تدبر القرآن
عن الربيع عن أنس عن أبي العالية قال : قال رجل لأبي بن كعب أوصني ؟ قال : اتخذ كتاب الله إماما ، وارض به قاضيا وحكما ، فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم ، شفيع مطاع ، وشاهد لا يتهم ، فيه ذكركم وذكر من قبلكم ، وحكم ما بينكم ، وخبركم وخبر ما بعدكم . و عن الربيع بن أنس عن أبي العالية : عن أبي – في قوله تعالى - }قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم { قال : هن أربع كلهن عذاب ، وكلهن واقع لا محالة ، فمضت اثنتان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة ، فألبسوا شيعا ، وذاق بعضهم بأس بعض ، وبقي ثنتان واقعتان لا محالة : الخسف والرجم .
كان الحسن بن علي إذا أوى إلى فراشه قرأ الكهف ، وعن أبي رزين قال : خطبنا الحسن بن علي يوم جمعة ، فقرأ سورة إبراهيم على المنبر حتى ختمها .
قال مسروق : من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين ، وعلم الدنيا والآخرة ، فليقرا سورة الواقعة . قلت : هذا قاله مسروق على المبالغة ، لعظم ما في السورة من جمل أمور الدارين ، ومعنى قوله : فليقرأ سورة الواقعة ، أي يقرأها بتدبير وتفكير وحضور ، ولا يكن كمثل الحمار يحمل أسفارا .
عن أبي العالية قال : تعلموا القرآن ، فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه ، وإياكم وهذه الأهواء ، فإنها توقع العداوة والبغضاء بينكم ، فإنا قد قرأنا القرآن قبل أن يقتل - يعني عثمان - بخمس عشرة سنة ، قال : فحدثت به الحسن فقال : قد نصحك والله وصدقك .
عن عطاء بن السائب : أن أبا عبد الرحمن قال : أخذنا القرآن عن قوم ، أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات ،لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر ، حتى يعلموا ما فيهن ، فكنا نتعلم القرآن والعمل به ، وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء ، لا يجاوز تراقيهم .
عن مجاهد قال : عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس ، أقفه عند كل آية ، أسأله فيم نزلت ؟ وكيف كانت ؟ قال ابن جريج : لأن أكون سمعت من مجاهد ، فأقول سمعت مجاهدا ، أحب إلي من أهلي ومالي . قلت : مع أنه قلما سمع من مجاهد حرفين .
عن عكرمة قال : قرأ ابن عباس هذه الآية } لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا { ( الأعراف 164 ) قال ابن عباس : لم أدر أنجا القوم أم هلكوا ؟ قال : فما زلت أبين له ، أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا ، قال : فكساني حلة .
عن سفيان الثوري في قوله تعالى " سنستدرجهم " ( الأعراف 182 ( قال : نسبغ عليهم النعم ونمنعهم الشكر .
لما نزل بابن إدريس الموت بكت بنته فقال : لا تبكي يا بنية ، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .
أبو معاوية الأسود من كبار أولياء الله ، صحب سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم وغيرهما وكان يعد من الأبدال ، وقيل إنه ذهب بصره فكان إذا أراد التلاوة في المصحف أبصر بإذن الله .
قال يحيى بن معين : أقام يحيى بن سعيد القطان عشرين سنة يختم القرآن كل ليلة ، وقال علي بن المديني : كنا عند يحيى بن سعيد فقرأ رجل سورة الدخان ، فصعق يحيى وغشي عليه ، قال أحمد بن حنبل : لو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى - يعني الصعق .
قال بكر بن خنيس : إن في جهنم لوادياً تتعوذ جهنم منه كل يوم سبع مرات ، وإن في الوادي لجبا يتعوذ الوادي وجهنم منه كل يوم سبع مرات ، وإن فيه لحية يتعوذ الجب والوادي وجهنم منها كل يوم سبع مرات ، يبدأ بفسقة حملة القرآن ، فيقولون : أي رب بدئ بنا قبل عبدة الأوثان ؟ قيل لهم : ليس من يعلم كمن لا يعلم .
عن يحيى بن معين قال : كنت إذا دخلت منزلي بالليل ، قرأت آية الكرسي على داري وعيالي خمس مرات , فبينا أنا أقرأ إذا شيء يكلمني : كم تقرأ هذا ؟ كأن ليس إنسان يحسن يقرأ غيرك ! فقلت : أرى هذا يسوءك ، والله لأزيدنك فصرت أقرؤها في الليلة خمسين ستين مرة .
قال رجل للحسن : يا أبا سعيد إني إذا قرأت كتاب الله وتدبرته ، كدت أن آيس وينقطع رجائي ؟ فقال : إن القران كلام الله ، وأعمال ابن ادم إلى الضعف والتقصير ، فاعمل وابشر .
قال حنبل : سمعت أحمد بن حنبل : يقول كل من ذكرني ففي حل إلا مبتدعا ، وقد جعلت أبا إسحاق- يعني المعتصم - في حل ، ورأيت الله يقول " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قصة مسطح قال أبو عبد الله : وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سببك ؟