فضل الحج وما ينبغي للحاج أن يتصف به
فضل الحج وما ينبغي للحاج أن يتصف به
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حج فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه) أخرجه البخاري ومسلم، وفي لفظ لمسلم: (من أتى هذا البيت فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجع كما ولدته أمه).
* * *
الحديث دليل على فضل الحج وعظيم ثوابه عند الله تعالى، وأن الحاج يرجع من حجه نقياً من الذنوب، طاهراً من الأدناس، كحاله يوم ولدته أمه، إذا تحقق له وصفان:
الأول: قوله: (فلم يَرْفُثْ) وهو بضم الفاء، مضارع رَفَثَ، والرَّفَثُ - بفتح الراء والفاء -: ذِكْرُ الجماع ودواعيه إما إطلاقاً، وإما في حضرة النساء بالإفضاء إليهن بجماع أو مباشرة لشهوة.
الوصف الثاني: (ولم يَفْسُقْ) أي: ولم يخرج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي، ومنها محظورات الإحرام، قال تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة/197] والمعنى: فمن أوجب فيهن الحج على نفسه بأن أحرم به فليحترم ما التزم به من شعائر الله، وَلْيَنْتَهِ عن كل ما ينافي التجردَ لله تعالى وقَصْدَ بيته الحرام، فلا يرفث ولا يفسق ولا يخاصم أو ينازع في غير فائدة، لأن ذلك يخرج الحج عن الحكمة منه، وهي الخشوع لله تعالى والاشتغال بذكره ودعائه.
فالواجب على حجاج بيت الله الحرام أن يحرصوا على تحقيق أسباب هذه المغفرة الموعود بها، وذلك بأن يستقيموا على طاعة الله تعالى، وأن يحفظوا حجهم، ويصونوه عما حرم الله عليهم من الرفث والفسوق والجدال، وأن يحذروا كل الحذر من الذنوب والمعاصي التي يتساهل بها كثير من الناس في زماننا هذا، فإنها منهي عنها في جميع الأوقات والأحوال، ولكنه خَصَّ ذلك بحالة الحج لشرف الزمان والمكان وعِظَمِ حرمات الله تعالى، فإن المتلبس بالحج يكون أولاً في إحرام ثم تزداد عليه الحرمة بدخوله في الحرم، ثم تزداد بمزاولته أعمال الحج، فوجب عليه أن يكون على أَتَمِّ صفة وأحسنِ حال.
ويجب على من عزم على الحج أن يعرف أحكامه وصفة أدائه، فيعرف صفة الإحرام، وكيفية الطواف، وصفة السعي، وهكذا بقية المناسك، لأن شرط قبول العمل: أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى، وموافقاً لما شرعه في كتابه أو على لسان نبيه ، ليعبد المؤمن ربه على بصيرة، ويحقق متابعة النبيصلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتأخذوا مناسككم) أخرجه مسلم.
ووسيلة ذلك أن يسأل أهل العلم عن كيفية أداء المناسك، أو يقرأ في كتب المناسك – إن كان ممن يقرأ ويفهم – أو يصحب رفقة فيهم طالب علم يستفيد منه.
ومن الناس من يقع في الخطأ في أداء هذه الشعيرة العظيمة، كصفة الإحرام أو صفة الطواف أو السعي أو غيرها لأسباب:
1- الجهل بأحكام المناسك.
2- عدم سؤال أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم.
3- سؤال من ليس من أهل العلم.
4- تقليد الناس بعضهم بعضاً.
اللهم وفقنا لما يرضيك، وجنبنا معاصيك، واجعلنا من عبادك الصالحين، وحزبك المفلحين، واعف عنا، وتب علينا، واغفر لنا ولوالدينا، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد …