من كتاب الزهد لهناد بن السري بن مصعب
من كتاب الزهد لهناد بن السري بن مصعب
عن الحسن البصري رحمه الله قال:
" ما مال إلى أم دفر، يعني الدنيا، أحد قط إلا نسي العهد، أصحاب نبي فما سواهم ".
الشرح :
مال: انحرف، توجه، اهتم بشدة.
أم دفر: كنية للدنيا. و"الدفر" في اللغة يعني النتن والفساد والشيء القبيح. وقد كُنِّيَت الدنيا بذلك لما فيها من فتن وشهوات تزين للناس وهي في حقيقتها زائلة وفانية وقد تجر إلى المفاسد. وقيل أيضًا لأنها تدفر أهلها أي تدفنهم.
العهد: يشمل أنواعًا متعددة من العهود والمواثيق:
العهد مع الله: وهو الإيمان به، وطاعته، والوفاء بأوامره ونواهيه.
العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم: وهو اتباعه، والاقتداء به، ونصرة سنته.
العهود بين الناس: كالعقود، والوعود، وحقوق الأخوة، والمسؤوليات الاجتماعية.
إلا نسي العهد: أي أن الانشغال بالدنيا وحبها يؤدي حتمًا إلى نسيان هذه العهود والتفريط فيها. فالقلب إذا امتلأ بحب الدنيا، ضاق عن حب الله وحقوقه وحقوق الناس.
"أصحاب نبي فما سواهم":
أصحاب نبي: حتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم خير القرون وأكثر الناس ورعًا وتقوى، إذا مالت قلوبهم إلى الدنيا وانشغلوا بها، فإن ذلك سيؤثر على وفائهم بالعهود.
فما سواهم: فكيف بمن هو دونهم في الإيمان والتقوى؟ سيكون تأثير الدنيا عليهم أشد، ونسيانهم للعهود أسرع وأكبر.