من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى : ﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها ﴾ . هود ( 15 )
----------------
﴿ وزينتها ﴾ أي المال والبنين والنساء والحرث ... إلخ . كما قال تعالى : ﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ... ﴾ . ﴿ نوفِّ إليهم ﴾ أي نوفّ إليهم ثواب أعمالهم ، بالصحة والسرور والمال والولد . كما قال تعالى في الكفار : ﴿ ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا واستمتعتم بها ﴾ . ﴿ وهم فيها لا يبخسون ﴾ أي لا ينقصون .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
في الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( تَعِسَ عبد الدينار ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش ، طوبى لعبد آخذٌ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعثَ رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شَفَعَ لم يُشفع ) . رواه البخاري ( 2886 ) ،
----------------
( تَعِسَ ) هو بكسر العين ، ويجوز بفتحها ، أي سقط ، والمراد هنا : هلك . [ قاله الحافظ ابن حجر ] وقال في موضع آخر : ” هو ضد سَعِدَ ، أي شقي “ . ( عبد الدينار ) الدينار من الذهب . سماه عبداً لكونه هو المقصود بعمله ، فكل من توجه بقصده لغير الله ، فقد جعله شريكاً لله في عبوديته ، كما هو حال الأكثر . الخميصة : كساء يلبس لونه أسود . الخميلة : القطيفة ، سميت بذلك لأنها ذات أخمل . ( إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط ) يحتمل أن يكون المعطي هو الله ، أي إن قدّر الله له الرزق والعطاء رضي وانشرح صدره ، وإن منع وحرم المال سخط بقوله وقلبه . ( تعس وانتكس ) أي خاب وهلك . انتكس : أي انتكست عليه الأمور بحيث لا تتيسر له . ( وإذا شيك فلا انتقش ) أي إذا أصابته شوكة . ( فلا انتقش ) أي فلا يقدر على انتقاشها ، وهو إخراجها بالمنقاش . وقال الحافظ : ” أي إذا دخلت فيه شوكة لم يجد من يخرجها “ . وهذه الجمل الثلاث يحتمل أن تكون خبراً منه عن حال هذا الرجل ، وأنه تعاسة وانتكاس ، وعدم خلاص من الأذى ، ويحتمل أن يكون من باب الدعاء على من هذه حاله ، لأنه لا يهتم إلا للدنيا ، فدعا عليه أن يهلك وأن لا يصيب من الدنيا شيئاً ، وأن لا يتمكن من إزالة ما يؤذيه . ( طوبى ) اختلف المفسرون في معنى : ﴿ طوبى لهم وحسن مآب ﴾ فروي عن ابن عباس أن معناه : ” فرح وقرة عين “ . وعن قتادة : ” أصابوا خيراً “ . وقال ابن عجلان : ” دوام الخير “ . وقيل الجنة ، وقيل شجرة في الجنة . وكل هذه الأقوال محتملة في الحديث . ( آخذ بعنان فرسه ) أي ممسك بمقود فرسه الذي يقاتل عليه . ( أشعث رأسه مغبرة قدماه ) ( أشعث رأسه ) أي مشغول بالجهاد عن تنظيم شعره وترجيله . ( مغبرة قدماه ) أي ملازم له الغبار لكثرة الجهاد . ( إن كان في الحراسة ) أي حماية الجيش عن هجوم العدو . ( إن كان في الحراسة ) أي غير مقصر فيها ولا غافل . وهذا اللفظ يستعمل في حق من قام بالأمر على وجه الكمال . ( وإن كان في الساقة كان في الساقة ) أي وإن جعل في مؤخرة الجيش صار فيها ولزمها . قال ابن الجوزي : ” المعنى أنه خامل الذكر لا يقصد السمو، فأي موضع اتفق له كان فيه “ . ( وإن استأذن لم يؤذن له ) أي إذا استأذن على الأمراء ونحوهم لم يأذنوا له ، لأنه لا جاه له عندهم ولا منزلة ، لأنه ليس من طلابها وإنما يطلب ما عند الله ، لا يقصد بعمله سواه . ( وإن شُفِّعَ لم يُشَفَّعْ ) يعني لو ألجأته الحال إلى أن يشفع في أمرٍ يحبه الله ورسوله ، لم تقبل شفاعته عند الأمراء ونحوهم لعدم جاهه عندهم .