فوائـد من كتـاب العمر والشيب
حكمــــــة
عن سويد الكلبي أن زر ابن حبيش كتب إلى عبد الملك بن مروان كتابا يعظه فيه فكان في آخر كتابه ولا يطمعك يا أمير المؤمنين في طول الحياة ما يظهر من صحة بدنك فأنت أعلم بنفسك واذكر ما يتكلم به الأولون... إذا الرجال ولدت أولادها... وبليت من كبر أجسادها... وجعلت أسقامها تعتادها... تلك زروع قد دنا حصادها... فلما قرأ عبد الملك الكتاب بكى حتى بل طرف ثوبه ثم قال صدق زر لو كتب إلينا بغير هذا كان أرفق.
حكمــــــة
كان ابن السماك يقول في كلامه إخواني ألا متأهب فيما يوصف له أمامه ألا مستعد ليوم فقره وفاقته ألا شاب عازم مبادر لمنيته ليس يغره شباب سنه ولا شدة قوته ولا انبساط أمل مثله ألا شيخ مبادر انقضاء مدته وفناء أكله جادا مشمرا فيما بقي من رمقه ما ينتظر من قد ابيضت شعرته بعد سوادها وتكرش جلده بعد انبساطه وتقوس ظهره بعد انتصابه واعتداله وضعف ركنه وقصر خطوه وكل بصره وقل طعمه وذهب نومه وأنكر الأشياء كلها منه وبلي سنه شيئا بعد شيء في حياته فرحم الله امرءا عقل أمره وأحسن النظر لنفسه واغتنم كل ليلة تأتي عليه ويوم يمر به.
حكمــــــة
كان رجل قد طال عمره فكان هو ناعي الحي لا يزال قد نعى الرجل من السفر إلى أهله فمرض أخ له فلما حضره الموت دخل عليه وقال له يا أخ قد أرى منك فأوصني قال بم أوصيك ثم أنشد يقول... كأن الموت يا ابن أبي وأمي... وإن طالت حياتك قد أتاكا... أتنعي الميتين وأنت حي... إذا حي بموتك قد نعاكا... إذا اختلف الضحى والعصر دأبا... تسوقهما المنية أدركاكا.