فصل: إذا لقي إساناً فقال المبتدىء "وعليكم السلام"
فصل: إذا لقي إساناً فقال المبتدىء "وعليكم السلام"
قال المتولي: لا يكون ذلك سلاماً، فلا يستحقّ جواباً، لأنّ هذه الصيغة لا تصلح للابتداء. قلت: أما إذا قال: عليك، أو عليكم السلام، بغير واو، فقطع الإِمام أبو الحسن الواحدي بأنه سلام يتحتم على المخاطَب به الجواب، وإن كان قد قلب اللفظ المعتاد، وهذا الذي قاله الواحدي هو الظاهر. وقد جزم أيضاً إمام الحرمين به فيجب فيه الجواب لأنه يُسمَّى سلاماً، ويحتمل أن يُقال في كونه سلاماً وجهان كالوجهين لأصحابنا فيما إذا قال في تحلّله من الصلاة " عليكم السلام " هل يحصل به التحلّل أم لا؟ الأصحّ أنه يحصل، ويحتمل أن يُقال: إن هذا لا يستحق فيه جواباً بكل حال.
لما رويناه في سنن أبي داود والترمذي، وغيرهما بالأسانيد الصحيحة عن أبي جزي الهجيميّ الصحابي رضي اللّه عنه، واسمه جابر بن سليم، وقيل سليم بن جابر قال: لقيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض سكك المدينة وعليه ثوب قِطْري وهو بكسر القاف وسكون المهملة، فقلت: عليك السلام يا رسول اللّه! فقال: عليك السلام تحيّة الموتى، قل السلام عليكم قالها مرّتين أو ثلاثاً قال الحافظ بعد تخريجه: حديث صحيح أخرجه النسائي) " ؛، قال: أتيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول اللّه، قال: " لا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ، فإنَّ عَلَيْك السَّلامُ تحِيَّةُ المَوْتَى "
قلت: ويحتمل أن يكون هذا الحديث ورد في بيان الأحسن والأكمل، ولا يكون المراد أن هذا ليس بسلام، واللّه أعلم. وقد قال الإِمام أبو حامد الغزالي في الإِحياء: يكره أن يقول ابتداء " عليكم السلام " لهذا الحديث، والمختار أنه يُكره الابتداء بهذه الصيغة، فإن ابتدأ وجب الجواب لأنه سلام.