من تبرك بشجر أو حجر أو نحوهما
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى. ألكم الذكر وله الأنثى. تلك إذاً قسمة ضيزى ﴾
----------------
﴿ اللات ﴾ قرأها الجمهور بتخفيف التاء، وعلى هذا سمّوا اللات من الإله، والعزى من العزيز. قال ابن جرير: كانوا قد اشتقوا اسمها من الله تعالى، فقالوا: اللات مؤنثة منه تعالى الله عما يقولون علوّاً كثيراً. قال ابن كثير: اللات كانت صخرة بيضاء منقوشة عليها بيت بالطائف له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تبعها، يفتخرون به على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش. قال ابن هشام: وبعث رسول الله المغير بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار. وقرأ ابن عباس (اللات) بتشديد التاء. وعلى الثانية: قال ابن عباس: كان رجلاً يلت السويق للحجاج، فلما مات عكفوا على قبره. ذكره البخاري (6118) ولا منافاة بين القولين، والجمع بينهما: أن الصخرة قريبة من القبر فشملها البناء فصار معبوداً واحداً. ﴿ العزى ﴾ قال ابن جرير: كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله : (قولوا الله مولانا ولا مولى لكم). ﴿ ومناة ﴾ كانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج يعظمونها. قال البخاري: في حديث عروة عن عائشة أنها صنم بين مكة والمدينة، وأصل اشتقاقها من اسم الله المنان، وقيل لكثرة ما يُمن ـ أي يراق ـ عندها من الدماء للتبرك بها.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي واقد الليثيّ قال: (خرجنا مع رسول الله إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سـدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله: " الله أكبر، إنها السَّنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قومٌ تجهلون ﴾ لتركبنّ سُنن من كان قبلكم "). رواه الترمذي وأحمد
----------------
(ونحن حدثاء عهد بكفر) أي قريبون عهدٍ بكفر. ففيه دليل على أن غيرهم ممن تقدمه إسلامه من الصحابة لا يجهل ذلك. (يعكفون عندها) العكوف: هو الإقامة على الشيء في المكان، ومنه قول الخليل : ﴿ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ﴾ (ينوطون بها أسلحتهم) أي يعلقونها عليها للبركة. (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) أي سدرة نعلق أسلحتنا عليها تبركاً بها، ونعكف حواليها، ظنّوا أن هذا أمر محبوب عند الله فقصدوا التقرب إلى الله بذلك وإلا فهم أجل قدراً من أن يقصدوا مخالفة النبي. (الله أكبر) وفي رواية (سبحان الله) كبّر تعظيماً لهذا الطلب، أي استعظاماً له، وتعجباً لا فرحاً به. (إنها السُنن) بضم السين، أي الطرق. (قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى ﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾) أي أن الرسول قاس ما قاله الصحابة رضي الله عنهم على ما قاله بنو إسرائيل لموسى حين قالوا ﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾ فأنتم طلبتم ذات أنواط كما أن لهؤلاء المشركين ذات أنواط. (لتركبن سنن من كان قبلكم) أي لتفعلنّ مثل فعلهم ولتقولنّ مثل قولهم.