باب بيان ما يجوز من الكذب
باب بيان ما يجوز من الكذب
تطريز رياض الصالحين
عن أم كلثوم رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرا أو يقول خيرا». متفق عليه.
----------------
زاد مسلم في رواية: قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. قال البخاري: باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، وذكر حديث أم كلثوم، أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا». قال الحافظ: قوله: «فينمي» بفتح أوله وكسر الميم، أي: يبلغ. تقول: نميت الحديث أنميه، إذا بلغته على وجه الإصلاح، وطلب الخير، فإذا بلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت: نميته بالتشديد، كذا قاله الجمهور. قوله: «أو يقول خيرا»: هو شك من الراوي. قال العلماء: المراد هنا أنه يخبر بما علمه من الخير، ويسكت عما علمه من الشر. وما زاده مسلم في آخره: «ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس أنه كذب إلا في ثلاث» فذكرها وهي: الحرب، وحديث الرجل لامرأته، والإصلاح بين الناس، إلى أن قال: قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح. وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة. وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مطلقا، وحملوا الكذب المراد على التورية والتعريض، كمن يقول للظالم: دعوت لك أمس. وهو يريد قوله: اللهم اغفر للمسلمين. ويعد امرأته بعطية شيء، ويريد إن قدر الله ذلك. واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل، إنما هو فيما لا يسقط حقا عليه أو عليها، أو أخذ ما ليس له أولها. وكذا في الحرب في غير التأمين. واتفقوا على جواز الكذب عند الاضطرار، كما لو قصد ظالم قتل رجل وهو مختف عنده، فله أن ينفي كونه عنده، ويحلف على ذلك، ولا يأثم والله أعلم. انتهى.