حكمة
حكمة
روائع الحكمة لابن حزم
اعلم أن التعسف وسوء الملكة لمن خولك الله تعالى أمره من رقيق أو رعية يدلان على خساسة النفس، ودناءة الهمة، وضعف العقل ؛ لأن العاقل الرفيع النفس العالي الهمة إنما يغلب أكفاءه في القوة ونظراءه في المنعة. وأما الاستطالة على من لا يمكنه المعارضة فسقوط في الطبع ورذالة في النفس والخلق وعجز ومهانة. ومن فعل ذلك فهو بمنزلة من يتبجح بقتل جرذ، أو بقتل برغوث، أو بفرك قملة وحسبك بهذا ضعة وخساسة. وقد يكون العجب لغير معنى، ولغير فضيلة في المعجب ؛ وهذا من عجيب ما يقع في هذا الباب وهو شيء يسميه عامتنا: التمترك، وكثيراً ما نراه في النساء، وفيمن عقله قريب من عقولهن من الرجال، وهو عجب من ليس فيه خصلة أصلاً ؛ لا علم ولا شجاعة ولا علو حال ولا نسب رفيع ولا مال يطغيه، وهو يعلم مع ذلك أنه صفر من ذلك كله ؛لأن هذه الأمور لا يغلط فيها من يقذف بالحجارة، وإنما يغلط فيها من له أدنى حظ منها.