فوائد من كتاب الإخوان 2
عن ليث قال : ما من رجل يزور أخاه لايزوره إلا ابتغاء مرضاة الله عز و جل وتنجيزا لموعوده والتماس ما عنده وحفظا لحق أخيه إلا حياه كل ملك بتحية لا يحيي بها صاحبه ثم صاح ورق الجنة وسبح ثم قيل : هذا فلان زار أخا له .
عن معاذ قال : إذا التقى المسلمان فضحك كل واحد منهما في وجه صاحبه ثم أخذ بيده تحاتت ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر .
عن مجاهد بن جبر قال : إذا تواخا المتحابان في الله عز و جل فمشى أحدهما إلى الآخر فأخذ بيده فضحك إليه تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر قلت : إن هذا ليسير قال : لا تقل ذلك فإن الله عز و جل يقول لنبيه صلى الله عليه و سلم : { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } ( الآية : 36 الأنفال)
عن سنة ابنة يزيد الرقاشي قالت : رأيت الحسن يجيئنا زائرا فيعانق أبي . عن أبي بلج قال : رأيت الأسود بن يزيد و عمرو بن ميمون التقيا فاعتنقا .
عن تميم بن سلمة : أن عمر لما أتى الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح و فاض إليه ألما فالتزمه عمر وقبل يده وجعلا يبكيان .
كان خيثمة يجعل صررا فيجلس في المسجد فإذا رأى رجلا من أصحابه في ثياب رثة اعترض فأعطاه صرة .
رؤي على علي بن أبي طالب ثوب كأنه يكثر لبسه فقيل له فيه فقال : هذا كسانيه خليلي وصفيي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إن عمر ناصح الله فنصحه الله .
قال أبو سليمان الداراني : لو أن الدنيا كلها لي في لقمة ثم جاءني أخ لأحببت أن أضعها في فيه .
كان للحسن البصري ببيت إذا فتح بابه فهو غذنه فجاءه أعرابي فصادفه مفتوحا فدخل و الحسن في المذهب فجاء إلى شيء تحت سرير الحسن فأخرجه وجعل يأكل فنظر إليه الحسن وجعل يبكي فقيل له : ما يبكيك يا أبا سعيد ؟ فقال : ذكرني هذا أخلاق قوم قد مضوا .
عن عون بن يونس قال : دخل رجل على الحسن فوجده نائما على سريره ووجد عند رأسه سلة فيها فاكهة ففتحها فجعل يأكل منها فانتبه فرأى الرجل يأكل فقال : رحمك الله هذا والله فعل الأخيار .
عن يونس بن عبيد قال : كنا عند الحسن البصري فأهديت إليه سلة من سكر ففتحها فلم أر سكرا كان أحسن منه فقال برجله : اهضموا أي : كلوا .
عن ابن أبي الزناد : أن زيدا قدم من سفر فأهدى له طلحة سلال خبيص فجمع عليها إخوانه القراء فأكلوا وكساهم ثوبا ثوبا .
كان خيثمة يصنع الخبيص والطعام الطيب فيدعو إبراهيم ويدعونا معه ويقول : كلوا ما أشتهيه ما أصنعه إلا لكم .
عن أبي إسحاق الأقرع قال : رأيت عبد الله بن المبارك يخرج من عند سفيان بن عيينة مسرورا طيب النفس فقيل له في ذلك : فقال : وما يمنعني من ذلك ؟ حدثني ابن عيينة بأربعين حديثا وأطعمني خبيصا .
عن يزيد ابن أبي زياد قال : ما دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى قط إلا حدثني بحديث حسن وأطعمني طعاما طيبا .
قال أبو خلدة : دخلنا على ابن سيرين أنا و عبد الله بن عون فرحب بنا و قال : ما أدري كيف أتحفكم ؟ كل رجل منكم في بيته خبز ولحم ولكن سأطعمكم شيئا لا أراه في بيوتكم فجاء بشهدة وكان يقطع بالسكين ويطعمنا .
كان الحسن إذا دخل عليه إخوانه أتاهم بما عنده وربما قال : لبعضهم أخرج السلة من تحت السرير فيخرجها فإذا فيها رطب فيقول : إنما ادخرته لكم .
عن منصور قال : قال : رجل للحسن يا أباسعيد : يذبح الشاة فيصنعها ويدعو عليها نفرا من إخوانه قال : وأين أولئك ؟ ذهب أولئك .
كان أبو جعفر محمد بن علي يدعو نفرا من إخوانه كل جمعة فيطعمهم الطعام الطيب ويطيبهم ويبخرهم ويروحون إلى المسجد من منزله .
عن شهر بن حوشب قال : كان يقال : إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل كل شيء من شأنه إذا كان أوله حلالا وذكر اسم الله عز و جل عليه حين يوضع وكثرت عليه الأيدي وحمد الله عز و جل حين يفرغ منه .
عن علي رضي الله عنه قال : لأن أجمع نفرا من أصحابي على صاع أو صاعين أحب إلي من أن أخرج إلى سوقكم فأعتق نسمة .
قال رجل من بني أمية قال : إني وددت أن جميع إخواني أتوني فشاركوني في معيشتي حتى يكون عيشنا عيشا واحدا ولوددت أن جميع إخواني أتوني في حوائجهم وإني لأستحي من الله عز و جل أن ألقى الأخ من إخواني فأدعوا له بالجنة وأبخل عليه بالدنيا والدنيا أصغر وأحقر من أن يقال لي يوم القيامة : كنت كذابا لو كانت الدنيا في يدك كنت بها أبخل .
عن عمرو بن عبد الرحمن قال : جاءت يزيد بن عبد الملك بن مروان غلة من غلته فجعل يصررها ويبعث بها إلى إخوانه و قال : إني لأستحي من الله عز و جل أن أسأل الجنة لأخ من أخواني و أبخل عليه بدينار أو درهم . قال : وكان يقرأ القرآن في سجدة واحدة .
عن الحجاج بن أرطأة قال : قال لي أبو جعفر : يا حجاج كيف نواسكم ؟ قلت : صالح يا أبا جعفر قال : يدخل أحدكم يده في كيس أخيه فيأخذ منه حاجته إذا احتاج ؟ قلت : أما هذا فلا قال : أما لو فعلتم ما احتجتم .
دخل رجل على محمد بن سوقة فرأى على الباب ستر مسح فجعل ينظر إليه ففطن ابن سوقة فقال : لعلك ترى أني ندمت ؟ لا ما ندمت .
عن محمد بن عبيد قال : دخلنا عل محمد بن سوقة فسألناه أن يحدثنا فبكى و قال : جفاني إخواني حيث ذهب مالي : قال : غير محمد : كانت له صرر فيها مال فإذا دخل عليه إخوانه قال : إخواني من يحتاج إلى شيء فليأخذ قال : فأخذوا والله حتى نفدت عن آخرها .
لقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير بعدما قتل الزبير فقال : كم ترك أخي عليه من الدين ؟ قال : ألفي ألف قال : علي منها ألف ألف .
لما حضرت سعيد بن العاص الوفاة قال : يا بني لا تفقدوا إخواني مني عندكم عين وجهي أجروا عليهم ما كنت أجري واصنعوا بهم ما كنت أصنع ولا تلجئوهم للطلب فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه و ارتعدت فرائصه وكل لسانه وبدا الكلام في وجهه اكفوهم مؤنة الطلب بالعطية قبل المسألة فإني لا أجد لوجه الرجل يأتي يتقلقل على فراشه ذاكرا موضعا لحاجته فعدا بها عليكم لا أرى قضى حاجته عوضا من بذل وجهه فبادروهم بقضاء حوائجهم قبل أن يسبقوكم إليها بالمسألة .
لقي خلف بن حوشب أبا حجية الكندي وكان أجلح قد احتاج حاجة شديدة فسلم عليه ورفع كيسا فيها ألف درهم و قال : هذه لعبد الله يقوم بها في السوق فقال الأجلح : أو أصنع بها ما أحب ؟ قال : وذاك .
عن جميل بن مرة قال : مستنا حاجة فكان مورق العجلي يأتينا بالصرة فيقول : أمسكوا هذه عندكم ثم يمضي غير بعيد فيقول : إن احتجتم إليها فأنفقوها .
عن مطر الوراق قال : أتيت محمد بن واسع يوما فلما رآني قال برأسه بين رجليه فخمر وجهه أن أنظر إليه فلم يرفع رأسه فقمت فذهبت فلما كان بعد أيام أتاني بكيس فيه سبعمائة درهم فدفعها إلي وأنا في حانوتي في قنطرة حرة فقلت : تبعث إلي في حوائجك ؟ فقال : وأي حاجة لي أتيتني فظننت بك الحاجة فلما استطعت ان أنظر إليك قال مطر فقلت له : أنا بخير فقال : أنت كيف شئت ! ! الدراهم لا ترجع إلي .
لقي الحسن البصري بعض إخوانه فلما أراد أن يفارقه خلع عمامته وألبسها إياه و قال : إذا أتيت أهلك فبعها واستنفق بثمنها .
كان عمرو بن عبيد يصل إخوانه بالدراهم والدنانير حتى ربما نزع ثوبه فيدفعه إلى بعضهم ويقول ما أعدل ببركم شيئا .
عن الحسن بن كثير قال : شكوت إلى محمد بن علي الحاجة و جفاء إخواني فقال : بئس الأخ اخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم فقال : استنفق هذه فإذا نفذت فأعلمني .
عن سلمى مولاة لأبي جعفر قالت : كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى نطعمهم الطعام الطيب ونكسوهم الثياب الحسنة ونهب لهم الدراهم قالت فأقول له : ما تصنع ؟ فيقول : يا سلمى ما يؤمل في الدنيا بعد المعارف و الإخوان .
عن أبي العالية قال : كنت عند عثمان بن أبي العاص وكان له بيت يذكر الله عز و جل فيه ويأتيه فيه أصحابه فأتيته في عشر ذي الحجة فمر رجل بكبش فقال : بكم الكبش ؟ قال : باثني عشر درهما فقلت : لو ( كان ) عندي اثنا عشر درهما لاشتريت بها له كبشا فذبحته فأكلته وأكل عيالي فأعطاني صرة فيها خمسون درهما والله ما رأيت خمسينا قط كانت أعظم بركة منها أعطانيها وأنا إليها محتاج وهو طيب النفس .
كان حماد بن أبي سليمان يفطر في كل ليلة في شهر رمضان خمسين إنسانا فإذا كانت ليلة الفطر كساهم ثوبا ثوبا وأعطاهم مئة مئة .
عن زهير أبي خيثمة قال : استقرض أبي من الحسن بن الحر ألف درهم فلما جاء يردها عليه قال له الحسن بن الحر : اذهب فاشتر بها لزهير سكرا .
كان عامر بن عبد الله بن الزبير يتحين العباد وهم سجود : أبا حازم و صفوان بن سليم و سليمان بن سحيم و اشباههم فيأتيهم بالصرر فيها الدنانير و الدراهم فيضعها عند نعالهم حيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانه فيقال : ما يمنعك أن ترسل بها إليهم ؟ فيقول : أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي أو إذا لقيني .
عن منصور بن أبي الأسود قال : كان ليث بن أبي سليم يأتيني بالنفقة فيقول : خذها فإن لم تحتج إليها فأعطها من يحتاج إليها من أهل البيت .
عن طعمة الجعفري قال : كان عمران بن موسى بن طلحة يأتيني بالألف دينار والألفي دينار ويقول : اقسمها على إخوانك ولا تعلمهم أنها من قبلي . وكان يقول : ما رأيتك إلا رأيت لك علي فضلا بقضاء حوائجي قال طعمة : وإنما قضاء حوائجه أن يعطيني الدنانير و الدراهم أقسمها على الفقهاء .
عن مطرف قال : أتيت عثمان بن أبي العاص فقال لي : يا مطرف ويداك ملأى ؟ فلما وليت أتبعني رسولا معه صرة فيها أربعمائة فلما تيسرت أتيته بها فقال : لم أعطكها لآخذها منك .
جاء فتح الموصلي إلى صديق له يقال له عيسى التمار فلم يجده في المنزل فقال للخادم : أخرجي إلي كيس أخي فأخرجته له فأخذ درهمين وجاء عيسى إلى منزله فأخبرته الخادم بمجيء فتح وأخذ الدرهمين فقال : إن كنت صادقة فأنت حرة فنظر فإذا هي صادقة فعتقت .
عن عمر بن عبد العزيز قال : ما أعطيت أحدا مالا إلا وأنا أستقله وإني أستحي من الله عز و جل إن سألت الله عز و جل لأخ من إخواني وأبخل عنه بالدنيا وإذا كان يوم القيامة قيل لي : لو كانت الدنيا بيدك كنت أبخل .
عن عبد الله بن الوليد قال : قال لنا أبو جعفر محمد بن علي : يدخل أحدكم يده في كم صاحبه ويأخذ ما يريد ؟ قلنا : لا قال : فلستم بإخوان كما تزعمون .
عن سفيان بن عيينة قال : سمعت مساور الوراق يحلف بالله عز و جل ما كنت أقول لرجل إني أحبك في الله عز و جل فأمنعه شيئا من الدنيا .
عن أبي رجاء العطاردي قال : قدمت المدينة فرأيت عمر يقبل رأس أبي بكر رضي الله عنهما . عن سويد قال : رأيت سفيان بن عيينة يقبل يد فضيل بن عياض .