باب تحريم الشفاعة في الحدود
باب تحريم الشفاعة في الحدود
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} [النور (2)].
----------------
قال مجاهد: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال: إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان فتقام ولا تعطل. قال الشارح: وقدم المؤنث هنا على المذكر عكس ما في قوله تعالى: {والسارق والسارقة} [المائدة (38)] ؛ لأن مدار الزنى على الشهوة، وهي منهن أتم، ومدار السرقة على الغلبة وهي فيهم أبين، فقدم ما هو أليق به وأتم.
باب تحريم الشفاعة في الحدود
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟!» ثم قام فاختطب، ثم قال: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». متفق عليه.
----------------
وفي رواية: فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أتشفع في حد من حدود الله» !؟ فقال أسامة: استغفر لي يا رسول الله. قال: ثم أمر بتلك المرأة فقطعت يدها. هذه القصة وقعت في غزوة الفتح. قوله: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». أراد المبالغة في إثبات إقامة الحد على كل مكلف، وترك المحاباة في ذلك. قال الشافعي: ذكر عضوا شريفا من امرأة شريفة. وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره». رواه أحمد، وأبو داود. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه: «تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب». رواه أبو داود.