باب فضل الغني الشاكر
باب فضل الغني الشاكر
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى} [الليل (5: 7)]
----------------
أي: أعطى ماله لوجه الله، واتقى محارمه، وصدق بالحسنى، أي: المجازاة، فسنيسره، نهيئه في الدنيا لليسرى، أي: للخلة التي توصله إلى اليسرى، والراحة في الآخرة، وهي الأعمال الصالحة.
باب فضل الغني الشاكر
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى} [الليل (17: 21)].
----------------
أي: وسيجنب النار الأتقى، أي: من اتقى الشرك والمعاصي؛ الذي يعطي ماله في طاعة الله، يطلب تزكية نفسه طلبا لمرضاة الله، ولسوف يرضى حين يرى جزاءه في الآخرة، وهذه الآيات نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، وهي عامة في جميع المؤمنين.
باب فضل الغني الشاكر
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} [البقرة (271)].
----------------
أي: إن تبدوا الصدقات فنعم ما أبديتم، وإن تعطوها مع إخفاء الفقراء فهو خير لكم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: السر في التطوع أفضل من العلانية، والفريضة علانيتها أفضل.
باب فضل الغني الشاكر
تطريز رياض الصالحين
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها». متفق عليه.
----------------
فيه: أن شكر المال؛ إنفاقه في وجوه الطاعات، وأن شكر العلم العمل به وتعليمه.
باب فضل الغني الشاكر
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار». متفق عليه.
----------------
«الآناء»: الساعات. أي: لا ينبغي أن يغبط أحد إلا في هذين الخصلتين.
باب فضل الغني الشاكر
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال:... «وما ذاك؟» فقالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون وتحمدون وتكبرون، دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة» فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء». متفق عليه، وهذا لفظ رواية مسلم.
----------------
«الدثور»: الأموال الكثيرة، والله أعلم. في هذا الحديث: فضل الغني على الفقير إذا استوت أعماله وأعمال الفقير البدنية. وفيه: أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف، أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل. وفيه: أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق، وأن العمل القاصر قد يساوي المتعدي.