فصل:
فصل:
ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرّك، ولا بأس بتقبيل الرجُل وجه صاحبه إذا قدم من سفر ونحوه.
روينا في صحيح البخاري، عن عائشة رضي اللّه عنها في الحديث الطويل في وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالت: دخلَ أبو بكر رضي اللّه عنه فكشفَ عن وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم أكبَّ عليه فقَبّله، ثم بكى.
وروينا في كتاب الترمذي، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قدِمَ زيدُ بنُ حارثةَ المدينةَ ورسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بيتي، فأتاه فقرعَ البابَ، فقامَ إليه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يجرّ ثوبَه، فاعتنقه وقبَّله. قال الترمذي: حديث حسن.
وأما المعانقةُ وتقبيلُ الوجه لغير الطفل ولغير القادم من سفر ونحوه فمكروهان، نصَّ على كراهتهما أبو محمد البغويّ وغيره من أصحابنا.
ويدلّ على الكراهة:
ما رويناه في كتابي الترمذي وابن ماجه، عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رجل: يا رسول اللّه! الرجل منّا يَلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: " لا " قال: أفيلتزمه ويقبّله؟ قال: " لا " قال: فيأخذه بيده ويصافحُه؟ قال: " نَعَمْ " قال الترمذي: حديث حسن.
قلت: وهذا الذي ذكرناه في التقبيل والمعانقة، وأنه لا بأس به عند القدوم من سفر ونحوه، ومكروه كراهة تنزيه في غيره، وهو في غير الأمرد الحسن الوجه؛ فأما الأمردُ الحسنُ فيحرم بكلّ حال تقبيله، سواء قدم مَن سفر أم لا. والظاهر أن معانقته كتقبيله، أو قريبة من تقبيله، ولا فرق في هذا بين أن يكون المقبِّل والمقبَّل رجلين صالحين أو فاسقين، أو أحدُهما صالحاً، فالجميعُ سواء. والمذهبُ الصحيح عندنا تحريم النظر إلى الأمرد الحسن ولو كان بغير شهوة، وقد أمن الفتنة، فهو حرام كالمرأة لكونه في معناها