روائع الحكمة والموعظة
تدبــــر - المجموعة الأولى
أذهلني يوما قوله تعالى: { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } فقلت: يا لطيف! علمت أن قلوب أوليائك الذين تتراءى لهم تلك الأهوال لا تتمالك؛ فلطفت بهم فأضفت " الملك " إلى أعم اسم في الرحمة فقلت:{الرحمن} ! ولو كان بدله اسما آخر كالعزيز والجبار؛ لتفطرت القلوب. [الزركشي]
تدبــــر - المجموعة الأولى
يقول ابن رجب: وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر: " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر، كما قال تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فمن استمع للقرآن وأنصت، فإنما يستمطر رحمة الله، فلا تستطل -أيها المؤمن- في هذه الليالي طول الصلاة، بل أرع سمعك لخطاب ربك، وأنصت له، فإنما تستكثر من رحمة الله. [د.عبدالمحسن المطيري]
تدبــــر - المجموعة الأولى
قال سليمان عليه السلام: { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي } [ص:35] فبدأ بطلب المغفرة قبل طلب الملك العظيم؛ وذلك لأن زوال أثر الذنوب هو الذي يحصل به المقصود، فالذنوب تتراكم على القلب، وتمنعه كثيرا من المصالح، فعلى المؤمن أن يسأل ربه التخلص من هذه الذنوب قبل أن يسأل ما يريد. [ابن عثيمين]
تدبــــر - المجموعة الثانية
كما أن السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة غيره سبحانه لفسدتا، كما قال تعالى: { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء:22] فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير الله تعالى فسد فسادا لا يرجى صلاحه؛ إلا بأن يخرج ذلك المعبود منه، ويكون الله تعالى وحده إلهه ومعبوده الذي يحبه ويرجوه ويخافه، ويتوكل عليه وينيب إليه. [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة الثانية
أنزل القرآن ليكون هدى، ولذلك ذكرت الهداية في " الفاتحة " وفي أول سورة البقرة { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } وتلاوة القرآن إذا خلت من هذا المعنى فقدت أعظم مقاصدها، فعلى التالي للقرآن أن يستحضر قصد الاهتداء بكتاب الله والاستضاءة بنوره، والاستشفاء من أدوائه بكلام ربه، ولا يقتصر على مجرد تلاوة الحروف: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ } [البقرة:185] [د. محمد الخضيري].
تدبــــر - المجموعة الأولى
أيها القلب الحزين: إياك أن تنسى العلي القدير، كن مثل كليم الرحمن؛ خرج خائفا، سافر راجلا، اخضر جوعا، فنادى منكسرا { رَبِّ } فحذف ياء النداء {إِنِّي } لتأكيد المسكنة ولم يقل: أنا، { لِمَا } لأي شيء { أَنزَلْتَ إِلَيَّ } بصيغة الماضي لشدة يقينه بالإجابة فكأنما تحققت، { مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [القصص:24]، فكان جزاء هذا الانكسار التام: أهلا ومالا، ونبوة وحفظا. [د. عصام العويد]
من فضائل القرآن
{واعف عنا واغفر لنا وارحمنا} في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: (قد فعلت). وانظر إلى ترتبها: فالعفو طلب إسقاط العقوبة، ثم تدرج منه إلى المغفرة، وهي طلب الستر (وقد تسقط العقوبة ولا يستر الذنب)، ثم تدرج منه إلى الرحمة، وهي كلمة جامعة لأنواع من الخير والإحسان، فالحمد لله الذي لا أعظم من رحمته.
تدبــــر - المجموعة السادسة عشر
بحثت كثيرًا عن السعادة فوجدتها تكمن في الإيمان والعمل الصالح،قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:97]، ووجدت الذنوب هي سبب الشقاء في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124]
تدبــــر - المجموعة الثالثة عشر
{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي }[سبا:50] الخير كله من عند الله، وفيما أنزله الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد، ومَنْ ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه.[تفسير ابن كثير] وهذا يدلنا على أن طريق الهداية للعبد إنما يكون باتباع العبد للوحي من قرآن وسنة، وأن أي مخالفة إنما تكون سببا في زيغ العبد وانحرافه عن طريق الهداية
تدبــــر - المجموعة الثانية عشر
{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } ويشبه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العتاب لطيف عجيب ! وهو أني عاديت إبليس إذ لم يسجد لأبيكم آدم مع ملائكتي، فكانت معاداته لأجلكم، ثم كان عاقبة هذه المعاداة أن عقدتم بينكم وبينه عقد المصالحة؟ [ابن القيم]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} إنها الرحمة التي تسع كل معصية مهما كانت، إنها دعوة العصاة المبعدين في تيه الضلال إلى الأمل والثقة بعفو الله، فإذا ما تسلطت عليه لحظة يأس وقنوط، سمع هذا النداء الندي اللطيف، الذي يعلن أنه ليس بين المسرف على نفسه إلا الدخول في هذا الباب الذي ليس عليه بواب يمنع، ولا يحتاج من يلج فيه إلى استئذان. [في ظلال القرآن]
تدبــــر - المجموعة الأولى
قال مالك لتلميذه الشافعي أول ما لقيه: " إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية "، وهذا المعنى الذي نبه عليه الإمام مالك مأخوذ من قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } [الأنفال:29]، يقول ابن القيم: " ومن الفرقان: النور الذي يفرق به العبد بين الحق والباطل، وكلما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتم، وبالله التوفيق ". [إعلام الموقعين(258/4)]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} فهل يستغني أحد عن اللباس؟ فكيف يستغني عن الزواج ويؤخره بلا سبب معتبر؟ اللباس يستر العورات، فلم يفضح البعض شريك عمره وقد خلق لستره؟ اللباس شعار ودثار، فكيف تصفو الحياة الزوجية من النفور والجفاء؟ اللباس من أجمل ما نتزين به، فمتى يكون الزوجان أحدهما جمالا للآخر؟ اللباس وقاية من البرد والحر، فهل كل منا يشعر بأنه وقاية وحماية وأمان لشريك حياته؟ فما أعظمه من كتاب! [أ.د. ناصر العمر]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ} وفيه دليل على أنه ينبغي أن يكون غرض المتفقه في الدين: أن يستقيم ويقيم، لا الترفع على الناس والتبسط في البلاد. [البيضاوي]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن} فإنه لم يخل هذا الكلام مع حسن الأدب مع أبيه، حيث لم يصرح فيه بأن العذاب لاحق له، ولكنه قال: {إِنِّي أَخَافُ} فذكر الخوف والمس، وذكر العذاب، ونكره ولم يصفه بأنه يقصد التهويل، بل قصد استعطافه؛ ولهذا ذكر الرحمن ولم يذكر المنتقم ولا الجبار. [الزركشي]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} وفي إخفاء الدعاء فوائد، منها: 1/ أنه أعظم إيمانا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمع دعاءه الخفي. 2/ أنه أعظم في الأدب، ولهذا لا تسأل الملوك برفع الأصوات، ومن فعل ذلك مقتوه - ولله المثل الأعلى -. 3/ أنه أبلغ في التضرع والخشوع، فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل، قد انكسر قلبه، وذلت جوارحه، وخشع صوته، حتى إنه ليكاد تبلغ به ذلته ومسكنته إلى أن ينكسر لسانه فلا يطاوعه بالنطق. 4/ أنه أبلغ في الإخلاص، وفي جمع القلب على الله، فإن رفع الصوت يفرقه ويشتته. 5/ أنه دال على قرب صاحبه من الله، يسأله مسألة مناجاة للقريب، لا مسألة نداء البعيد للبعيد؛ ولهذا أثنى سبحانه على عبده زكريا بقوله: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا} فلما استحضر قرب ربه، وأنه أقرب إليه من كل قريب، أخفى دعاءه ما أمكنه. [ابن تيمية]
تدبــــر - المجموعة الأولى
كان مطرف بن عبدالله إذا تليت عليه هذه الآية: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ } قال: فلو يعلم الناس قدر مغفرة الله ورحمته وتجاوز الله لقرت أعينهم، ولو يعلم الناس قدر عذاب الله، ونكال الله، وبأس الله، ما رقي لهم دمع، ولا انتفعوا بطعام ولا شراب.
من فضائل القرآن
{لولا أن مَنّ اللهُ علينا لخسف بنا}[القصص:82] وهم بالأمس يتضرعون: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} [القصص:79] قف متأملا متدبراً: كم دعوة حزنت على عدم استجابة الله لك إياها؟ بل قد يسيء البعض بربه الظن، فيخالطه شك أو ريبة أو قنوط! وما علم المسكين أن خيرة الله خير من خيرته لنفسه، كما صرف الشر عن أصحاب قارون، ولكن {ولا يلقاها إلا الصابرون} [القصص:80] [أ.د. ناصر العمر]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا } [نوح:25] هذه الآية ومثيلاتها دالة دلالة صريحة على أن ما يصيبنا من كوارث إنما هو بسبب خطايانا. ومحاولة بعض الناس الهرب عن معاني مثل هذه الآيات والتشكيك فيها إنما هو مصادمة لصريح القرآن، وغفلة عن تدبر معانيه والانتفاع بها، وتطمين للمذنبين، وادعاء للكمال في النفس والمجتمع، وهو علامة على قسوة القلب { فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } [الأنعام:43] [فهد العيبان]
من فضائل القرآن
قال مطرف بن عبد الله في قوله تعالى: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} [الكهف:80]: " إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم وُلِد، وحزنا عليه يوم قُتِل، ولو عاش لكان فيه هلاكهما، فليرضَ رجلٌ بما قسم الله له، فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه، وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب " [الدر المنثور]
تدبــــر - المجموعة الأولى
لن نتقدم مرة أخرى إلا إذا استعدنا ثقتنا بأنفسنا، ولن نصل إلى هذا الهدف بتدمير نظمنا الاجتماعية وتقليد حضارة أجنبية، أجنبية عن ديننا وليس عن محيطنا التاريخي والجغرافي فحسب، وقد بين الله لنا الطريق في كتابه المبين { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } [الأحزاب:21] [د. صالح الحصين]
تدبــــر - المجموعة الأولى
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } [لقمان:6] قيل: نزلت في النضر بن الحارث، كان يشتري أخبار الأعاجم كـ (رستم واسفنديار) - بعض ملوك فارس - ويحدث بها قريشا ليستملحوا حديثه، ويتركوا استماع القرآن. [تفسير الطبري] ما أشبه الليلة بالبارحة، فالنضر بن الحارث استبدله بعضهم بدور تنشر كتبا وروايات تفسد الأخلاق والعقائد، وتزهد في نصوص الوحي!
تدبــــر - المجموعة الأولى
إذا شعرت بالملل من جراء كثرة أمرك أهل بيتك بالصلاة، وإيقاظهم لها - خصوصا صلاة الفجر - فتذكر قوله تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } [طه:132] ففي ذلك أعظم دافع للصبر والاحتساب، وطرد الملل، وتذكر عاجل الأجر ومآل الصبر بعد ذلك في الآية: { لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } [د. محمد الحمد]
تدبــــر - المجموعة الأولى
التسابق للحصول على أعلى الدرجات في الامتحانات، واستغلال الأوقات، وحفز الهمم لبلوغ أعلى المناصب والمراتب، لابد أن يدفعنا لتنافس أكبر لنيل درجات أعظم ثمرتها ليست شهادة على ورق، بل جنة عرضها السماوات والأرض، بل لا ينبغي أن تقف آمالنا إلا عند الفردوس الأعلى، تأمل { هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ } [آل عمران:163] [أ.د. إبتسام الجابري]
تدبــــر - المجموعة الثانية
إذا فتح الله لك باب رزق، فلا تعجبن بذكائك أو تظن أنك رزقت بحذقك، بل تذكر أن ذلك من فضل الله عليك، تأمل: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [الجمعة:10] فإنما هو فضل الله ورزقه ! وكم من بليد رزق من حيث لا يحتسب ! وذكي جنى عليه ذكاؤه !.
تدبــــر - المجموعة الثانية
{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } [الواقعة:77] وصف القرآن بأنه كريم، لأن الكلام إذا قرئ وتردد كثيرا يهون في الأعين والآذان؛ ولهذا من قال شيئا في مجلس الملوك لا يكرره ثانيا، وأما القرآن فلا يهون بكثرة التلاوة، بل يبقى أبد الدهر كالكلام الغض والحديث الطري. [الرازي] وفي مثل هذا قال بعض الشعراء: آياته كلما طال المدى جدد ** يزينهن جلال العتق والقدم.
تدبــــر - المجموعة الثانية
رأيت الناس يذم بعضهم بعضا، ويغتاب بعضهم بعضا، فوجدت أصل ذلك من الحسد في المال والجاه والعلم، فتأملت في قوله تعالى: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الزخرف:32] فعلمت أن القسمة كانت من الله في الأزل، فما حسدت أحدا، ورضيت بقسمة الله تعالى. [حاتم الأصم]
تدبــــر - المجموعة الثانية
{ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [آل عمران:191] تأمل كيف جاء الثناء عليهم بصيغة الفعل المضارع (يتفكرون) التي تدل على الاستمرار، فالتفكر ديدنهم، وليس أمرا عارضا. قال أبو الدرداء: فكرة ساعة خير من قيام ليلة! وكلام السلف في تعظيم عبادة التفكر كثير، فكم هو نصيبنا منها؟
تدبــــر - المجموعة الثانية
عن أبي الدرداء قال: ما من مؤمن إلا الموت خير له وما من كافر إلا الموت خير له، فمن لم يصدقني فإن الله يقول: { وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ } ويقول: { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } [الدر المنثور]
تدبــــر - المجموعة الثانية
{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } [آل عمران:195] جاءت هذه الآية بعد أن دعوا ربهم بخمس دعوات عظيمات، قال الحسن: " ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم ". فكم يخسر المقصرون في عبادة الدعاء، والمتعجلون في رؤية ثمرته؟! وكم يربح ويسعد من فتح له باب الدعاء، ومناجاة مولاه الذي يحب الملحين في الدعاء! [ينظر: القرطبي]
تدبــــر - المجموعة الثانية
انظر إلى الهدهد يقول لنبي: { أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ.. } [النمل:22]. هذا هو الهدهد المخلوق الأقل من سليمان عليه السلام يقول له: عرفت ما لم تعرفه، وكأن هذا القول جاء ليعلمنا حسن الأدب مع من هو دوننا، فهو يهب لمن دوننا ما لم يعلمه لنا، ألم يعلمنا الغراب كيف نواري سوأة الميت؟ { فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ..} [المائدة:31]. [الشعراوي]
تدبــــر - المجموعة السادسة
" من نظر في آيات القرآن الكريم وجد أن البيوت مضافة إلى النساء في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى، مع أن البيوت للأزواج أو لأوليائهن؛ وإنما حصلت هذه الإضافة - والله أعلم - مراعاة لاستمرار لزوم النساء للبيوت، فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن والتصاق به، لا إضافة تمليك ". [بكر أبو زيد]
تدبــــر - المجموعة السادسة
{ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } [العلق:14] آية تهز الوجدان، وتفعل في النفس ما لا تفعله سلطات الدنيا كلها، إنها تضبط النوازع، وتكبح الجماح، وتدعو إلى إحسان العمل، وكمال المراقبة، فما أجمل أن يستحضر كل أحد هذه الآية إذا امتدت عينه إلى خيانة، أو يده إلى حرام، أو سارت قدمه إلى سوء، وما أروع أن تكون هذه الآية نصب أعيننا إذا أردنا القيام بما أنيط بنا من عمل. [د. محمد الحمد]
تدبــــر - المجموعة الثالثة
{ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا } [النساء:27] هذا بيان صريح من الذي يعلم السر وأخفى - سبحانه - أن هذا الصنف من الناس - سواء كانوا صحفيين أو كتابا أو روائيين أو أصحاب قنوات هابطة - يريدون يميلوا بالأمة ميلا، وأكد هذا الميل بأنه عظيم، إذ لا تكفيهم مشاريع الإغواء الصغيرة. [د. عبدالمحسن المطيري]
تدبــــر - المجموعة الثامنة
{ وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ } [النساء:32] " فإذا كان هذا النهي - بنص القرآن - عن مجرد التمني، فكيف بمن ينكر الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة، وينادي بإلغائها، ويطالب بالمساواة، ويدعو إليها باسم المساواة بين الرجل والمرأة؟ " [بكر بن عبدالله أبو زيد].
تدبــــر - المجموعة الثامنة
تدبر قوله تعالى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } [البقرة:168] فتسمية استدراج الشيطان " خطوات " فيه إشارتان: [1] الخطوة مسافة يسيرة، وهكذا الشيطان يبدأ بالشيء اليسير من البدعة، أو المعصية، حتى تألفها النفس. [2] قوله: (خطوات) دليل على أن الشيطان لن يقف عند أول خطوة في المعصية [فهد العيبان].
تدبــــر - المجموعة الثامنة
{ قال رب اغفر لي ولأخي } [الأعراف:151] قال كعب: رب قائم مشكور له، ونائم مغفور له، وذلك لأن الرجلين يتحابان في الله، فقام أحدهما يصلي، فرضي الله صلاته ودعاءه، فلم يرد من دعائه شيئا، فذكر أخاه في دعائه من الليل فقال: رب! أخي فلان اغفر له؛ فغفر الله له وهو نائم. [حلية الأولياء]
تدبــــر - المجموعة التاسعة
إذا تأملت قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وأضفت له قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10] تبين لك أن الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا؛ لأنه وعد أهل الحسنى بالإبعاد عن النار، وأخبر أن الصحابة سواء من أسلم قبل الفتح أو بعده موعود بالحسنى. [ابن حزم]
تدبــــر - المجموعة التاسعة
يقول أحد الدعاة: رأيت مغنيا مشهورا طالما فتن الشباب والفتيات، فقررت أن لا أدعه حتى أنصحه، فسلمت عليه، وألهمني الله أن ألقي في أذنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} ثم ذهبت، فوالله ما مرت أيام إلا وقرأت خبر توبته في الصحف.. فما أجمل الوعظ بالقرآن إذا صادف انتقاء حسنا، وقلبا واعيا !
تدبــــر - المجموعة الرابعة عشر
كل بلاء نزل فبذنب وكل مؤاخذة فبمعصية وما هلك من هلك ولا عذب من عذب ولا شقي من شقي إلا بذنب. ذَكرَ اللهُ الأمم الهالكة قارون وفرعون وهامان وغيرهم ثم قال بعد ذلك مبينا سبب هلاكهم:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 40] فالبذنوب هلكوا وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم.
تدبــــر - المجموعة الرابعة عشر
لو أردت أن يفتح قلبك للقرآن فتفهمه وتتأثر به فهذا بابك..كن محسنا في حق نفسك وحق ربك وحق من حولك فقد قال سبحانه:{تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين}[لقمان:2،3]؛لأن القرآن إحسان من الله لخلقه فهم بما في قلوبهم من إحسان يحسون بالتوافق والتناسق ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق مع مصدر الإحسان وهو القرآن.
تدبــــر - المجموعة الرابعة عشر
آفة الكثيرين من الناس أنهم يحسبون الغنى دليل الرضوان الأعلى، وأن المال إذا قل عند آخرين فلأنهم ليسوا موضع القبول! ونسوا أن الله يختبر بالعطاء كما يختبر بالحرمان فقد قال سبحانه:{ونبلوكم بالشر والخير فتنة}[الأنبياء:35]..والنجاح في هذا الاختبار يجئ من موقفك إزاء ما يأتيك من أقدار الله.[التفسير الموضوعي للغزالي].
تدبــــر - المجموعة الخامسة عشر
كم هي الأخطاء التي تصدر منك في خلوتك… وكم هي المعاصي التي تتورط فيها حينما تكون وحدك… وتفرح لحظتها وتشعر بالهدوء لأن أحدا لم يراك ولأن أنظار الخلائق لم تتتطلع عليك وترقبُك حتى لا تسقط منزلتك أماهم وتنسى هذه الآية:{ألم يعلم بأن لله يرى}[العلق:14] فإن كنت تعلم أنه يراك حق العلم فلم جعلته أهون الناظرين إليك.
تدبــــر - المجموعة الرابعة عشر
التوسل إلى الله بالضعف والعجز من أحب الوسائل إلى الله وأقربها إلى الإجابة لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته وتأمل دعاء زكريا:{ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} لأن الشيب دليل الضعف، ورسول الموت، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه فكانت الإجابة” [تفسير السعدي -بتصرف يسير].
فوائد من الجواب الكافى
كثير ما نجد أدعية دعا بها قوم استجيب لهم، فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله، أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكراً لحسنته، أو صادف الدعاء وقت إجابة، فأجيبت دعوته، فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك فيأخذه مجرداً عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي.
فوائد من الجواب الكافى
فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، فالقلب إنما يسير إلى الله بقوته، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيره. فالذنب إما أن يميت القلب، أو يمرضه مرضاً مخوفاً، أو يضعف قوته ولا بد حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم: الهم، والحزن، والعجز، والكسل.
فوائد من الجواب الكافى
القلب كلما كان أبعد من الله كانت الآفات إليه أسرع، وكلما كان أقرب من الله بعدت عنه الآفات، والبعد من الله مراتب بعضها أشد من بعض. والقلب مثل الطائر ؛ كلما علا بعد عن الآفات، وكلما نزل احتوشته الآفات، فكما أن الشاة التي لا حافظ لها وهي بين الذئاب سريعة العطب، فكذا العبد إذا لم يكن عليه حافظ من الله، فذئبه مفترسه ولا بد، وإنما يكون عليه حافظ من الله بالتقوى.
فوائد من الجواب الكافى
القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر، وحب الدنيا والرياسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبر الله، ومن كل شهوة تعارض أمر ربه. وقد أثنى الله على خليله بسلامة القلب فقال: (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ. إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وقال تعالى حاكياً عنه أنه قال: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
1. المنتقى النفيس
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة ألا وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.
1. المنتقى النفيس
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة ومحبة العالم دين يدان بها العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته.