فوائد من كتاب إصلاح المال 2
كان محمد بن سيرين إذا أتاه رجل من العرب ، قال له : « ما لك لا تتجر ؟ كان أبوبكر تاجر قريش » عن مجاهد ، في قوله عز وجل : ( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ) سورة : البقرة آية رقم : 267 , قال : التجارة .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « يا معشر القراء ، ارفعوا رءوسكم فقد وضح الطريق ، فاستبقوا الخيرات ، ولا تكونوا عيالا على المسلمين »
عن محمد بن سيرين ، عن أبيه ، قال : شهدت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند المغرب ، فأبى علي ومعي رزيمة لي ، فقال ما هذا الذي معك ؟ قال قلت : رزيمة لي ، أقوم في هذا السوق ، فأشتري وأبيع . قال : فقال : « يا معشر قريش ، لا يغلبنكم هذا وأصحابه على التجارة ؛ فإنها ثلث الملك »
خرج أبو بكر وعلى عاتقه عبأة له ، فقال له رجل : أرني أكفك . قال ، فقال : « إليك عني ، لا تعود ، أنت وابن الخطاب من عيالي »
عن أيوب ، قال : كان أبو قلابة يأمرني بلزوم السوق والصنعة ، ويقول : « إن الغنى من العافية » مر زيد بن ثابت بالحكم بن عتيبة ، وعنده جماعة ، فقال : « قد تركت السوق ، وقعدت مع هؤلاء ؟ قم إلى سوقك ، فإنه خير لك »
قال أيوب : « لو أعلم أن عيالي ، يحتاجون إلى جرزة بقل ، ما قعدت معكم » عن أبي وائل ، قال : « الدرهم من تجارة أحب إلي من عشرة من عطايا »
كان سعيد بن المسيب يقول : « من لزم المسجد ، وترك الحرفة ، وقبل ما يأتيه ، فقد ألحف في السؤال » عن الهيثم بن جميل ، قال : قلت لابن المبارك : أتجر في البحر ؟ . قال : « اتجر في البر والبحر ، واستغن عن الناس »
عن سعيد بن المسيب ، قال : « كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في بحر الروم ، منهم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل »
قال عمر : « من اتجر في شيء ثلاث مرات ، فلم يصب فيه ، فليتحول إلى غيره » عن ابن عمر قال : « إذا لم يرزق أحدكم في البلد ، فليتجر إلى بلد غيره »
قال أبو يحيى عمرو بن دينار : كنت مع سالم بن عبد الله ، ونحن نريد الصلاة ، فنظر إلى السوق وقد خمروا متاعهم ، وقالوا إلى الصلاة ، فتلى سالم : « ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) " سورة : النور آية رقم : 37 ، قال : هم هؤلاء »
عن وهب بن منبه قال : « حق على العاقل أن لا يظعن إلا في ثلاث : زاد لمعاد ، أو حرفة لمعاش أو لذة في غير محرم »
لقي رجل الحسن بن يحيى بأرض الحبشة ، معه تجارة ، فقال له : ما الذي بلغ بك ها هنا ؟ فأخبره فعذله الرجل . فقال : أكل هذا طلب للدنيا ، وحرص عليها ؟ فقال له : الحسن : يا هذا : « إن الذي حملني على هذا ، كراهة الحاجة إلى مثلك »
قال الشعبي : « التجارة نصف الرزق » قال سعيد بن المسيب : « ما تجارة أحب إلي من البز ( البَز : الثيابُ أو مَتاعُ البيتِ من الثيابِ ونحوِها ) ، ما لم يكن فيه أيمان »
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « لو كنت تاجرا ما اخترت على العطر شيئا ، إن فاتني ربحه ما فاتني ريحه » وبلغني عن بعض الحكماء ، قال : صاحب الدنيا يطلب أمورا ثلاثة ، لا يدركها إلا بأمور أربعة ، فالثلاثة : السعة في المعيشة ، والمنزلة في الناس ، والزاد إلى الآخرة ، والأربعة : اكتساب المال من أحسن وجهه ، وحسن القيام عليه ، وإنفاقه في مواضعه ، من غير إسراف ولا تقتير ، فمن أضاع الأربعة لم يدرك الثلاثة . وبلغني عن بعض الحكماء ، قال : الغني : من أصلح أمر دنياه وآخرته .
عن كثير عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر : « نعم الرجل فلان ، لولا بيعه » . فقلت لسعيد بن المسيب : وما كان يبيع ؟ قال : « كان يبيع الطعام » . قلت : والذي يبيع الطعام باغ ؟ قال : « قل ما باعه رجل إلا وجد للناس »
كان أبو ذر يقول : « يا بني اطلبوا الرزق في غير بيع بني آدم » عن يزيد بن ميسرة ، قال : « ما من تجار أبغض إلى الله عز وجل من أصحاب الطعام والنسيء »
دخل ناس من بني أسد على معاوية ، فسألهم عن تجارتهم ، فقالوا : نبيع الرقيق . قال : بئس التجارة ، ضمان نفس ، ومؤنة ضرس . عن إبراهيم ، قال : « كانوا يكرهون بيع الرقيق »
قال معاوية لرجل : وما تجارتك ؟ قال : بيع الإبل . قال : « أما علمت أن أفواهها حرث وجلودها حرث ، وبعرها حطب ، وتأكل الذهب »
عن أبي العلانية محمد بن أعين ، قال : رأيت عبد الله بن أبي أوفى ، يخرج إلى السوق ، فيقول : " أبشروا يا معشر الصيارف . فيقولوا : بشرك الله بخير . فيقول : أبشروا بالنار " عن الوليد بن أبي هشام ، قال : قلت للحسن : « أصلي خلف الصيرفي ؟ قال : خلف الفاسق ؟ »
عن أبي عبد الله ، قال : سألت عددا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم معاذ بن جبل عن الصرف ، فكلهم ينهى عنه .
عن الحسن قال : « الصرف والله ربا ، الصرف والله ربا » عن ابن عون قال : « نهاني ابن حبان عن صيرفي »
عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه أن عمر ، مر على غلام له يبيع الرطب ، فقال : انفشها ؛ فإنه أحسن لها . وأتى على غلام يبيع الحلل ، فقال : إذا كان الثوب عاجزا فانشره وأنت جالس ، وإن كان واسعا فانشره وأنت قائم . فقلت : الله الله إلى عمر . فقال : « إنما هي السوق »
عن عمر بن الخطاب قال : « إذا أراد أحدكم أن يشتري بعيرا ، فلينظر إلى العظيم الطويل ، فليضربه بعصاه ، فإذا وجده حديد الفؤاد ، فليشتره ؛ فإنه يخلفه فيه خيرا ، لا يخلفه فيه ثمن »
قال عمر بن عبد العزيز : « إذا اشترى أحدكم شيئا فليستجد ؛ فإنه إنما يعين عقله لا درهمه » قال علي بن محمد : كان يقال : « الغبن في شيئين : في الرداءة والغلاء ، فإذا استجددت فقد سلمت من أحد العيبين »
قال معاوية : « أنا أعلم أرخص ما يباع في السوق وأغلاه » . قيل : وكيف ؟ قال : « أعلم أن الجيد رخيص ، والرديء غال »
مر على بجارية قد اشترت لحما بدرهم ، وهي تقول : زدني . فقال : « زدها ، ويحك ؛ فإنه أعظم لبركة الربح »
قال حفص بن سليمان : أعطاني علقمة درهما اشتري به لحما ، فقال : « فأكثر ، فإن الغبن غبن العقل لا غبن الدرهم » قال أبو العالية : « إذا اشتريت شيئا فاشتر من أجوده »
دخل تاجر على معاوية ، فجعل يماكسه . فقال التاجر : لقد بلغني عنك غير هذا ؟ . قال : وما بلغك ؟ قال : بلغني بؤسك وكرمك . قال : « مه إنما ذلك عن ظهر يد ، فأما أربد عن عقلي فلا »
عن نميلة بن مرة السعدي ، قال : قال أبي : « لا يغضبن رجل أن يقال : فلان أعقل منك ، إذا غبنه في بيع وشراء ، فإن البيع بيع ، والمكرمة مكرمة »
عن عمرو بن مهاجر ، أن عمر بن عبد العزيز ، أتي بعنبرة عظيمة فوضعت بين يديه ، فقام رجل ، فنادى بأعلى صوته : اتق الله يا أمير المؤمنين ، أنا بالله ثم بك . قال عمر : ما شأنها ؟ قال : بعتها من سليمان بن عبد الملك بتسعة آلاف دينار وهي ثمنها ثمانية عشر ألف دينار . قال : عمر : ويحك أكرهوك ؟ قال : لا . قال : أخافوك ؟ . قال : لا . قال : فغصبوك ؟ . قال : لا . قال عمر : لا حق لك . وأنا وددت أني أبيع شيئا ولا أبتاعه إلا لطحت صاحبه .
لما قدم معاوية المدينة لقي يهوديا ، فساومه بضيعة له ، فوقفا على خمسمائة ألف درهم ، قال : فأبى الآخر إلا ستمائة ، قال : فزاده معاوية خمسين ألفا . فقال له : يا أمير المؤمنين ، لقد بلغني أنك تصل في المجلس الواحد بألف ألف درهم وتشاحني في هذا الشطر ؟ . قال : إن هذا عقلي ، تريد أن تخدعني وتيك مكرمة .
قال سعد بن أبي وقاص : « ثلاثة سعادة ، وثلاثة شقاوة ، فأما السعادة : فامرأة صالحة مواتية ، ودابة تضعك من أصحابك حيث أحببت ، ومسكن واسع كثير المرافق . وأما الشقاوة : فامرأة سيئة الخلق ، ودابة سوء ، إن أردت أن تلحق أصحابك أتعبتك ، وإن تركتها خلفتك عن أصحابك ، ومسكن ضيق قليل المرافق »
قال عثمان بن مظعون : وجدت أحد ما يقول أهل الكتاب حقا ، إنه مكتوب في التوراة : « من باع عقارا أو ورثها عن أبيه ، لم يجعل ثمنها في عقار ، دعت عليه طرفي النهار : أن لا يبارك له فيه »
جاءت امرأة من ثقيف إلى الحسن ، فقالت : إني في ضيق ، وكلم أخي يبيع بعض سباخنا ، أو بعض أرضنا ، فنتسع ، فأرسل إليه فجاء وكلمه ، وأخبره بخبر أخته ، وما شكت ، وهو ساكت ، ثم قام فقال : يا أبا سعيد إنا أهل بيت نبيع التراب هكذا . قال ابن أبي الدنيا : حتى نصير إلى التراب .
عن الكلبي ، في قوله عز وجل : ( ومما أخرجنا لكم من الأرض ) سورة : البقرة آية رقم : 267 , قال : « من الحرث »
سأل معاوية بعض المعمرين ، قال : أخبرني ، أي المال أفضل ؟ قال : « عين خرارة بأرض خوارة ، تعول ولا تعال » . قال : ثم ماذا ؟ قال : « ثم فرس في بطنها فرس يتبعها فرس ، والأرض مقبلة معقبة » . قال : أين أنت من الغنم ؟ ما أراك تذكرها . قال : « تلك لغيرك يا أمير المؤمنين ، تلك لمن يباشرها بنفسه » . قال : معاوية : فما تقول في الذهب والفضة ؟ قال : « يا أمير المؤمنين جبلان يصطكان ، إن أنفقتهما نفدا ، وإن تركتهما لم يزيدا »
عن مالك بن دينار ، قال : قرأت في التوراة : « إن الذي يعمل بيده ، ويأكل ، طوبى لمحياه ومماته » سليمان :( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ) سورة : المؤمنون آية رقم : 51 , قال : « هو عمل الرجل بيده »
قال عيسى ابن مريم عليه السلام : « إن الله عز وجل يحب العبد يتعلم المهنة يستغني بها عن الناس ، ويكره العبد يتعلم العلم يتخذه مهنة »
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « تعلموا المهنة ؛ فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنته » قال الضحاك بن مزاحم : « شرف المؤمن : صلاة في جوف الليل ، وعزه : استغناؤه عن الناس »
عن مالك بن دينار قال : دخل علي جابر بن زيد ، وأنا أكتب في المصحف ، فقال : نعم العمل تعمل بنقل كتاب الله عز وجل من ورقة إلى ورقة ، هذا والله الكسب الحلال .
قال ابن بريدة : كان سلمان : يعمل بيده ، فيشتري به طعاما ثم يدعو المجذمين فيأكلون معه . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس »
عن ابن أبي نجيح ، قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام : أوتينا ما أوتى الناس ، وما لم يؤتوا ، وعلمنا ما علم الناس ، وما لم يعلموا ، فلم نجد أفضل من خشية الله عز وجل في الغيب والشهادة ، والقصد في الفقر والغنى ، وكلمة الحق في الغضب والرضا .
عن الحسن بن ذكوان ، أن داود ، عليه السلام قال : « أوصاني ربي عز وجل بتسع خصال : أوصاني بخشيته في السر والعلانية ، والعدل في الغضب والرضا ، والاقتصاد في الغنى والفقر ، وأوصاني أن أصل من قطعني ، وأن أعطي من حرمني ، وأعفو عمن ظلمني ، وأن يكون نظري عبرا ، وصمتي تفكرا ، وقولي ذكرا »
كان عمر بن عبد العزيز يقول : « إن من أحب الأمر إلى الله عز وجل القصد في الجد ، والعفو في المقدرة ، والرفق في الولاية ، وما رفق عبد في الدنيا إلا رفق الله عز وجل به يوم القيامة »
قال سليمان بن داود عليهما السلام : « كل العيش قد جربناه ، فوجدناه يكفي منه أدناه » سئل محمد بن سيرين عن الإسراف ؟ قال : « الإنفاق في غير حق »
عن سفيان الثوري في قول الله عز وجل : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ) سورة : الفرقان آية رقم : 67 , قال : « لم يجعلوه في غير حقه ، فيضيعوه . ( ولم يقتروا ) قال : لم يقصروا عن حقه . ( وكان بين ذلك قواما ) عدلا وفضلا »
قال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز : كيف وما يغنيك ؟ . قال : الحسنة بين السيئتين ، قال الله عز وجل : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) سورة : الفرقان آية رقم : 67 .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى » قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « يكفي أهل بيت كل شهر ثلاثة دراهم لحم »
قال معاوية : « القصد قوام المعيشة ، ويكفي عنك نصف المؤنة » كان بنو إسرائيل يستنجون بالخبز فسلط الله عليهم الجوع فجعلوا يتبعون حشوشهم فيأكلونها .
قال معاوية : « ما رأيت تبذيرا إلا وإلى جانبه حق يضيع » قال : وكان يقال : حسن التدبير مفتاح الرشد ، وباب السلامة الاقتصاد . وكان يقال : فقير مسدد خير من غني مسرف . وبلغني عن بعض الحكماء ، أنه كان يقول : اغلب هواك على الفساد ، وكن مقبلا على القصد ، يقبل عليك المال ، والاقتصاد يعصم من عظيم الذنب ، وفيه راحة للبدن ، ومرضاة للرب ، وتحصين من الذنوب .
عن الحسن قال : « كان أهل قرية قد وسع الله عز وجل عليهم في الرزق ، حتى جعلوا يستنجون بالخبز ، فبعث الله عز وجل عليهم الجوع حتى جعلوا يأكلون ما يقعدون »
عن النعمان بن بشير ، أنه كان يقول : « إن للشيطان مناصبا وفخوخا ، ومن مناصب الشيطان وفخوخه : البطر بأنعم الله عز وجل ، والفخر بعطاء الله عز وجل ، والكبرياء على عباد الله عز وجل ، واتباع الهوى في غير ذات الله عز وجل »
قال عمر : « أيها الناس ، إياكم والبطنة ؛ فإنها مكسلة عن الصلاة ، مفسدة للجسد ، مؤثرة للسقم ، فإن الله عز وجل يبغض الحبر السمين ، ولكن عليكم بالقصد في قوتكم ؛ فإنه أدنى من الإصلاح ، وأبعد من السرف ، وأقوى على عبادة الرب عز وجل فإنه لن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه »
قال علي رضي الله عنه : « البطنة مقساة القلب » قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا يكون الرجل قيما لأهله حتى لا يبالي ما سد به فورة الجوع ، ولا يبالي أي ثوبيه ابتدل
قال عمر : « والذي نفسي بيده لولا أن تنقص حسناتي لخالطتكم في لين عيشكم » قال عمر : « يا معشر الناس لا تمروا على أصحاب الموائد ، إن اشتهيتم اللحم مرة بلحم ، مرة بسمن ، مرة بزيت ، مرة بملح »
عن الأحنف بن قيس ، قال : خرجنا مع أبي موسى وفودا إلى عمر وكانت لعمر ثلاث خبزات يأدمهن يوما بلبن ، ويوما بسمن ، ويوما بلحم عريض ، ويوما بزيت ، فجعل القوم يأكلون ويعذرون ، فقال عمر : إني لأرى تعذركم ، وإني لأعلمكم بالعيش ، ولو شئت لجعلت كراكر وأسنمة وصلاء وصنابا وصلائق ، ولكن أستبقي حسناتي ، إن الله عز وجل ذكر قوما فقال : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) سورة : الأحقاف آية رقم : 20 .
دعا الحسن رجلا إلى طعامه . فقال : قد أكلت ولست أقدر أن أعود . قال : « سبحان الله أو يأكل المؤمن حتى لا يستطيع أن يعود ؟ »
عن أبي قلابة ، في قوله عز وجل : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) سورة : التكاثر آية رقم : 8 , قال : « ناس من أمتي يعقدون السمن والعسل بالشيء فيأكلونه »
جاء رجل إلى ابن عمر ، فقال : ألا نضع لك جوارش ؟ قال : « لأي شيء الجوارش ؟ » قال : شيء إذا كظك الطعام فأكلت منه سهل عليك ما تجد . قال ابن عمر : « ما شبعت منه أربعة أشهر ، وما ذاك بأني لا أكون أجده ، ولكن عهدت أقواما يجوعون مرة ، ويشبعون مرة »
عن وهيب بن الورد ، قال : « لقي عالم عالما هو فوقه في العلم ، فقال : يرحمك الله ، أخبرني عن هذا الطعام الذي نصيبه لا إسراف فيه ، ما هو ؟ قال : ما سد الجوع دون الشبع »
حبس سعيد بن المسيب ، فهيأ له أهله طعاما ، فلما أتي ، قال : « والله ما أنا في منزل سواء وإني لفي منزل ضر ، ولا يجمع بنو مروان حبسي وذهاب مالي أعيدوا لي ما كنت أفطر عليه في منزلي »
قال سفيان : « كان عمر يدفع الشيء يشتهيه سنة » ال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعمر : إن أردت اللحوق بصاحبيك ، فاقصر الأمل ، وكل دون الشبع ، وانكس الإزار ، واخصف النعل ، تلحق بهما .
بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يزيد بن أبي سفيان ، يدخل الطعام على الطعام . فقال لمولى له يقال له يرفأ : إذا حضر طعامه فأعلمني . فلما حضر غداه جاءه فأعلمه ، فأتى عمر ، فسلم عليه ، واستأذن ، فأذن له ، فدخل فعرى يداه ، فجاءه بلحم ، فأكل معه منه ، ثم قرب شواء فبسط يزيد يده ، وكف عمر يده ، ثم قال : والله يا يزيد بن أبي سفيان أطعام بعد طعام ؟ ، والذي نفس عمر بيده لئن خالفتهم عن سنتهم ليخالفن بك عن طريقتهم .
قالت حفصة : يا أمير المؤمنين ، لو لبست ثيابا ألين من ثيابك ، وأكلت طعاما ألين من طعامك ، فقد فتح الله عز وجل عليك الأرض ، وأكثر لك من الخير ؟ قال : « سأخصمك إلى نفسك ، أما تذكرين ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى من شدة العيش ؟ » . فمازال يذكرها ، حتى أبكاها ، ثم قال : « إني قد قلت لك إني والله لئن استطعت لأشركنهما بمثل عيشهما الشديد ، لعلي ألقى معهما عيشهما الرخي »
كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يشتري القميص بدرهمين ، ويشتري الدرع بألفين » عن علي ، رضي الله عنه أنه عوتب في لبوسه ، فقال : « إن لبوسي هذا أبعد من الكبر ، وأجدر أن يقتدي بي المسلم »
عن عبد الله بن عمر ، أنه رأى عمر يرمي الجمرة ، وعليه إزار فيه ثلاث عشرة رقعة بعضها من أدم ، وإن منها ما قد خيط بعضه على بعض ، إذا قعد ثم قام انتخل منه التراب .
أتى علي رضي الله عنه السوق فقال : « من عنده قميص خشن ، بثلاثة دراهم ؟ » فقال رجل : عندي . فقال : « هلم » . فجاءه به فأعجبه فقال علي : « ثمنه أكثر من ذا ؟ » . فقال : لا . قال : فنظرت ، فإذا هو يحل رباطا من كمه ، فيه نفقة له ، قال فلبسه فإذا هو يفضل عن أطراف أصابعه . فقال : « اقطعوا ما فضل عن أطراف أصابعي ثم حصوه »
عن عبيد الله بن حميد ، قال : مر جدي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعليه بردة فقال : بكم ابتعت بردك هذا ؟ قال : بستين درهما . قال : كم مالك ؟ . قال : ألف درهم . قال فقام إليه بالدرة ، فجعل يضربه ويقول : رأس مالك ألف درهم ، وتبتاع ثوبا بستين درهما ؟ رأس مالك ألف درهم ، وتبتاع ثوبا بستين درهما ؟
قال الأحنف بن قيس : « ما كذبت قط إلا مرة ، فإن عمر نظر إلي مرة ، فقال : بكم أخذت هذا الثوب ؟ فألقيت ثلثي ثمنه . فقال : إن رداءك هذا لحسن لولا كثير ثمنه »
عن أبي سعيد ، رضيع عائشة قال : دخلت عليها فرأيتها تخيط نقبة لها ، فقلت : يا أم المؤمنين ، أليس قد وسع الله عز وجل عليك ؟ . قالت : « لا جديد لمن لا يلبس الخلق »
أتى عمر رضي الله عنه ابن له . فقال : اكسني إزارا وكان إزاره قد ولي . فقال : اذهب فاقطعه ، ثم صله ، فإنه سيكفيك ، أما والله إني أرى ستجعلون ما رزقكم الله عز وجل في بطونكم ، وعلى جلودكم وتتركون أراملكم ، ويتاماكم ، ومساكينكم .
عن إبراهيم قال : لا تلبس من الثياب ما يشتهرك الفقهاء ويزدريك به السفهاء . رأى ابن عمر على ابنه ثوبا قبيحا دونا . فقال : « لا تلبس هذا ، فإن هذا ثوب شهرة .
عن سفيان قال : « كانوا يكرهون الشهرتين ، الثياب الجياد التي يشتهر فيها ، ويرفع الناس فيها أبصارهم ، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ، ويستذل دينه »
عن وهيب بن الورد قال : لقي عالم عالما هو فوقه في العلم . فقال : رحمك الله ، أخبرني عن هذا اللباس الذي لا إسراف فيه ، ما هو ؟ قال : هو ما يستر عورتك ، وأدفأك من البرد .