغض المتحابين.
حكمــــــة
اعلم أن دواعي الحسد ثلاثة: أحدهما: بغض المحسود فيأسى عليه بفضيلة تظهر، أو منقبة تشكر، فيثير حسدا قد خامر بغضا. وهذا النوع لا يكون عاما وإن كان أضرها؛ لأنه ليس يبغض كل الناس. والثاني: أن يظهر من المحسود فضل يعجز عنه فيكره تقدمه فيه واختصاصه به، فيثير ذلك حسدا لولاه لكف عنه. وهذا أوسطها؛ لأنه لا يحسد الاكفاء من دنا، وإنما يختص بحسد من علا. وقد يمتزج بهذا النوع ضرب من المنافسة ولكنها مع عجز فلذلك صارت حسدا. والثالث: أن يكون في الحاسد شح بالفضائل، وبخل بالنعم وليست إليه فيمنع منها، ولا بيده فيدفع عنها؛ لأنها مواهب قد منحها الله من شاء فيسخط على الله عز وجل في قضائه، ويحسد على ما منح من عطائه، وإن كانت نعم الله عز وجل عنده أكثر، ومنحه عليه أظهر.