باب الذكر عند الصباح والمساء
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين} [الأعراف (205)].
----------------
قال أهل اللغة: «الآصال»: جمع أصيل، وهو ما بين العصر والمغرب. قال ابن كثير: يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره كثيرا. {تضرعا وخيفة}، أي: رغبة ورهبة، وبالقول. ولهذا قال:... {ودون الجهر من القول}. وهكذا يستحب أن يكون الذكر، لا يكون نداء وجهرا بليغا. انتهى ملخصا. وقال مجاهد وغيره: أمر أن يذكروه في الصدور، وبالتضرع إليه في الدعاء، والاستكانة دون رفع الصوت، والصياح بالدعاء.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} [طه (130)].
----------------
قيل: المراد من التسبيح: الصلاة المكتوبة. وقيل: على ظاهره. والصواب: أن الآية عامة للصلاة، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وجميع الذكر. وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها فافعلوا». ثم قرأ هذه الآية.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {وسبح بحمد ربك بالعشي والأبكار} [غافر (55)].
----------------
قال أهل اللغة «العشي»: ما بين زوال الشمس وغروبها. قال: ابن كثير: وقوله تبارك وتعالى: {واستغفر لذنبك} [غافر (55)]، هذه تهييج للأمة على الاستغفار. {وسبح بحمد ربك... بالعشي}، أي: في أواخر النهار، وأوائل الليل. {والإبكار}، وهي أوائل النهار، وأواخر الليل.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة... } الآية [النور (36، 37)].
----------------
قال ابن عباس: المساجد بيوت الله في الأرض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض. {أذن الله أن ترفع}، قال: مجاهد: أن تبنى. وقال الحسن: أي: تعظم لا يذكر فيها الخنا من القول. {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة}. فيه: إشعار بهممهم السامية، وعزائمهم العالية التي بها صاروا عمارا للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وذكره. {ويذكر فيها اسمه}، قال ابن عباس: يتلى فيها كتابه. {يسبح له}، أي: يصل له فيها.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} [ص (18)].
----------------
قال ابن كثير: أي أنه تعالى سخر الجبال تسبح مع داود عند إشراق الشمس، وآخر النهار، كما قال عز وجل: {يا جبال أوبي معه والطير} [سبأ (10)]، وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه، وترجع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء، فسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور ولا يستطيع الذهاب، بل يقف في الهواء ويسبح معه، وتجيبه الجبال الشامخات، ترجع معه وتسبح تبعا له.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مئة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد». رواه مسلم.
----------------
فيه: إيماء إلى أن الاستكثار من هذا الذكر محبوب إلى الله تعالى.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة! قال: «أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق: لم تضرك». رواه مسلم.
----------------
قال القرطبي: منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه، فلم يضرني شيء إلى أن تركته فلدغتني عقرب ليلا، فتفكرت في نفسي فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور». وإذا أمسى قال: «اللهم بك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت. وإليك النشور». رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن).
----------------
قال في «النهاية»: «وإليك النشور»، يقال: نشر الميت ينشر نشورا، إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله: أي أحياه. قوله: «وإليك المصير»، أي: إليك المرجع.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: «قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة؛ رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه» قال: «قلها إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك». رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
زاد الترمذي من طريق آخر: «وأن نقترف على أنفسنا سوءا، أو نجره إلى مسلم». وفي هذا الحديث: استحباب هذا الذكر عند الصباح والمساء وعند النوم.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قال: «أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له» قال الراوي: أراه قال فيهن: «له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر»، وإذا أصبح قال ذلك أيضا «أصبحنا وأصبح الملك لله». رواه مسلم.
----------------
فيه: استحباب هذا الذكر في الصباح والمساء.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
ن عبد الله بن خبيب - بضم الخاء المعجمة - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأ: قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح، ثلاث مرات تكفيك من كل شيء». رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
فيه: استحباب قراءة المعوذات في المساء والصباح.
باب الذكر عند الصباح والمساء
تطريز رياض الصالحين
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، إلا لم يضره شيء». رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
روي أن أبان بن عثمان راوي الحديث، عن أبيه، كان قد أصابه طرف فالج، فجعل رجل ينظر إليه، فقال له أبان: أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله علي قدره.