حال العبد بين السجدتين
فصل
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة
ثم شرع له أن يرفع رأسه ، و يعتدل جالساً ، و لما كان هذا الاعتدال محفوفا بسجودين ؛ سجود قبله ، و سجود بعده ، فينتقل من السجود إليه ، ثم منه إلى السجود الآخر ، كان له شأن ، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يطيل الجلوس بين السجدتين بقدر السجود يتضرع إلى ربه فيه ، و يدعوه و يستغفره ، و يسأله رحمته ، و هدايته و رزقه و عافيته ، و له ذوق خاص ، و حال للقلب غير ذوق السجود و حالهن ؛ فالعبد في هذا القعود يتمثَّل جاثيا بين يدي ربه ، مُلقيا نفسه بين يديه ، مُعتَذراً إليه مما جَناَه ، راغباً إليه أن يغفر له و يرحمه ، مستَعدياً له على نفسه الأمَّارة بالسوء.