فوائد من كتاب الرقائق الجزء الثانى
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إنَّا صعب علينا حفظ القرآن وسهل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به)
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كان الفاضل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن)
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ولا يحرف الكلم عن مواضعه ولا يتأوَّل منه شيئًا على غير تأويله)
قال الأحنف بن قيس: عرضت نفسي على القرآن، فلم أجد نفسي بشيء أشبه مني بهذه الآية وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ
قال ابن القيم: ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال في القرآن الكريم: لا تهذوا القرآن هذا لشعر ولا تنثروه نثر الدقل - أي التمر الرديء وفي رواية الرمل - قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.
قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين الفاتحة إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه، ينثره نثر الدقل.
عن محمد بن زهير بن محمد قال: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في وقت شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان
عن ابن سعد قال: كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، لم يفطر حتى يختم القرآن وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة. وكان كثيرا إذا أفطر يرسلني إلى مساكين فيأكلون معه رحمه الله.
قال داود الطائي: إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها، فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو، والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك.
كتب بعض السلف إلى أخ له: يا أخي يخيل لك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تساق مه ذلك سوقاً حثيثاً، الموت موجه إليك، والدنيا تطوى من ورائك، وما مضى من عمرك، فليس بكار عليك.
قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.
قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة، قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة، قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقى، أخذت بما مضى وبما بقي.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: لأن أدمع دمعه من خشيه الله عز وجل أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار.
كان ابن عمر إذا قرأ: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} بكى حتى يغلبه البكاء، وكان يطفئ المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عينيه 0
قال سعد بن الأخرم: كنت أمشي مع ابن مسعود فمَّر بالحدَّادين وقد أخرجوا حديداً من النار فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي.
قال الثورى: جلست ذات يوم أحدث ومعنا سعيد بن السائب الطائفي فجعل سعيد يبكى حتى رحمته فقلت: يا سعيد ما يبكيك وأنت تسمعني أذكر أهل الخير وفعالهم؟ فقال: يا سفيان وما يمنعني من البكاء إذا ذكرت مناقب أهل الخير وكنت عنهم بمعزل؟ قال سفيان: حق له أن يبكى.
قال الحسن البصري: بلغنا أن الباكي من خشيه الله لا تقطر من دموعه قطره حتى تعتق رقبته من النار
قال أبو جعفر الباقر: ما اغرورقت عين عبد بمائها إلا حرم الله وجه صاحبها على النار فإن سالت على الخدين لم يرهق وجهه قتر ولا ذله وما من شيء إلا وله جزاء إلا الدمعة فإن الله يكفر بها بحور الخطايا ولو أن باكيا بكى من خشية الله في أمه رحم الله تلك الأمة.
قال كعب الأحبار: لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا.
عن إبراهيم بن الأشعث قال كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكى حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.
عوتب يزيد الرقاشى على كثرة بكائه، وقيل له: لو كانت النار خُلِقتْ لك ما زدت على هذا؟! قال: وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن و الإنس؟
سئل عطاء السليمي: ما هذا الحزن؟ قال: ويحك، الموت في عنقي، والقبر بيتي، وفي القيامة موقفي، وعلى جسر جهنم طريقي لا أدري ما يُصنَع بي.
قال أبو سليمان الداراني: من صفى صفي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليله كوفىء في نهاره ومن أحسن في نهاره كوفيء في ليله.
قال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: دخلت على جار لي وهو في الغمرات يعاني عظيم السكرات، يُغمى عليه مرة، ويفيق أخرى، وفي قلبه لهيب الزفرات، وكان منهمكًا في دنياه، متخلفًا عن طاعة مولاه، فقلت له: يا أخي، تب إلى الله، وارجع عن غيّك، عسى المولى أن يشفيك من ألمك، ويعافيك من مرضك وسقمك، ويتجاوز بكرمه عن ذنبك. فقال: هيهات هيهات! قد دنا ما هو آت، وأنا ميّت لا محالة، فيا أسفي على عمر أفنيته في البطالة. أردت أن أتوب مما جنيت، فسمعت هاتفًا يهتف من زاوية البيت: عاهدناك مرارًا فوجدناك غدارًا.
عن قسامة بن زهير قال خطبنا أبو موسى فقال يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع ثم يبكون الدماء حتى لو أرسلت فيها السفن لجرت.
قال ابن القيم رحمه الله: وبالجملة فمراتب الفاحشة متفاوتة بحسب مفاسدها، فالمتخذ خدناً من النساء والمتخذة خدناً من الرجال أقل شرّاً من المسافح والمسافحة مع كل أحدٍ، والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن، والكاتم له أقل إثماً من المخبِر المحدِّث للناس به، فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ... ".
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى الناسُ مِنَ الهَوى عَلى أَصنافِ هَذا ناقِضُ العَهدِ وَهَذا وافي، هَيهَات مِنً الكُدورِ تَبغي الصافي، ما يَصلُحُ لِلحَضرَةِ قَلبٌ جافي.
قال الإمام ابن الجوزي الغفلة عن التذكرة والسعي على جادة الهوى غشي على القلب وران عليه، فإذا هم بخطيئة أو قاربها اقتلب مراعاة الحق إليه: خذ مراعاته بحق الحق قبل ذلك كما قال تعالى: (فَلَوْلاَ أَنّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات 143: 144]
قال ابن القيم رحمه الله تعالى «الجزاء مماثل للعمل» من جنسه في الخير والشر، فمن ستر مسلماً ستره الله، ومن يَسّر على مُعْسر يَسّر اللهُ عليه في الدنيا والآخرة، ومن نَفَّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نَفَّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن أقال نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن ضارَّ مسلماً ضارَّ اللهُ به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه، ومن خَذَلَ مسلماً في موضع يحب نُصرته فيه خَذَلَهُ اللهُ في موضع يحب نصرته فيه، ومن سَمَحَ سَمَحَ الله له، والراحمون يرحمهم الرحمن، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، ومن أنفق أُنفِقَ عليه، ومن أَوْعَى أُوعِيَ عليه، ومن عفا عن حقه عفا اللهُ له عن حقه، ومن تجاوز تجاوز اللهُ عنه، ومن استقصى استقصى اللهُ عليه».
قال الحسن البصريّ: "رحِم الله أقوامًا كانت الدّنيا عندهم وديعة، فأدَّوها إلى من ائتمنهم عليها، ثمّ قاموا خفافًا.
قيل لعمرو بن هانئ: لا نرى لسانك يفتر من الذكر فكم تسبح كل يوم قال: مائة ألف إلّا ما تخطئ الأصابع
قال الجنيد رحمه الله تعالى: ما رأيت أعبد لله تعالى من سريّ السّقطي، أتت عليه ثمان وسبعون سنة ما رؤي قط مضطجعًا إلا في علته التي مات فيها.
عن ابن مسعود أنه كان يقول إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شرا فيوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع.
عن أبي زكريا التيمي قال بينا سليمان بن عبد الملك في المسجد الحرام إذ أتى بحجر منقور فطلب من يقرأه فأتى بوهب بن منبه فقرأه فإذا فيه: ابن آدم إنك لو رأيت قرب ما بقي من أجلك لزهدت في طويل أملك ولرغبت في الزيادة من عملك.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته ... . فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته".
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل ".
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى خلق إبليس من ماء غير طاهر فكانت خلعة العبادة عليه عارية فسخن ماء معاملته بإيقاد نار الخوف فما أعرض عنه الموقد عاد إلى برودة الغفلة 0
قال أحد الصالحين لتلاميذه: " إذا خرجتم من المسجد فتفرّقوا لتقرؤوا القرآن، وتسبّحوا الله، فإنكم إذا اجتمعتم في الطريق، تكلمتم وضاعت أوقاتكم ".
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل، ولله حق بالليل لا يقبله بالنهار.
قالوا لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: لو ركبت وتروحت؟ فقال لهم: فمن يجزىء عني عمل ذلك اليوم؟ فقالوا: تؤجله إلى الغد، فقال لهم: فدحني عمل يوم واحد فكيف إذا اجتمع عليّ عمل يومين؟!
قال الحسن رحمه الله تعالى: لقد أدركت أقواما كانوا أشد حرصا على أوقاتهم من حرصكم على دراهمكم ودنانيركم!
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما من يوم ينشق فجره إلا ويقول: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لاأعود إلى قيام الساعة.
قال عبد الله بن مسعود: - رضي الله عنه - اعتبروا الرجل بمن يصاحب، فإنما يصاحب الرجل من هو مثله".
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
قال عليِّ بنِ أبي طالبٍ - رضي الله عنه -: أَجِمُّوا هذه القلوبَ، وابْتَغُوا لها طرائفَ الْحِكمةِ، فإنها تَمَلُّ كما تَمَلُّ الأبدانُ.
قال وهب بن منبه رحمه الله تعالى: " مكتوب في حكمة آل داود عليه السلام: حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب، وحق على العاقل أن لا يُرى ظاعناً في غير ثلاث: زاد لمعاد أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم، وحق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلا على شأنه "
قال بعض السلف : إن النفس كالدابة، فإن أجهدت الدابة فسرت بها ثلاثة أيام ولم تطعمها ولم ترحها، هلكت وماتت ولم توصلك إلى المراد، وإن رفقت بها وخففت وأطعمتها وصلت بإذن الله، فلابد من شيء مما يستجم به المؤمن ويستعين به على الطاعة، لكن لا يكون في حرام ولا في لهو أو لعب، بل بعض من وفقه الله للخير.
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: إن هذه القلوب تحيى وتموت فإذا حييت فاحملوها على النافلة، وإذا ماتت فاحملوها على الفريضة،
قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: إني لأستجم نفسي ببعض الباطل كراهية أن أحمل عليها من الحق ما يَكِلَّها.
قال مالك بن دينار: كان الرجل ممن كان قبلكم إذا ثقل عليه الحديث قال: إن الأذن مجاجة والقلب حمض فهاتوا من طرف الأخبار.
يقول أحد الصالحين: "فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة، فإذا كفر العبد هذه النعمة بأن فتح على نفسه باب الهوى، وانجرَّ في قِياد الشهوات، شوَّش الله عليه نعمة قلبه، وسلبه ما كان يجده من صفاء قلبه".
قالت حفصة بنت سيرين: يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ماندمت على شيء ندامتي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.
قال إبراهيم بن شيبان: من حفظ على نفسه أوقاته فلا يضيعها بما لا رضا لله فيه , حفظ الله عليه دينه ودنياه.
قال عبيد بن يعيش: أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدى بالليل، كانت أختى تلقمنى وأنا أكتب الحديث.
قال الإمامُ مالكٌ رحمه الله إنّ الله قسم الأعمالَ كما قسم الأرزاق، فربَّ رجُلٍ فُتح له في الصلاة، ولم يفتُح له في الصوم، وآخرُ فُتح له في الصدقةِ ولم يُفتح له في الصوم، وآخرُ فُتح له في الجهادِ، فنشرُ العلم من أفضلِ أعمال البِرِّ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (الدينُ كلُّه خُلُقٌ، فمن زاد عليك في الخلُقِ زاد عليك في الدين)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " لا يستطيع الإنسان أن يحقق المعالي من الأمور إلا بمجاهدة نفسه وجعلها عدوة له "
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: « زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة قال تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [النور:21]
يقول الغزالي رحمه الله: إن لازمت نفسك بالتوبيخ والمعاتبة والعذل والملامة كانت نفسك هي النفس اللوامة التي أقسم الله بها ورجوت أن تصير النفس المطمئنة المدعوة إلى أن تدخل في زمرة عباد الله راضية مرضية، فلا تغفلن ساعة عن تذكيرها ومعاتبتها، ولا تشتغلن بوعظ غيرك ما لم تشتغل أولاً بوعظ نفسك.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: على السالك أن لا يرضى بطاعته لله، وألا يحسن ظنه بنفسه، فإن الرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقاتها، ودليل على جهل الإنسان بحقوق العبودية وما يستحقه الرب سبحانه، ويجب أن يعامل به، ثم إن رضا الإنسان وحُسْنه ظنه بنفسه يتولد منهما من العجب والكبر والآفات الباطنة ما هو أشد من الكبائر الظاهرة من الزنا وشرب الخمر.
قال مالك بن دينار رحمه الله: رحم الله عبداً قال لنفسه ألستِ صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمّها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائداً. وهذا من حساب النفس.
قال ابن القيم : [إن سائر أمراض القلب إنما تنشأ من جانب النفس فالمواد الفاسدة كلها إليها تنصبّ ثم تنبعث منها إلى الأعضاء وأول ما تنال القلب].
كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى بعض عماله: (حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة.
قال الحسن رحمه الله تعالى: لا تلقي المؤمن إلا بحساب نفسه: ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه.
قال خالد بن معدان - رضي الله عنه - : ما من من عبد إلا وله عينان في وجهه يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيراً، فتح عينيه اللتين في قلبه، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب، وإذا أراد به غير ذلك، تركه على ما فيه ثم قرأ: أم على قلوب أقفالها [محمد:24]
قال ميمون بن مهران: (لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوّان إن لم تحاسبه ذهب بما لك.
قال ابن قدامة : اعلم أن أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك، وقد خلقت أمارة بالسوء، مَيَّالَةً إلى الشر، وقد أُمِرْتَ بتقويمها وتزكيتها وفطامها من مواردها وأن تقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها، فإن أهملتها جمحت وشردت ولم تظفر بها بعد ذلك وإن لزمتها بالتوبيخ رجونا أن تصير مطمئنة، فلا تغفلن من تذكيرها.
عن أبى الدرداء رضي الله عنه قال: "لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا".
قال أبو حفص: "من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ولم يخالفها في جميع الأحوال، ولم يجرها إلى مكروهها فى سائر أوقاته، كان مغرورا، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها".
عن وهب قال: "أن رجلا سائحا عبد الله عز وجل سبعين سنة. ثم خرج يوما فقلل عمله وشكا إلى الله تعالى منه. واعترف بذنبه فأتاه آت من الله عز وجل فقال: إن مجلسك هذا أحب إلي من عملك فيما مضى من عمرك".
قال ابن الجوزي رَحِمَهُ اللهُ: الحذر الحذر من المعاصي فإنها سيئة العواقب، والحذر الحذر من الذُّنُوب خصوصًا ذنوب الخلوات فإن المبارزة لله تَعَالَى تسقط الْعَبْد من عينه سُبْحَانَهُ ولا ينال لذة المعاصي إِلا دائم الغَفْلَة، فأما المُؤْمِن اليقظان فإنه لا يلتذ بها، لأنه عَنْدَ التذاذه يقف بإزائه علمه بتحريمها وحذره من عقوبتها، فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي وَهُوَ الله فيتنغص عيشه في حال التذاذه فإن غلبه سكر الهوى كَانَ الْقَلْب متنغصًا بهذه المراقبات وإن كَانَ الطبع في شهوته فما هِيَ إِلا لحظة ثُمَّ خزي دائم وندم ملازم وبُكَاء متواصل وأسف على ما كَانَ مَعَ طول الزمان حتى إنه لو تيقن العفو وقف بإزائه حذار العتاب فأف للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء وأخبارها.
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله من أسباب العشق سماع الغزل والغناء فإن ذلك يصور في النفوس نقوش صور فتتخمر خميرة صورة موصوفة ثم يصادف النظر مستحسنا فتتعلق النفس بما كانت تطلبه حالة الوصف.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: عشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، والمتعوضة بغيره عنه؛ فإذا امتلأ القلب من محبة الله، والشوق إلى لقائه دفع ذلك عنه مرض عشق الصور
قال الحسن البصري رحمه الله: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.