العيوب المانعة من الإجزاء
العيوب المانعة من الإجزاء
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أربع لا تجوز في الأضاحي - وفي رواية : لا تجزيء - العوراء البين عَورُها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظَلَعُها ، والكسيرة التي لا تُنْقِي) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح. .
* * *
الحديث دليل على أن هذه العيوب الأربعة مانعة من صحة الأضحية ، وبقاس عليها غيرها مما هو أشد منها أو مساوياً لها .
الأولى : العوراء البين عورها : وهي التي انخسفت عينها أو برزت ، فإن كان على عينها بياض ولم تذهب جازت التضحية بها ، لأن عورها غير بين ، ويلحق بالعوراء العمياء من باب أولى ، فإنها لا تجزيء وإن لم تنخسف عينها ، لأن العمى يمنع مشيها مع رفيقاتها ويمنعها من المشاركة في العلف .
الثانية : المريضة البين مرضها : وهي التي ظهرت عليها آثار المرض الذي يُقْعِدُهَا عن الرعي مما يسبب لها الهزال ، ومن ذلك الجَرَبُ الظاهر ، لأنه يفسد اللحم والشحم .
الثالثة : العرجاء البين ظَلَعُهَا : أي عَرَجُهُا ، والضَّلَعُ بفتح الظاء واللام هو الغَمْزُ ، فالعرجاء هي التي تَغْمِزُ في يدها أو رجلها خلقة أو لعلة طارئة ، والبين عرجها هي التي تتخلف عن القطيع .
ويلحق بها الزَّمْنَى وهي العاجزة عن المشي لعاهة ، لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ظلعها ، وكذا مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين ، لأنها أولى من العرجاء ، ولأنها ناقصة في عضو مقصود .
الرابعة : الكسيرة التي لا تُنقي : أي لا نِقْيَ لها ، والنِّقْيُ - بكسر النون وسكون القاف - : هو المخ ، أي : التي لا مخ فيها لضعفها .
فإن كان العيب يسيراً فهو معفو عنه ، كما لو كان في عينها نقطة يسيرة أو العرج يسيراً لا يؤدي بها إلى القعود عن القطيع فإنها تجزئ ، وكذا المهزوله التي ليست غاية في الهزال .
وقد دل الحديث بمفهومه على أن ما عدا العيوب الأربعة وما في معناها لا يمنع الإجزاء ، وذلك لأن الحديث خرج مخرج البيان والحصر ، لأنه جواب سؤال ، والظاهر أنه كان حال خطبة وإعلان ، لقول البراء : ( قام فينا ) ولو كان غير الأربعة مانعاً من الإجزاء للزم ذكره ، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
ولا يضر الكي ولا شق الأذن ولا خرقها ولا كسر القرن ، لأن ذلك لا ينقص لحمها ، ولأنه يكثر وجوده ، والسليمة من ذلك أولى .
ولا تجوز التضحية بمقطوع الألية ، لأن ذلك نقص بين في جزء مقصود ، أما إذا كانت من نوعٍ لا ألية له بأصل الخلقة فإنها تجزئ .
اللهم أعذنا من أسباب المخالفة والعصيان ، وارزقنا تحقيق الإيمان على الوجه الذي يرضيك عنا ، واغفر لنا ما قدمنا وما أخرَّنا ، وما أسررنا وما أعلنّا ، وما أنت أعلم به منا ، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد …