قول الله تعالى : ﴿ إنك لا تهدي من أحببت
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ إنك لا تهدي من أحببت)
----------------
(إنك) الخطاب للنبي . (لا تهدي) هداية توفيق للدخول في الإسلام، وأما هداية الدعوة والبيان فإن الرسول يملكها، قال تعالى: ﴿ وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ﴾. (من أحببت) هدايته. أراد المؤلف رحمه الله تعالى الرد على عباد القبور الذين يعتقدون في الأنبياء والصالحين أنهم ينفعون أو يضرون، فيسألونهم مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، وهداية القلوب، وغير ذلك من أنواع المطالب الدنيوية والأخروية، ويعتقدون أن لهم التصرف بعد الموت على سبيل الكرامة. فإذا عرف الإنسان معنى الآية ومن نزلت فيه، تبين لهم بطلان قولهم وفساد شركهم، لأن رسول الله أفضل الخلق وأقربهم إلى الله، وأعظمهم جاهاً عنده، ومع ذلك حرص واجتهد في هداية عمه أبو طالب في حياة أبي طالب وعند موته، فلم يتيسر ذلك ولم يقدر عليه.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
في الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله وعند عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمةً أحاج لك بها عند الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي ، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال النبي : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عز وجل: ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ﴾ وأنزل الله في أبي طالب: ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ﴾
----------------
كان أبو طالب يحمي النبي من أذى قومه، وفعل من حمايته ما لم يفعله غيره من الناس، فكان حريصاً على هدايته، ومن ذلك أنه عاده لما مرض فجاءه وهو في سياق الموت وعرض عليه الإسلام، ليكون خاتمة حياته ليحصل له بذلك الفوز والسعادة، وطلب منه أن يقول كلمة التوحيد، وعرض عليه المشركون أن يبقى على دين آبائه الذي هو الشرك، لعلمهم بما تدل عليه هذه الكلمة من نفي الشرك وإخلاص العبادة لله وحده، وأعاد النبي طلب التلفظ بالشهادة من عمه، وأعاد المشركون المعارضة وصاروا سبباً لصده عن الحق وموته على الشرك. وعند ذلك حلف النبي ليطلُبَنَّ له من الله المغفرة ما لم يمنع من ذلك، فأنزل الله المنع من ذلك وبين له أن الهداية بيد الله يتفضل بها على من يشاء، لأنه يعلم من يصلح لها ممن لا يصلح.