بابُ ما يَقولُه المريضُ
ذكـــــر
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي اللّه عنها؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفّيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيها: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} و{قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الفَلَقِ} و{قُلْ أعُوذُ بِرَبّ النَّاس} ثم يمسحُ بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعلُ ذلك ثلاثَ مرات، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به. وفي رواية في الصحيح:أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي توفي فيه بالمعوّذات، قالت عائشة: فلما ثَقُلَ كنتُ أنفثُ عليه بهنّ وأمسحُ بيد نفسه لبركتها، وفي رواية: كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفثُ. قيل للزهري أحد رواة هذا الحديث: كيف ينفث؟ فقال: كان ينفثُ على يديه ثم يمسحُ بهما وجهه.
قلت: وفي الباب الأحاديث التي تقدمت في باب ما يُقرأ على المعتوه، وهو قراءة الفاتحة وغيرها.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود وغيرها، عن عائشة رضي اللّه عنها؛
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا اشتكى الإِنسان الشيء منه، أو كانت قرحة أو جرح قال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بإصبعه هكذا ـ ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبّابته بالأرض ثم رفعها ـ وقال: " بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أرْضِنا بِرِيقَةِ بَعْضِنا يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنا بإذْنِ رَبِّنا " . وفي رواية: " تُرْبَةُ أرْضِنا وَرِيقَةُ بَعْضِنا " .
قلت: قال العلماء: معنى بريقة بعضنا: أي ببُصاقه، والمراد بُصاق بني آدم. قال ابن فارس: الريق ريق الإِنسان وغيره، وقد يؤنث فيقال ريقة. وقال الجوهري في صحاحه: الريقة أخصّ من الريق.
وروينا في صحيحيهما، عن عائشة رضي اللّه عنها؛أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يُعَوِّذُ بعضَ أهله يمسَحُ بيده اليمنى ويقول: " اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أذْهِبِ البأسَ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شِفاءَ إِلاَّ شِفاؤُكَ شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً " وفي رواية: كان يرقي، يقول: " امْسَحِ الباسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفاءُ، لا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ " .
وروينا في صحيح البخاري عن أنس رضي اللّه عنه أنه قال لثابت رحمه اللّه: ألا أرقيك برُقْيَة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: " اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البأسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شافِيَ إِلاَّ أَنْتَ شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً " قلت: معنى لا يغادر: أي لا يترك، والبأس: الشدّة والمرض.
وروينا في صحيح مسلم رحمه اللّه، عن عثمان بن أبي العاصي رضي اللّه عنه أنه شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجعاً يجده في جسده، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " ضَعْ يَدَكَ على الَّذِي يألمُ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ ثَلاثاً، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرّ ما أجِدُ وأُحاذِرُ " .
وروينا في صحيح مسلم، عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: عادني النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: " اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً " .
وروينا في سنن أبي داود والترمذي بالإِسناد الصحيح، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " مَنْ عادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْ أجَلُهُ فَقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أسألُ اللَّهَ العَظِيمَ رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ أنْ يَشْفِيكَ، إلاَّ عافاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالى مِن ذلِك المَرَضِ " قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم أبو عبد اللّه في كتابه المستدرك على الصحيحين: هذا حديث صحيح على شرط البخاري. قلت: يَشفيك بفتح أوله.
وروينا في سنن أبي داود، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال:
قال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: " إذَا جاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضاً فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكأ لَكَ عَدُوّاً، أوْ يَمْشي لَكَ إلى صَلاةٍ " لم يضعفه أبو داود، قلت: يَنكأ بفتح أوله وهمز آخره، ومعناه: يؤلمه ويوجعه.
وروينا في كتاب الترمذي: عن عليّ رضي اللّه عنه قال: كنتُ شاكياً فمرَّ بي رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا أقول: اللَّهمّ إن كان أجلي قد حضرَ فأرحني، وإنْ كانَ متأخراً فارفعني، وإن كان بلاءً فصبِّرني، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " كَيْفَ قُلْتَ؟ " فأعاد عليه ما قاله، فضربه برجله وقال: " اللَّهُمَّ عافِهِ ـ أو اشْفِهِ ـ " شك شعبة ـ قال: فما اشتكيتُ وجعي بعدُ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه، عن أبي سعيد الخدريّ وأبي هريرة رضي اللّه عنهما أنهما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: " مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أكْبَرُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، فَقالَ: لا إِلهَ إِلاَّ أنا وأنا أكْبَرُ؛ وَإذَا قالَ: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ قالَ: يَقُولُ: لا إِلهَ إِلاَّ أنا وَحْدِي لا شَرِيكَ لي؛ وَإذَا قالَ: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، قال: لا إلهَ إِلاَّ أنا لي المُلْكُ ولِي الحَمْدُ؛ وَ إِذَا قالَ: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ، قالَ: لا إِلهَ إِلاَّ أنا وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِي " وكان يقول " مَنْ قالَهَا في مَرَضِهِ ثُمَّ مَات لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ " قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في صحيح مسلم وكتب الترمذي والنسائي وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة، عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه؛أن جبريل أتى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: " يا مُحَمَّدُ! اشْتَكَيْتَ؟ قال: نَعَمْ، قال: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أو عَيْنٍ حاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ، بِسْمِ اللَّهِ أرْقِيكَ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن النبيّ دخل على أعرابيّ يعوده قال: وكان النبيّ إذا دخل على مَن يعُودُه قال: " لا بأسَ طَهُورٌ إنْ شاءَ اللَّهُ " .(14)( البخاري
وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخل على أعرابيّ يعودُه وهو محموم فقال: " كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ " .
وروينا في كتاب الترمذي وابن السني، عن أبي أُمامة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " تمَامُ عِيادَةِ المَرِيضِ أنْ يَضَعَ أحَدُكُمْ يَدَهُ على جَبْهَتِهِ أوْ على يَدِهِ فَيَسألَهُ كَيْفَ هُوَ " هذا لفظ الترمذي. وفي رواية ابن السني " مِنْ تَمَامِ العِيادَة أنْ تَضَعَ يَدَكَ على المَرِيضِ فَتَقُولَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ أوْ كَيْفَ أَمْسَيْتَ " قال الترمذي: ليس إسناده بذاك.
وروينا في كتاب ابن السني، عن سلمان رضي اللّه عنه قال: عادني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا مريض، فقال: " يا سَلْمانُ! شَفَى اللَّهُ سَقَمَكَ، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَعافاكَ فِي دِيْنِكَ وَجِسْمِكَ إلى مُدَّةِ أجَلِكَ " .(ابن السني، وإسناده ضعيف، فيه أبو خالد: عمرو بن خالد الواسطي، وهو ضعيف جدا. انظر الفتوحات
وروينا فيه، عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال: مرضت فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعوّذني، فعّوذني يوماً، فقال: " بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أُعِيذُكَ باللّه الأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ مِنْ شَرّ ما تَجِدُ. فلما استقلَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قائماً قال: يا عُثْمَانُ تَعَوَّذْ بِها فَمَا تَعَوَّذْتُمْ بِمِثْلِها " .