فوائد من كتاب الورع 2
قال سفيان : عليك بالورع يخفف الله حسابك ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك .
عن بن السماك قال : اجتمع ثلاثة من العباد فقيل لأحدهم لم تعمل قال رجاء الثواب قال قيل للآخر لم تعمل قال خوف العقاب قيل للثالث لم تعمل قال حياء من المقام .
عن معتمر بن سليمان عن أبيه قال : دخلت على صاحب لنا وهو في النزع فرأيت من جزعه وهلعه فجعلت أرجيه وأمنيه فقال لي يا هذا والله لو جائتني المغفرة من ربي الحياء منه لما أفضيت به إليه .
عن عاصم بن عمر قال : بعث إلي عمر عند الفجر أو عند صلاة الصبح فأتيته فوجدته جالسا في المسجد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني لم أكن أرى شيئا من هذا المال يحل لي قبل أن اليه إلا بحقه ثم ما كان أحرم علي منه يوم وليته فعاد بأمانتي وإني كنت أنفقت عليك من مال الله شهرا فلست بزايدك عليه وإني كنت أعطيتك ثمرتي بالعالية العام فبعه فخذ ثمنه ثم أئت رجالا من تجار قومك فكن إلى جنبه فإذا ابتاع شيئا فاستشركه وأنفقه عليك وعلى أهلك قال فذهبت ففعلت .
عن الحسن قال : بينما عمر بن الخطاب يمشي ذات يوم في نفر من أصحابه إذا صبية في السوق يطرحها الريح لوجهها من ضعفها فقال عمر يا بؤس هذا من يعرف هذه قال له عبد الله أوما تعرفها هذه إحدى بناتك قال وأي بناتي قال بنت عبد الله بن عمر قال فما بلغ بها ما أرى من الضيعة قال إمساكك ما عندك قال إمساكي ما عندي عنها يمنعك أن تطلب لبناتك ما تطلب الأقوام أما والله ما لك عندي إلا سهمك مع المسلمين وسعك أو عجز عنك بيني وبينكم كتاب الله .
عن عمر قال : إنه لا أجده يحل لي أن آكل من مالكم هذا إلا كما كنت آكل من صلب مالي الخبز والزيت والخبز والسمن قال فكان ربما يؤتى بالجفنة قد صنعت بالزيت ومما يليه منها سمن فيعتذر إلى القوم ويقول إني رجل عربي ولست أستمري الزيت .
عن وهب بن منبه قال : كان جبار في بني إسرائيل يقتل الناس على أكل لحوم الخنازير فلم يزل الأمر حتى بلغ إلى عابد من عبادهم قال فشق ذلك على الناس فقال له صاحب الشرطة إني أذبح لك جديا فإذا دعاك الجبار لتأكل فكل فلما دعاه ليأكل أبى أن يأكل قال أخرجوه فاضربوا عنقه فقال له صاحب الشرطة ما منعك أن تأكل وقد أخبرتك إنه جدي قال أني رجل منظور إلي وإني كرهت يتأسى به في معاصي الله قال فقتله .
كان إبراهيم بن أدهم يلقط الحب مع المساكين فبصر بسنبل فبادر إليه مع المساكين فسبقهم فقالوا له في ذلك فرمى بما معه وقال أنا لم أزاحم أهل الدنيا على دنياهم أزاحم المساكين على معاشهم فكان بعد لا يلقط إلا مع الدواب.
قال أبو الوليد رباح بن الجراح : رأيت أبا شعيب أيوب بن راشد فما رأيت أحدا كان أورع منه كان يكنس حيطان بيته فإذا وقع شيء من حيطان جيرانه جمعه فذهب به إليهم .
عن الحسن قال : ما ضربت ببصري ولا نطقت بلسانين ولا بطشت بيدين ولا نهضت على قدمي حتى أنظر على طاعة أو على معصية فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت .
قال أبو الأحوص : انطلقت أنا ويوسف بن أسباط إلى سمير أبي عاصم قال فخرج إلينا وعلى يده أثر طعام قال فقال لولا أنه لدين لقلت لكما أن تدخلا فتصيبا.
عن شاذان قال سألت الحسن بن حي عن شيء من أمر المكاسب فقال إن نظرت في هذا حرم عليك ماء الفرات ثم قال قال الحسن يعني البصري : طلب الحلال أشد من لقاء الزحف .
قال يونس بن عبيد: لو أعلم موضع درهم من حلال من تجارة لاشتريت به دقيقا ثم عجنته ثم خبزته ثم جففته ثم دققته أداوي به المرضى .
فقال بكر بن عبد الله المزني : إن الحلال لو وضع على جرح لبرى . سأل رجل وكيعا عن المكاسب فضيقها عليه فقال : يا أبا سفيان من أين نأكل قال كل من رزق الله وأرجو عفو الله .
قال الحسن : إن هذه المكاسب قد فسدت فخذوا منها القوت أي شبه المضطر. عن شعبة قال : أعطى بن هبيرة محمد بن سيرين ثلاث عطيات فأبى أن يقبل .
عن سعد بن إبراهيم بن سعد قال قال أبي : كنت أنا وسفيان الثوري في المسجد الحرام قال فكوم كومة من حصباء ثم اتكأ عليها ثم قال يا أبا إسحاق هذا خير من أرضيهم .
عن خالد بن أبي الصلت قال : قلت لمحمد بن سيرين ما منك أن تقبل من بن هبيرة قال فقال لي يا عبد الله أو يا هذا إنما أعطاني على خير كان يظنه في فلئن كنت كما ظن فما ينبغي أن أقبل وإن لم أكن كما ظن فبالحري أنه لا يجوز لي أن أقبل .
عن عبد الملك بن عمير قال : بعثني بشر بن مروان إلى أبي عبد الرحمن السلمي وعمرو بن ميمون ومرة الهمذاني بخمس مائة خمسة مائة فردوها وأبوا أن يقبلوه.
قال عبد الله بن المبارك : لأن أرد درهما من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف ومائة ألف حتى بلغ ستمائة ألف .
قال يوسف بن أسباط في الرجل يستقرض منه الجندي الدراهم فيردها عليه ما يصنع بها قال يكنس بها الحشوش ويطين بها السطوح .
قال يوسف بن أسباط : إذا خرج العطاء للناس وكنت تبيع وتشتري فأمسك عن البيع والشراء حتى تختلط دراهمهم بغيرها .
عن الشعبي قال : جاء رجلان الى شريح فقال أحدهما اشتريت من هذا دارا فوجدت فيها عشرة آلاف درهم فقال خذها فقال لم إنما اشتريت الدار فقال البائع خذها أنت قال لم وقد بعته الدار بما فيها فأدارا الأمر بينهما فأبيا فأتى زيادا فأخبره فقال ما كنت أرى أن أحدا هكذا بقي وقال لشريح أدخل بيت المال فألق في كل جراب قبضة حتى يكون للمسلمين ثم قال للشعبي كيف ترى الأمير قال أبو بكر بن عياش أعجبه ما صنع .
رأى عمر بن الخطاب قوما مجتمعين على أمر كرهه فسعى عليهم بالدرة فتفرقوا وقام رجل منهم فضربه وقال ما حملك على أن قمت لي حتى ضربتك ألا ذهبت كما ذهب أصحابك قال يا أمير المؤمنين إن الله جعل حقك علي أو قال على كل مسلم كحق الوالد على ولده وإني لما رأيتك سعيت كرهت أن أتعبك قمت حتى تقضي مني حاجتك قال الله كذلك حملك على ما صنعت فحلف فأخذ بيده فجلسا فلم يزل له مكرما حتى فارق الدنيا .
قال عمر بن الخطاب : لا تنظروا إلى صلاة امرئ ولا صيامه ولكن انظروا الى صدق حديثه إذا حدث والى ورعه إذا أشفى وإلى أمانته إذا ائتمن .
عن مالك بن دينار قال قال : كنت جالسا مع الحسن فسمع من أقوام في المسجد فقال يا مالك إن هؤلاء الأقوام ملوا العبادة وأبغضوا الورع ووجدوا الكلام أخف عليهم من العمل .
عن الحسن قال : لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل ولا عبادة كالتفكر ولا حسب كحسن الخلق ولا ورع كالكف .
قال أبو طاهر زرارة بن عمارة الدارمي : بينا نحن في طريق الشام إذ أتينا على راهب في صومعة فقلنا له أوصنا قال نعم رفيق المرء ورعه لا يسلمه ولا يورطه قلنا زدنا قال المحمود من العاقبة ما سكنت اليه النفس في العاجلة .
عن فرات بن مسلم قال : كنت أعرض على عمر بن عبد العزيز كتبي في كل جمعة فعرضتها عليه فأخذ منها قرطاسا قدر أربع أصابع فكتب فيه حاجة قال فقلت غفل أمير المؤمنين فأرسل من الغد أن جئني بكتبك قال فجئت بها فبعثني في حاجة فلما جئت قال لي مالنا أن ننظر فيها قلت إنما نظرت فيها أمس قال فاذهب أبعث إليك فلما فتحت كتبي وجدت فيها قرطاسا قدر القرطاس الذي أخذ .
عن رجاء بن أبي سلمة قال : بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يصنع طعاما لمن يحضره فكان لا يأكل منه فكانوا لا يأكلون فقال ما شأنهم لا يأكلون قالوا إنك لا تأكل فلا يأكلون قال ما يوم بدرهمين من صلب ماله ينفقان في المطبخ ثم أكل وأكلوا .
كان عمر بن عبد العزيز يسخن له الماء في مطبخه فقال لصاحب المطبخ أين يسخن هذا الماء قال في المطبخ قال انظر منذ كم تسخنه في المطبخ فأخبرني به قال منذ كذا وكذا قال انظر ما ثمن ذلك الحطب قال كذا وكذا فأخذه عمر فألقاه في بيت المال.
عن فاطمة بنت عبد الملك قالت : اشتهى عمر بن عبد العزيز يوما عسلا فلم يكن عندنا فوجهنا رجلا على دابة من دواب البريد الى بعلبك فأتى بعسل فقلنا يوما إنك ذكرت عسلا وعندنا عسل فهل لك فيه قال نعم فأتيناه به فشرب ثم قال من أين لكم هذا العسل قال قلت وجهنا رجلا على دابة من دواب البريد بدينارين إلى بعلبك فاشترى لنا عسلا قال فأرسل الى الرجل فجاء فقال انطلق بهذا العسل الى السوق فبعه فاردد إلينا رأس مالنا وانظر الفضل فاجعله في علف دواب البريد ولو كان ينفع المسلمين في لتقيأت .
كان عمر بن عبد العزيز يقسم تفاحا بين الناس فجاء ابن له وأخذ تفاحة من ذلك التفاح فوثب إليه ففك يده فأخذ تلك التفاحة فطرحها في التفاح فذهب الى أمه مستغيثا فقالت له مالك أي بني فأخبرها فأرسلت بدرهمين فاشترت تفاحا فأكلت وأطعمته ورفعت لعمر فلما فرغ مما بين يديه دخل إليها فأخرجت له طبقا من تفاح فقال من أين هذا يا فاطمة فأخبرته فقال رحمك الله والله إن كنت لأشتهيه .
عن ميمونة بنت مذعور قالت : نزل مورق العجلي على غلام لامرأته يقال له صغدي فأتاه ببيض قد طبخه في قدر نحاس فقال مورق أنى لك هذه القدر يا صغدي قال رهن عندي قال ارفع عني بيضك وأبى أن يأكل وكره أن يستعمل الرهن .
عن قتادة قال : كان معيقيب على بيت مال عمر فكنس بيت المال يوما فوجد فيه درهما فدفعه الى بن لعمر قال معيقيب ثم انصرفت الى بيتي فإذا رسول عمر قد جاءني يدعوني فجئت فإذا الدرهم في يده فقال لي ويحك يا معيقيب أوجدت علي في نفسك شيئا قال قلت ما ذاك يا أمير المؤمنين قال أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه و سلم في هذا الدرهم .
كتب عمر إلى أبي موسى إذا جاءك كتابي هذا فأعط الناس أعطياتهم وأحمل الي ما بقي مع زياد ففعل فلما كان عثمان كتب إلي أبي موسى بمثل ذلك ففعل فجاء زياد بما معه فوضعه بين يدي عثمان فجاء بن لعثمان فأخذ شيئا فمضى بها فبكى زياد فقال له عثمان ما يبكيك قال أتيت أمير المؤمنين عمرا بمثل ما أتيتك به فجاء بن له فأخذ درهما فأمر به فانتزع منه حتى بكى الغلام وإن ابنك جاء فأخذ هذه فلم أر أحدا قال له شيئا قال عثمان إن عمرا كان يمنع أهله وأقربائه ابتغاء وجه الله أعطي أهلي وأقربائي ابتغاء وجه الله ولن تلقى مثل عمر ولن تلقى مثل عمر ولن تلقى مثل عمر .
عن إسماعيل بن أبي خالد قال قيل لعثمان : ألا تكون مثل عمر قال لا أستطيع أن أكون مثل لقمان الحكيم .