فوائد من كتاب الإخوان
عن عبد الرحمن بن سابط قال : أخبرت أن على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين قوم على منابر من نور عليهم ثياب خضر يغشون أبصار الناظرين دونهم ليسوا بأنبياء ولا شهداء قيل : من هم ؟ قال : قوم تحابوا بجلال الله حين عصي الله عز و جل .
عن ابن فضيل عن أبيه قال : لقيت أبا إسحاق بعدما ذهب بصره فالتزمني فقلت : تعرفني ؟ قال : نعم والله إني لأعرفك وإني لأحبك ولولا الحياء لقبلتك تدري فيمن نزلت هذه الآية ؟ حدثني أبو الأحوص عن عبد الله قال : في المتحابين في الله عز و جل : { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم }
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال : إن من الإيمان أن يحب الرجل الرجل ليس بينهما نسب قريب ولا مال أعطاه إياه ولا محبة إلا لله عز و جل .
عن أبي أمامة قال : من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله استكمل الإيمان . عن زجلة قالت : كنا مع أم الدرداء جلوسا فقال لها هشام بن إسماعيل : يا أم الدرداء ما أوثق عملك في نفسك ؟ قالت : الحب في الله .
عن ثابت البناني قال : إنا لوقوف بجبل عرفات فإذا شابان عليهما العباء القطواني نادى أحدهما صاحبه : يا حبيب فأجابه الآخر لبيك أيها المحب قال : ترى في الذي تحاببنا فيه وتواددنا فيه يعذبنا غدا في القيامة ؟ قال : فسمعنا مناديا سمعته الآذان ولم تره الأعين يقول : لا ليس بفاعل .
عن العوام بن حوشب قال : لقيت قتادة فقلت : آحب في الله ؟ قال : إنما أحببت ربك . عن ابن عباس قال : أحب في الله وأبغض في الله ووال في الله وعاد في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك ولا يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك .
عن قتادة قال : وجوه المتحابين من نور . قال لقمان لابنه : يابني لا تعد بعد تقوى الله من أن تتخذ صاحبا صالحا .
عن أنس بن مالك قال : من أتخذ أخا في الله بني له برج في الجنة . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إذا رزقكم الله عز و جل مودة امرىء مسلم فتشبثوا بها .
عن النضر بن محارب بن دثار عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : لقد أحببت في الله عز و جل الفراخ كلهم أعرف اسمه واسم أبيه واسم قبيلته وأعرف مكان داره . قال محارب : حيث قال : ( أعرف مكان داره ) : علمت أنه كان يزورهم ويأتيهم .
قال عبيد الله بن الحسن لرجل : يا فلان استكثر من الصديق فإن أيسر ما تصيب أن يبلغه موتك فيدعو لك .
قال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه : يا بني لا تستكثر أن يكون لك ألف صديق ولا تستقل أن يكون لك عدو واحد .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فإنهم زين في الرخاء وعدة في البلاء .
قال عياش بن مطرف الكلاعي : لا حياة لمن لا إخوان له ولا إخوان لمن لا مال له . قال الأوزاعي : من خفيت علينا بدعته فلن تخفا علينا ألفته .
قال أبو الدرداء : ( إن من فقه المرء ممشاه ومدخله ومجلسه ) ثم قال أبو قلابة : قاتل الله الشاعر : لا تسأل عن المرء وانظر قرينه .
قال رجل لداود الطائي : أوصني : قال: اصحب أهل التقوى فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤونة وأكثرهم لك معونة .
كان يقال : اصحب من إن صحبته زانك وإن خدمته صانك وإن أصابتك خصاصة مأنك وأن رأى منك حسنة عدها وإن رأى منك سقطة سترها وإن قلت صدق قولك وإن صلت سدد صولك . وزاد غيره : ولا تأتيك منه البوائق ولا تختلف عليك منه الطرائق ومن إن سألته أعطاك وإن سكت ابتدأك وإن نازعته بذل لك .
قال عثمان بن حكيم الأودي : اصحب من هو فوقك في الدين ودونك في الدنيا . كان يقال : اصحب من ينسى معروفه عندك .
عن عامر بن أبي عامر الخزاز قال : قال لنا هاشم بن القاسم : ما إخوان الصفا ؟ فقلت أنا شيئا و قال هذا شيئا قال : لا ولكنه الذي يغضب لغضبك ويرضى لرضاك .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : آخ الإخوان على قدر التقوى ولا تجعل حديثك بذلة إلا عند من يشتهيه ولا تضع حاجتك إلا عند من يحب قضاءها ولا تغبط الأحياء إلا بما تغبط الأموات وشاور في أمرك الذين يخشون الله عز و جل .
عن أبي حمزة الشيباني أنه سئل عن الإخوان في الله عز و جل من هم ؟ قال : هم العاملون بطاعة الله عز و جل المتعاونون على أمر الله عز و جل وإن تفرقت دورهم وأبدانهم : قال : فحدثت به أبا سليمان فقال : قد يعملون بطاعة الله عز و جل ويتعاونون على أمره ولا يكونون إخوانا يتزاوروا ويتباذلوا .
عن واصل مولى أبي عيينة قال : كنت مع محمد بن واسع بمر فأتاه عطاء بن أبي مسلم ومعه ابنه عثمان فقال لمحمد : أي العمل في الدنيا أفضل ؟ قال : صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان إذا اصطحبوا على البر والتقوى قال : فحينئذ يذهب الله عز و جل بالحلاوة بينهم فوصلوا وتواصلوا ولا خير في صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان إذا كانوا عبيد بطونهم لأنهم إذا كانوا كذلك ثبط بعضهم بعضا عن الآخرة .
قال لقمان لابنه : أي بني واصل أقربائك وأكرم إخوانك وليكن أخذانك من إذا فارقتهم وفارقوك لم تعب بهم .
قال عبد الله بن الحسن : أربع من سعادة المرء : أن تكون زوجته صالحة وأن يكون ولده أبرار وأن تكون معيشته في بلده وإخوانه صالحين .
قال الحسن : المؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه مالا يعجبه سدده وقومه وحاطه وحفظه في السر والعلانية إن لك من خليلك نصبيا وإن لك نصيبا من ذكر من أحببت فثقوا بالأصحاب والإخوان والمجالس .
عن معاوية بن قرة قال : نظرنا في المودة والإخاء فلم نجد أثبت مودة من ذي أصل . سئل بعض الحكماء أي الكنوز خير ؟ قال : أما بعد تقوى الله فالأخ الصالح .
أوصى رجل من الحكماء أخا له فقال : إي أخي : آخ الكريم الاخوة إلا أمل المروءة والذي إن غبت خلفك وإن حضرت كنفك وإن لقي لك صديقا استزاده و إن لقي لك عدوا كف عنك معرته وإن رأيته أبتهجت به وإن ناسبته استرحت .
كانت الحكماء تقول : إن مما يجب للأخ على أخيه مودته بقلبه وتزيينه بلسانه ورفده بماله وتقويمه بأدبه وحسن الذب والمدافعة عنه في غيبته .
قال رجل من عبد القيس لابنه : أي بني لا تؤاخ أحدا حتى تعرف موارد أموره ومصادرها فإذا استطبت منه الخبر ورضيت منه العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة عند العسرة .
لما أراد النعمان بن المنذر أن يخرج إلى الشام أوصاه أبوه فقال : يا بني أنهاك عن اثنتين أولهما : أنهاك عن أخلاق الصديق واستطراف المعرفة وآمرك بالبذل في عرضك والانخداع في مالك وأحب لك خلوة بالليل .
قال رجل لخالد بن صفوان : أخوك أحب إليك أم صديقك ؟ فقال : إن أخي إذا لم يكن لي صديقا لم أحبه .
عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال : إني كنت معه فلقيه رجل فقال : إني حدثت أن الرجل إذا لقي أخاه فقال : إني أحبك في الله كتب لهما تحت العرش : وإني أحبك في الله عز و جل .
مر على عبد الله بن عباس رجل فقال : إن هذا يحبني فقيل : أنى علمت ذلك ؟ قال : إني أحبه . كان يقال : إن المودة قرابة مستفادة .
عن ابن عباس قال : الرحم تقطع والنعم تكفر ولم ير كتقارب القلوب قال أبو جعفر : فكان محمد مبادرا في ذلك : قد يقطع الرحم القريب وتكفر النعماء ولا كتقارب القلبين يبدي الهوى هذا ويبدي ذا الهدى فإذا هما نفس ترى نفسين
عن أبي جعفر قال : اعرف المودة في قلب أخيك لما له في قلبك . قيل لأبي حازم ما القرابة ؟ قال : المودة قيل : فما اللذة ؟ قال : الموافقة قيل : ما الراحة ؟ قال : الجنة .
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل فيقول : يا طولها من ليلة فإذا صلى المكتوبة غدا إليه فإذا التقيا عانقه .
خرج عبد الله بن مسعود على أصحابه فقال : أنتم جلاء حزني . قال الحسن : ابن آدم رب اخ لك لم تلده أمك .
قال بلال بن سعد : أخ لك كلما لقيك ذكرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا .
عن عبيد بن عمير أنه قال : إذا آخى أخا في الله أخذ بيده فاستقبل به القبلة ثم قال : اللهم اجعلنا شهداء بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم واجعل محمدا علينا شهيدا بالإيمان وقد سبقت لنا منك الحسنى غير مغلول علينا ولا قاسية قلوبنا ولا قائلين ما ليس لنا بحق ولا سائلين ما ليس لنا بعلم .
قال رجل لمحمد بن مناذر : في أي شيء وجدت لذة العيش ؟ قال : في محادثة الإخوان والرجوع إلى الكفاية .
عن أبي جعفر أنه قال : قدومي مكة حبا للقاء عمرو بن دينار و عبد الله بن عبيد بن عمير قال : وكان يحمل إليهم النفقة والصلة والكسوة ويقول هيأتها لكم من أول السنة .
عن وهب بن منبه قال : ثلاث من روح الدنيا : لقي الإخوان وإفطار الصائم والتهجد من آخر الليل .
لقي يحيى بن زكريا عيسى بن مريم عليهما السلام و يحيى متبسم متهلل الوجه و عيسى قاطب متعبس فقال عيسى ليحيى أتضحك كأنك آمن فقال يحيى لعيسى : كأنك آيس فأوحى الله عز و جل أن ما فعل يحيى أحب إلينا .