أحاديث الإِباحة
أحاديث الإِباحة
وأما أحاديث الإِباحة فكثيرةٌ لا تنحصر، ولكن نُشير إلى أطراف منها:
فمنها قوله صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الصحيح لأبي بكر رضي اللّه عنه " ما ظَنُّكَ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثالِثُهُما؟ " وفي الحديث الآخر " لَسْتَ مِنْهُم " أي لستَ من الذين يُسبلون أُزرَهم خيلاء. وفي الحديث الآخر " يا أبا بَكْرٍ! لا تَبْكِ، إنَّ أمَنَّ النَّاسِ عَليَّ في صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنتُ مُتَّخِذاً مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ خَلِيلاً "
وفي الحديث الآخر " أرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُم " أي من الذين يُدْعون من جميع أبواب الجنة لدخولها. وفي الحديث الآخر " ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ "
وفي الحديث الآخر " اثْبُتْ أُحُدُ فإنَّمَا عَلَيْكَ نَبيٌّ وَصِدّيقٌ وَشَهِيدَانِ " .
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرأيْتُ قَصْراً، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قالُوا: لِعُمَرَ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ " فقال عمر رضي اللّه عنه: بأبي وأمي يا رسول اللّه! أعليك أغار؟. وفي الحديث الآخر " ياعُمَرُ! ما لَقِيَكَ الشَّيْطانُ سَالِكاً فَجَّاً إِلاَّ سَلَكَ فَجّاً غَيْرَ فَجِّكَ "
وفي الحديث الآخر " افْتَحْ لِعُثْمانَ وَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ "
وفي الحديث الآخر قال لعليّ: " أنْتَ مِنِّي وأنا مِنْكَ "
وفي الحديث الآخر قال لعليّ: " أما تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ "
وفي الحديث الآخر قال لبلال " سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ في الجَنَّةِ "
وفي الحديث الآخر قال لأُبيّ بن كعب " لِيَهْنَأْكَ العِلْمُ أبا المنْذِرِ "
وفي الحديث الآخر قال لعبد اللّه بن سَلاَم " أنْتَ على الإِسْلامِ حتَّى تَمُوتَ "
وفي الحديث الآخر قال للأنصاري " ضَحِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، أوْ عَجِبَ مِنْ فِعَالِكُما "
وفي الحديث الآخر قال للأنصار " أنْتُمْ مِنْ أحَبّ النَّاس إِليَّ "
وفي الحديث الآخر قال لأشجّ عبد القيس: " إنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُما اللَّهُ تَعالى وَرَسُولُهُ: الحِلْمَ وَالأناة "
وكلّ هذه الأحاديث التي أشرت إليها في الصحيح مشهورة، فلهذا لم أضفها، ونظائر ما ذكرناه من مدحه صلى اللّه عليه وسلم في الوجه كثيرة. وأما مدح الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والأئمة الذين يُقتدى بهم رضي اللّه عنهم أجمعين فأكثر من أن تُحصر، واللّه أعلم.
قال أبو حامد الغزالي في آخر كتاب الزكاة من الإِحياء: إذا تصدق إنسان بصدقة فينبغي للآخذ منه أن يَنظر، فإن كان الدافعُ ممّن يُحِبّ الشكر عليها ونشرها فينبغي للآخذ أن يخفيَها لأن قضاء حقه أن لا ينصره على الظلم وطلبه الشكر ظلم، وإن علم من حاله أنه لا يُحِبّ الشكر ولا يقصده فينبغي أن يشكرَه ويظهر صدقته. وقال سفيان الثوري رحمه اللّه: مَن عرف نفسه لم يضرّه مدح الناس. قال أبو حامد الغزالي بعد أن ذكر ما سبق في أول الباب: فدقائق هذه المعاني ينبغي أن يلحظها من يُراعي قلبَه، فإن أعمالَ الجوارح مع إهمال هذه الدقائق ضحكة للشيطان وشماتة له، لكثرة التعب وقلة النفع، ومثل هذا العلم هو الذي يقال فيه: إن تعلم مسألة منه أفضل مِنْ عبادة سنة، إذ بهذا العلم تحيا عبادة العمر، وبالجهل به تموت عبادة العمر كله وتتعطل، وباللّه التوفيق.