باب العفو والإعراض عن الجاهلين
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}... [الأعراف (199)].
----------------
وذلك لأن في الإعراض عن الجاهل إخمادا لشره. قال الشافعي رحمه الله تعالى: قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم... إن الجواب لباب الشر مفتاح فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب...؟؟... نعم وفيه لصون العرض إصلاح...؟؟
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك، وكان شد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل - عليه السلام -، فناداني، فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد... بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين». فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا». متفق عليه.
----------------
«الأخشبان»: الجبلان المحيطان بمكة. والأخشب: هو الجبل الغليظ. لما مات أبو طالب توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف وطلب منهم أن يؤوه حتى يبلغ رسالة ربه فردوا عليه أقبح رد فرجع - صلى الله عليه وسلم - وهو مهموم إذ فاته ما طلب منهم فلم ينتبه إلا وهو بقرن الثعالب، وهو قرن المنازل ميقات أهل نجد. وفي الحديث: بيان شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على قومه، وعفوه عنهم، ومزيد صبره وحلمه قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء (107)]، وقال تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم} [آل عمران (159)].
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله تعالى. رواه مسلم.
----------------
في هذا الحديث: حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -، وحلمه، وصبره، وعفوه، وقد قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب (21)].
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
تطريز رياض الصالحين
عن أنس - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك ثم أمر له بعطاء. متفق عليه.
----------------
في هذا الحديث: مزيد حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وصبره على سوء أدب هذا الأعرابي الجافي، وحلمه - صلى الله عليه وسلم - فإنه عفا عن جنايته عليه، وزاد على العفو بالبشر والعطاء. قال الشاعر: بشاشة وجه المرء خير من القري... فكيف من يعطي القري وهو يضحك وفي رواية البيهقي: (ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك، ولا من مال أبيك. فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «المال مال الله وأنا عبده». وذكر في (الشفاء) أنه حمل له على بعير شعيرا، وعلى الآخر تمرا.
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
تطريز رياض الصالحين
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: «اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون». متفق عليه.
----------------
في هذا الحديث: زيادة الفضل بعد الصفح بالدعاء لهم، والاعتذار عنهم.
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». متفق عليه.
----------------
والصرعة: الذي يصرع الناس ويغلبهم. والصرعة: بالسكون الذي يصرعه الناس، أي: ليس القوي المحمود الذي يصرع الناس ويغلبهم، إنما المحمود الذي يغلب نفسه، ويملكها عند الغضب.