فوائد من كتب ابن القيم
A
فوائد من كتب ابن القيم
ففرح المعطي سبحانه بعطائه أشدُّ وأعظم من فرح هذا بما يأخذه، ولله المثل الأعلى، إذ هذا شأن الجواد من الخلق، فإنه يحصل له من الفرح والسرور، والابتهاج واللذة بعطائه وجوده فوق ما يحصل لمن يعطيه، ولكن الآخذ غائب بلذة أخذه، عن لذة المعطي، وابتهاجه وسروره، هذا مع كمال حاجته إلى ما يعطيه وفقره إليه، وعدم وثوقه باستخلاف مثله، وخوف الحاجة إليه عند ذهابه، والتعرض لذل الاستعانة بنظيره ومن هو دونه، ونفسه قد طُبِعتْ على الحرص والشح.
فما الظن بمن تقدس وتنزه عن ذلك كله؟ ولو أن أهل سماواته وأرضه، وأول خلقه وآخرهم، وإنسهم وجنهم، ورطبهم ويابسهم، قاموا في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كل واحد ما سأله ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة.
وهو الجواد لذاته، كما أنه الحي لذاته، العليم لذاته، السميع البصير لذاته، فجوده العالي من لوازم ذاته، والعفو أحب إليه من الانتقام، والرحمة أحب إليه من العقوبة، والفضل أحب إليه من العدل، والعطاء أحب إليه من المنع.
فإذا تعرض عبده ومحبوبه الذي خلقه لنفسه، وأعد له أنواع كرامته، وفضله على غيره، وجعله محل معرفته، وأنزل إليه كتابه، وأرسل إليه رسوله، واعتنى بأمره ولم يهمله، ولم يتركه سدى، فتعرض لغضبه، وارتكب مساخطه وما يكرهه وأبق منه، ووالى عدوه وظاهره عليه، وتحيز إليه، وقطع طريق نعمه وإحسانه إليه التي هي أحب شيء إليه، وفتح طريق العقوبة والغضب والانتقام فقد استدعى من الجواد الكريم خلاف ما هو موصوف به من الجود والإحسان والبر، وتعرض لإغضابه وإسخاطه وانتقامه، وأن يصير غضبه وسخطه في موضع رضاه، وانتقامه وعقوبته في موضع كرمه وبره وعطائه، فاستدعى بمعصيته من أفعاله ما سواه أحب إليه منه، وخلاف ما هو من لوازم ذاته من الجود والإحسان.
فبينما هو حبيبه المُقَرَّب المخصوصُ بالكرامة، إذ انقلب آبِقًا شاردا، رادًّا لكرامته، مائلا عنه إلى عدوه، مع شدة حاجته إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين.
فبينما ذلك الحبيب مع العدو في طاعته وخدمته، ناسيا لسيده، منهمكا في موافقة عدوه، قد استدعى من سيده خلاف ما هو أهله إذ عرضت له فكرة فتذكر برَّ سيده وعطفه وجوده وكرمه، وعلم أنه لا بد له منه، وأن مصيره إليه، وعرضه عليه، وأنه إن لم يقدم عليه بنفسه قدم به عليه على أسوأ الأحوال، ففر إلى سيده من بلد عدوه، و جدَّ في الهرب إليه حتى وصل إلى بابه، فوضع خده على عتبة بابه، وتوسد ثرى أعتابه، متذللا متضرعا، خاشعا باكيا آسفا، يتملق سيده ويسترحمه، ويستعطفه ويعتذر إليه، قد ألقى بيده إليه، واستسلم له وأعطاه قياده، وألقى إليه زمامه، فعلم سيده ما في قلبه، فعاد مكان الغضب عليه رضا عنه، ومكان الشدة عليه رحمة به، وأبدله بالعقوبة عفوا، وبالمنع عطاء، وبالمؤاخذة حلما، فاستدعى بالتوبة والرجوع من سيده ما هو أهله، وما هو موجب أسمائه الحسنى، وصفاته العليا، فكيف يكون فرح سيده به؟ وقد عاد إليه حبيبه ووليه طوعا واختيارا، وراجع ما يحبه سيده منه برضاه، وفتح طريق البر والإحسان والجود، التي هي أحب إلى سيده من طريق الغضب والانتقام والعقوبة؟.
وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه حصل له شرود وإباق من سيده، فرأى في بعض السكك بابا قد فتح، وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمه خلفه تطرده، حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه ودخلت، فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكرا، فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه، ولا من يئويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزينا، فوجد الباب مرتجا، فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام، فخرجت أمه، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبله وتبكي، وتقول: يا ولدي، أين تذهب عني؟ ومن يئويك سواي؟ ألم أقل لك: لا تخالفني، ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك، والشفقة عليك، وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت.
فتأمل قول الأم: لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة.
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم «لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها» وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه، فإذا تاب إليه فقد استدعى منه ما هو أهله وأولى به.
فهذه نبذة يسيرة تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح هذا الواجد لراحلته في الأرض المهلكة، بعد اليأس منها.
ووراء هذا ما تجفو عنه العبارة، وتدق عن إدراكه الأذهان.
هذا إذا نظرت إلى تعلق الفرح الإلهي بالإحسان والجود والبر.
وأما إن لاحظت تعلقه بإلهيته وكونه معبودا فذاك مشهد أجل من هذا وأعظم منه، وإنما يشهده خواص المحبين.
فإن الله سبحانه إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لمحبته والخضوع له وطاعته، وهذا هو الحق الذي خلقت به السماوات والأرض، وهو غاية الخلق والأمر، ونفيه - كما يقول أعداؤه - هو الباطل، والعبث الذي نزه الله نفسه عنه، وهو السدى الذي نزه نفسه عنه أن يترك الإنسان عليه، وهو سبحانه يحب أن يعبد ويطاع ولا يعبأ بخلقه شيئا لولا محبتهم له، وطاعتهم له، ودعاؤهم له.
وقد أنكر على من زعم أنه خلقهم لغير ذلك، وأنهم لو خلقوا لغير عبادته وتوحيده وطاعته لكان خلقهم عبثا وباطلا وسدى، وذلك مما يتعالى عنه أحكم الحاكمين، والإله الحق، فإذا خرج العبد عما خلق له من الطاعة والعبودية، فقد خرج عن أحب الأشياء إليه، وعن الغاية التي لأجلها خلقت الخليقة، وصار كأنه خلق عبثا لغير شيء، إذ لم تخرج أرضه البذر الذي وضع فيها، بل قلبته شوكا ودغلا، فإذا راجع ما خلق له وأوجد لأجله فقد رجع إلى الغاية التي هي أحب الأشياء إلى خالقه وفاطره، ورجع إلى مقتضى الحكمة التي خلق لأجلها، وخرج عن معنى العبث والسدى والباطل، فاشتدت محبة الرب له، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، فأوجبت هذه المحبة فرحا كأعظم ما يقدر من الفرح، ولو كان في الفرح المشهود في هذا العالم نوع أعظم من هذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لذكره، ولكن لا فرحة أعظم من فرحة هذا الواجد الفاقد لمادة حياته وبلاغه في سفره، بعد إياسه من أسباب الحياة بفقده، وهذا كشدة محبته لتوبة التائب المحب إذا اشتدت محبته للشيء وغاب عنه ثم وجده وصار طوع يده، فلا فرحة أعظم من فرحته به.
فما الظن بمحبوب لك تحبه حبا شديدا، أسره عدوك، وحال بينك وبينه، وأنت تعلم أن العدو سيسومه سوء العذاب، ويعرضه لأنواع الهلاك، وأنت أولى به منه، وهو غرسك وتربيتك، ثم إنه انفلت من عدوه، ووافاك على غير ميعاد، فلم يفجأك إلا وهو على بابك، يتملقك ويترضاك ويستعينك، ويمرغ خديه على تراب أعتابك، فكيف يكون فرحك به، وقد اختصصته لنفسك، ورضيته لقربك، وآثرته على سواه؟
هذا، ولستَ الذي أوجدته وخلقته، وأسبغتَ عليه نعمك، والله عز وجل هو الذي أوجد عبده، وخلقه وكونه، وأسبغ عليه نعمه، وهو يحب أن يتمها عليه، فيصير مظهرا لنعمه، قابلا لها، شاكرا لها، محبا لوليها، مطيعا له عابدا له، معاديا لعدوه، مبغضا له عاصيا له، والله تعالى يحب من عبده معاداة عدوه، ومعصيته ومخالفته، كما يحب أن يتولى الله مولاه سبحانه ويطيعه ويعبده، فتنضاف محبته لعبادته وطاعته والإنابة إليه، إلى محبته لعداوة عدوه، ومعصيته ومخالفته، فتشتد المحبة منه سبحانه، مع حصول محبوبه، وهذا هو حقيقة الفرح.
وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الكتب المتقدمة " عبدي الذي سُرَّتْ به نفسي " وهذا لكمال محبته له، جعله مما تسر نفسه به سبحانه.
فما الظن بمن تقدس وتنزه عن ذلك كله؟ ولو أن أهل سماواته وأرضه، وأول خلقه وآخرهم، وإنسهم وجنهم، ورطبهم ويابسهم، قاموا في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كل واحد ما سأله ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة.
وهو الجواد لذاته، كما أنه الحي لذاته، العليم لذاته، السميع البصير لذاته، فجوده العالي من لوازم ذاته، والعفو أحب إليه من الانتقام، والرحمة أحب إليه من العقوبة، والفضل أحب إليه من العدل، والعطاء أحب إليه من المنع.
فإذا تعرض عبده ومحبوبه الذي خلقه لنفسه، وأعد له أنواع كرامته، وفضله على غيره، وجعله محل معرفته، وأنزل إليه كتابه، وأرسل إليه رسوله، واعتنى بأمره ولم يهمله، ولم يتركه سدى، فتعرض لغضبه، وارتكب مساخطه وما يكرهه وأبق منه، ووالى عدوه وظاهره عليه، وتحيز إليه، وقطع طريق نعمه وإحسانه إليه التي هي أحب شيء إليه، وفتح طريق العقوبة والغضب والانتقام فقد استدعى من الجواد الكريم خلاف ما هو موصوف به من الجود والإحسان والبر، وتعرض لإغضابه وإسخاطه وانتقامه، وأن يصير غضبه وسخطه في موضع رضاه، وانتقامه وعقوبته في موضع كرمه وبره وعطائه، فاستدعى بمعصيته من أفعاله ما سواه أحب إليه منه، وخلاف ما هو من لوازم ذاته من الجود والإحسان.
فبينما هو حبيبه المُقَرَّب المخصوصُ بالكرامة، إذ انقلب آبِقًا شاردا، رادًّا لكرامته، مائلا عنه إلى عدوه، مع شدة حاجته إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين.
فبينما ذلك الحبيب مع العدو في طاعته وخدمته، ناسيا لسيده، منهمكا في موافقة عدوه، قد استدعى من سيده خلاف ما هو أهله إذ عرضت له فكرة فتذكر برَّ سيده وعطفه وجوده وكرمه، وعلم أنه لا بد له منه، وأن مصيره إليه، وعرضه عليه، وأنه إن لم يقدم عليه بنفسه قدم به عليه على أسوأ الأحوال، ففر إلى سيده من بلد عدوه، و جدَّ في الهرب إليه حتى وصل إلى بابه، فوضع خده على عتبة بابه، وتوسد ثرى أعتابه، متذللا متضرعا، خاشعا باكيا آسفا، يتملق سيده ويسترحمه، ويستعطفه ويعتذر إليه، قد ألقى بيده إليه، واستسلم له وأعطاه قياده، وألقى إليه زمامه، فعلم سيده ما في قلبه، فعاد مكان الغضب عليه رضا عنه، ومكان الشدة عليه رحمة به، وأبدله بالعقوبة عفوا، وبالمنع عطاء، وبالمؤاخذة حلما، فاستدعى بالتوبة والرجوع من سيده ما هو أهله، وما هو موجب أسمائه الحسنى، وصفاته العليا، فكيف يكون فرح سيده به؟ وقد عاد إليه حبيبه ووليه طوعا واختيارا، وراجع ما يحبه سيده منه برضاه، وفتح طريق البر والإحسان والجود، التي هي أحب إلى سيده من طريق الغضب والانتقام والعقوبة؟.
وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه حصل له شرود وإباق من سيده، فرأى في بعض السكك بابا قد فتح، وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمه خلفه تطرده، حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه ودخلت، فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكرا، فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه، ولا من يئويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزينا، فوجد الباب مرتجا، فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام، فخرجت أمه، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبله وتبكي، وتقول: يا ولدي، أين تذهب عني؟ ومن يئويك سواي؟ ألم أقل لك: لا تخالفني، ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك، والشفقة عليك، وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت.
فتأمل قول الأم: لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة.
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم «لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها» وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه، فإذا تاب إليه فقد استدعى منه ما هو أهله وأولى به.
فهذه نبذة يسيرة تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح هذا الواجد لراحلته في الأرض المهلكة، بعد اليأس منها.
ووراء هذا ما تجفو عنه العبارة، وتدق عن إدراكه الأذهان.
هذا إذا نظرت إلى تعلق الفرح الإلهي بالإحسان والجود والبر.
وأما إن لاحظت تعلقه بإلهيته وكونه معبودا فذاك مشهد أجل من هذا وأعظم منه، وإنما يشهده خواص المحبين.
فإن الله سبحانه إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لمحبته والخضوع له وطاعته، وهذا هو الحق الذي خلقت به السماوات والأرض، وهو غاية الخلق والأمر، ونفيه - كما يقول أعداؤه - هو الباطل، والعبث الذي نزه الله نفسه عنه، وهو السدى الذي نزه نفسه عنه أن يترك الإنسان عليه، وهو سبحانه يحب أن يعبد ويطاع ولا يعبأ بخلقه شيئا لولا محبتهم له، وطاعتهم له، ودعاؤهم له.
وقد أنكر على من زعم أنه خلقهم لغير ذلك، وأنهم لو خلقوا لغير عبادته وتوحيده وطاعته لكان خلقهم عبثا وباطلا وسدى، وذلك مما يتعالى عنه أحكم الحاكمين، والإله الحق، فإذا خرج العبد عما خلق له من الطاعة والعبودية، فقد خرج عن أحب الأشياء إليه، وعن الغاية التي لأجلها خلقت الخليقة، وصار كأنه خلق عبثا لغير شيء، إذ لم تخرج أرضه البذر الذي وضع فيها، بل قلبته شوكا ودغلا، فإذا راجع ما خلق له وأوجد لأجله فقد رجع إلى الغاية التي هي أحب الأشياء إلى خالقه وفاطره، ورجع إلى مقتضى الحكمة التي خلق لأجلها، وخرج عن معنى العبث والسدى والباطل، فاشتدت محبة الرب له، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، فأوجبت هذه المحبة فرحا كأعظم ما يقدر من الفرح، ولو كان في الفرح المشهود في هذا العالم نوع أعظم من هذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لذكره، ولكن لا فرحة أعظم من فرحة هذا الواجد الفاقد لمادة حياته وبلاغه في سفره، بعد إياسه من أسباب الحياة بفقده، وهذا كشدة محبته لتوبة التائب المحب إذا اشتدت محبته للشيء وغاب عنه ثم وجده وصار طوع يده، فلا فرحة أعظم من فرحته به.
فما الظن بمحبوب لك تحبه حبا شديدا، أسره عدوك، وحال بينك وبينه، وأنت تعلم أن العدو سيسومه سوء العذاب، ويعرضه لأنواع الهلاك، وأنت أولى به منه، وهو غرسك وتربيتك، ثم إنه انفلت من عدوه، ووافاك على غير ميعاد، فلم يفجأك إلا وهو على بابك، يتملقك ويترضاك ويستعينك، ويمرغ خديه على تراب أعتابك، فكيف يكون فرحك به، وقد اختصصته لنفسك، ورضيته لقربك، وآثرته على سواه؟
هذا، ولستَ الذي أوجدته وخلقته، وأسبغتَ عليه نعمك، والله عز وجل هو الذي أوجد عبده، وخلقه وكونه، وأسبغ عليه نعمه، وهو يحب أن يتمها عليه، فيصير مظهرا لنعمه، قابلا لها، شاكرا لها، محبا لوليها، مطيعا له عابدا له، معاديا لعدوه، مبغضا له عاصيا له، والله تعالى يحب من عبده معاداة عدوه، ومعصيته ومخالفته، كما يحب أن يتولى الله مولاه سبحانه ويطيعه ويعبده، فتنضاف محبته لعبادته وطاعته والإنابة إليه، إلى محبته لعداوة عدوه، ومعصيته ومخالفته، فتشتد المحبة منه سبحانه، مع حصول محبوبه، وهذا هو حقيقة الفرح.
وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الكتب المتقدمة " عبدي الذي سُرَّتْ به نفسي " وهذا لكمال محبته له، جعله مما تسر نفسه به سبحانه.