الصلاة مبناها على خمسة أركان
فصل
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة
قال: " أي و الله سجدةً لا يرفع رأسه منها حتى يلقى الله عزَّ و جل ".[هذا القول عزاه ابن تيمية لسهل بن عبد الله التستري كما في مجموع الفتاوى (21/287) (23/138)] إشارة إلى إخبات القلب، و ذلّه، و خضوعه، و تواضعه و إنابته و حضوره مع الله أينما كان، و مراقبته له في الخلاء و الملأ، و لما بنيت الصلاة على خمس: القراءة و القيام و الركوع و السجود و الذكر. سمّيت باسم كل واحد من هذه الخمس: فسمّيت " قياماً " لقوله: { قُم اللَّيل إلاَّ قليلاً} [المزمل:2]، و قوله: {وقُومُوا لله قانتين} [البقرة:238]. و " قراءة " لقوله: {وقرآن الفَجر إنَّ قُرآن الفَجر كان مشهُوداً} [الإسراء:78]، {فاقرءوا ما تيَسَّر منه } [المزمل:48]. و سمّيت " ركوعاً " لقوله: { و اركعُوا مع الرَّاكعين } [البقرة:43]، { و إذا قيل لهم اركعوا لا يركعُون}[المراسلات:48]. و " سجوداً " لقوله: { فسبِّح بحمد ربِّك و كن مّن السَّاجدين} [الحجر: 98]، وقوله { و اسجُد و اقترب} [العلق:19]. و " ذكراً " لقوله: { فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة:9]، { لا تُلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله } [المنافقون:9]. و أشرف أففعالها السجود، و أشرف أذكارها القراءة، و أول سورة أنزلت على النبي صلى الله عليه و سلم سورة { اقرأ باسم ربِّك } افتتحت بالقراءة، و خُتمت بالسجود، فوضعت الركعة على ذلك، أولها قراءة و آخرها سجود.