نصيحة ابن تيمية لابن القيم
فصل
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة
و قال لي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إذا هاش عليك كلب الغنم فلا تشتغل بمحاربته، و مدافعته، و عليك بالراعي فاستغث به فهو يصرف عنك الكلب، و يكفيكه. فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم أبعده عنه. فأفضى القلب إلى معاني القرآن، و وقع في رياضه المونقة و شاهد عجائبه التي تبهر العقول، و استخرج من كنوزه و ذخائره ما عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، و كان الحائل بينه و بين ذلك، النفس و الشيطان، فإن النفس منفعلة للشيطان، سامعة منه، مطيعة فإذا بَعُدَ عنها، و طُرد ألَّم بها الملَك، و ثبَّتها و ذكّرها بما فيه سعادتها و نجاتها. فإذا أخذ العبد في قراءة القرآن، فقد قام في مقام مخاطبة ربِّه و مناجاته، فليحذر كل الحذر من التعرّض لمقته و سخطه، بأن يناجيه و يخاطبه، و قلبه معرِض عنه، ملتفت، إلى غيره، فإنه يستدعي بذلك مقته، و يكون بمنزلة رجل قرَّبه ملك من ملوك الدنيا، و أقامه بين يديه فجعل يخاطب الملك، و قد ولاَّه قفاه، أو التفت عنه بوجهه يَمنَة و يسرة، فهو لا يفهم ما يقول الملك، فما الظن بمقت الملك لهذا. فما الظن بمقت الملك الحق المبين رب العالمين و قيوم السماوات و الأرضين.