قول الله تعالى : ﴿ فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ﴾
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى : ﴿ فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ﴾
----------------
اعلم أن من تحقيق التوحيد الاحتراز من الشرك بالله في الألفاظ ، وإن لم يقصد بها المتكلم معنىً لا يجوز ، بل ربما تجري على لسانه من غير قصد ، كما يجري على لسانه أنواع من الشرك الأصغر لا يقصدها . ﴿ أنداداً ﴾ جمع الند ، وهم المثل . وهذه الآية في سياق قوله تعالى : ﴿ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون . الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ﴾ . معنى الآية : أن الله تعالى نهى الناس أن يجعلوا له أنداداً ، أي أمثالاً في العبادة والطاعة وهم يعلمون أن الذي فعل تلك الأفعال هو ربهم وخالقهم وجاعل الأرض فراشاً والسماء بناءً ، والذي أنزل من السماء ماءً فأخرج به من أنواع الثمرات رزقاً لهم ، فإذا كنتم تعلمون ذلك فلا تجعلوا له أنداداً . قال ابن كثير : ” قال أبو العالية : ﴿ فلا تجعلوا لله أنداداً ﴾ أي عدلاء وشركاء ، وهكذا قال الربيع بن أنس وقتادة والسدي “ . قال ابن عباس في الآية : ( الأنداد : هو الشرك ، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ، وهو أن تقول : والله وحياتك يا فلان وحياتي ، وتقول : لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البطّ في الدار لأتى اللصوص ، وقول الرجل لصاحبه : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان ، لا تجعل فيها فلاناً ، هذا كله به شرك ) . رواه ابن أبي حاتم
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وعن عمر بن الخطاب أن رسول الله قال : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) . رواه الترمذي وحسنه [ الترمذي ( 1535 ) أبو داود ( 3251 ) الحاكم ( 1 / 18 ) وصححه .
----------------
( عن عمر ) الصواب عن ابن عمر . ( من حلف ) الحلف هو اليمين . قال الجوهري : ” سميت اليمين بذلك لأنهم كانوا إذا تخالفوا ضرب كل امرئٍ بيمينه على يمين صاحبه “ . تعريف اليمين شرعاً : قال الحافظ في الفتح : ” توكيد الشيء بذكر اسم أو صفة لله ، وهذا أخص التعاريف وأقربها “ . ( من حلف بغير الله ) يشمل كل محلوف به سوى الله بالكعبة أو الرسول أو السماء أو غير ذلك .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وقال ابن مسعود : ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً ) . أخرجه عبد الرزاق ( 29 / 159 )
----------------
يخبر ابن مسعود في هذا الأثر أن كلاً من الحلف بالله كاذباً والحلف بغيره صادقاً إثم ، لكن إثم الحلف بالله مع الكذب أخف من إثم الحلف بغير الله وإن كان صادقاً ، لأن الحلف بالله توحيد ، والحلف بغيره شرك ، وإن قدر الصدق في الحلف بغير الله فحسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن حذيفة عن النبي قال : ( لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان ) . رواه أبو داود ( 4980 ) قال : ( وجاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره : أعوذ بالله وبك ، ويجوز أن يقول : بالله ثم بك ، قال : ويقول : لولا الله ثم فلان ، ولا تقولوا : لولا الله وفلان ) . أخرجه ابن أبي الدنيا ( 347 )
----------------
دل هذا الأثر على تحريم عطف الاستعاذة بالمخلوق على الاستعاذة بالله بالواو ، لأن الواو تقتضي التشريك بين المتعاطفين ، وذلك يؤدي إلى الشرك .