باب تحريم التعذيب بالنار
باب تحريم التعذيب بالنار
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث فقال: «إن وجدتم فلانا وفلانا» لرجلين من قريش سماهما «فأحرقوهما بالنار» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج: «إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما... فاقتلوهما». رواه البخاري.
----------------
قال البخاري: باب لا يعذب بعذاب الله. وذكر الحديث. وحديث عكرمة: أن عليا رضي الله عنه حرق قوما. فبلغ ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعذبوا بعذاب... الله»، ولقتلتهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بدل دينه فاقتلوه». قال الحافظ: واختلف السلف في التحريق، فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقا، وأجازه علي وخالد بن الوليد وغيرهما. وقال المهلب: ليس هذا النهي فيه للتحريم، بل على سبيل التواضع. قال الحافظ: وأما حديث الباب فظاهر النهي فيه التحريم. وفيه: كراهة قتل مثل البرغوت بالنار. قوله: «لا تعذبوا بعذاب الله». هذا أصرح في النهي من الذي قبله. انتهي ملخصا.
باب تحريم التعذيب بالنار
تطريز رياض الصالحين
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من فجع هذه بولدها؟، ردوا ولدها إليها». ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: «من حرق هذه؟» قلنا: نحن. قال: «إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب... النار». رواه أبو داود بإسناد صحيح.
----------------
قوله: «قرية نمل» معناه: موضع النمل مع النمل. قال أبو داود: باب في كراهية حرق العدو بالنار، وذكر الحديثين. قال الخطابي: هذا إنما يكره إذا كان الكافر أسيرا قد ظفر به، وحصل في الكف. وقد أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تضرم النار على الكفار في الحرب، وقال لأسامة: «اغز على أبنا صباحا، وحرق». ورخص سفيان الثوري والشافعي في أن يرمى أهل الحصون بالنيران، إلا أنه يستحب أن لا يرموا بالنار ما داموا يطاقون، إلا أن يخافوا من ناحيتهم الغلبة فيجوز حينئذ أن يقذفوا بالنار. وقال على حديث ابن مسعود: وفيه دلالة على أن تحريق بيوت الذنابير مكروه، وأما النمل فالعذر فيه أقل. وذلك أن ضرره قد يمكن أن يزال من غير إحراق وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن نبيا من الأنبياء نزل على قرية نمل، فقرصته نملة، فأمر بالنمل فأحرقت، فأوحي إليه ألا نملة واحدة». قال: والنمل على ضربين: أحدهما مؤذ ضرار فدفع عاديته جائز، والضرب الآخر: لا ضرر فيه وهو الطوال الأرجل لا يجوز قتله.