7. فوائد من كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي
حكمــــــة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أعرابيا أتاه فقال: يا عمر الخير جزيت الجنه اكس بنياتي وأمهنه وكن لنا من الزمان جنه أقسم بالله لتفعلنه فقال عمر رضي الله عنه: فإن لم أفعل يكون ماذا؟ فقال: إذا أبا حفص لاذهبنه فقال: فإذا ذهبت يكون ماذا؟ فقال: يكون عن حالي لتسألنه يوم تكون الاعطيات هنه وموقف المسئول بينهنه إما إلى نار وإما جنه فبكى عمر رضي الله عنه حتى اخضلت لحيته ثم قال: يا غلام أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره أما والله لا أملك غيره.
حكمــــــة
حكي أن الاسكندر لما أراد الخروج إلى أقاصي الارض قال لأرسطاطاليس: اخرج معي. قال: قد نحل جسمي وضعفت عن الحركة فلا تزعجني. قال فما أصنع في عمالي خاصة؟ قال انظر إلى من كان له عبيد فأحسن سياستهم فوله الجنود، ومن كانت له ضيعة فأحسن تدبيرها فوله الخراج. فنبه باعتبار الطباع على ما أغناه عن كلفة التجربة.
حكمــــــة
اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة، وأخلاق مرسلة، لا يستغني محمودها عن التأديب، ولا يكتفي بالمرضي منها عن التهذيب؛ لأن لمحمودها أضدادا مقابلة يسعدها هوى مطاع وشهوة غالبة، فإن أغفل تأديبها تفويضا إلى العقل أو توكلا على أن تنقاد إلى الاحسن بالطبع أعدمه التفويض درك المجتهدين، وأعقبه التوكل ندم الخائبين، فصار من الادب عاطلا، وفي صورة الجهل داخلا؛ لأن الادب مكتسب بالتجربة، أو مستحسن بالعادة، ولكل قوم مواضعة. وذلك لا ينال بتوقيف العقل ولا بالانقياد للطبع حتى يكتسب بالتجربة والمعاناة، ويستفاد بالدربة والمعاطاة. ثم يكون العقل عليه قيما وزكي الطبع إليه مسلما. ولو كان العقل مغنيا عن الادب لكان أنبياء الله تعالى عن أدبه مستغنين، وبعقولهم مكتفين.