من أقوال أ. وجدان العلي
من أقوال أ. وجدان العلي
سائغٌ عند أهل العلم بالحديث تمشية ما خفَّ ضعفه، وتساهلوا في رواية هذا الصنف من الأحاديث، مع أمن مخالفة ما صحَّ، والدخول تحت أصل عامٍّ، وتبيان ضعف تلك الرواية، على كلام كثيرٍ لأهل العلم في هذا الباب.
وهذا الأصل يصلح أن يكون متكأ للإنسان في معاملته الناس في بابة الإعذار؛ إذ الغالب على كثير من الناس إهمال ضبط باب الخلق، وترك العناية بالمكارم؛ فيفشو فيهم نواقض الخُلق الحسن، ويرتضي الكثير الإخلاد إلى الأرض، لا يبالي على أي حال هو.
ومتى أطلق الإنسان بصره، وأقام ميزان النقد فلن يصفو له كبير أحد، وإنما يستفتح على نفسه باب هم وتعبٍ وشيءٍ من الأذى كبير، على ما قال الشاعر:
من راقب الناس مات همًّا
وفاز باللذة الجسورُ!
وخيرٌ منه حديث نبينا ﷺ: " الناس كإبلٍ مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ".
فلا بأس من تمشية الأعذار الواهية وقبول الضعيف منها، كرمًا وبسطًا لمعنى العفو والصفح الذي أمرنا به الرحمن الرحيم.
ثم إن الإنسان إذا استقام له ذلك النظر ارتفع فصار كريم النفس فاعتذر هو لنفسه عن غيره بما يعلم هو ضعفه، وقبض لسانه وفكره عن الناس، فصدق فيه قول النبي ﷺ عن أهل الجنة " كل هين لين قريب سهل "..
وتلك السهولة التي يؤازرها اللين لا يسلم معها تنقيب وتدقيق، ولم وهلا! بل هو مرور الكرام وقد سلمت نفوسهم وسلم منهم الناس جميعًا.
" وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يُلَقَّاها إلا ذو حظٍّ عظيم ".