الفصل الرابع في العمرة
الفصل الرابع في العمرة
1- اعتماره - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
وفي " الصحيحَيْن " أنه اعتمر النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد هجرته أربع عمر:
عمرة الحديبية: صده المشركون عن البيت فصالحهم وحل من إحرامه وانصرف.
وعمرة القضية: اعتمر من العام القابل.
وعمرة الجعرانة: بعد قتاله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المشركين بحنين - شرق الطائف- رجع وقسم الغنائم بالجعرانة واعتمر منها داخلا إلى مكة لا خارجًا منها للإحرام.
والرابعة: مع حجته - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرن بين العمرة والحج باتفاق الصحابة على ذلك.
2- الاعتمار من التنعيم أو العمرة المكية:
لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلا عائشة - رضيَ الله عنه - لأنها حاضت فلم يمكنها الطواف فشكت للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال لها: (افعلي كما يفعل الحاج، غير ألاَّ تطوفي بالبيت حتى تطهري)؛ البخاري: 1650، ومسلم: 1211: 119.
فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة لأنها كانت متمتعة، ثم طلبت منه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يعمرها، فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم، وهو أقرب الحِل إلى مكة.
وبه مساجد عائشة، وليس دخولها ولا الصلاة فيها لمن اجتاز بها محرمًا ولا فرضا ولا سنة بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر ودخل واحدًا منها وصلى فيها للإحرام فلا بأس بذلك. ومن الأعمال الصالحة الإكثار من الطواف بالبيت، وهو أفضل من أن يخرج الرجل ويأتي بعمرة مكية.
ولم يكن على عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر لا في رمضان ولا في غيره، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، إلا أن يكون شيئًا نادرًا؛ بل كرهه السلف وتنازعوا: هل يكون متمتعًا عليه دم أم لا؟ وهل تجزؤه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟[7].
----------
[7] - انظر: مجموع الفتاوى 26/41-43.