باب الإيثار والمواساة
باب الإيثار والمواساة
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}... [الدهر (8)]. إلى آخر الآيات
----------------
يعني: ويطعمون الطعام وهم يحبونه، ويشتهونه، مسكينا، ويتيما، وأسيرا، وإن كان كافرا، لوجه الله تعالى لا لحظ النفس، وخوفا من عذاب يوم القيامة، فوقاهم الله شر ذلك اليوم، ولقاهم نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم، وجزاهم بما صبروا على ترك الشهوات، وأداء الواجبات جنة وحريرا.
باب الإيثار والمواساة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يضيف هذا الليلة؟» فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء وإذا أرادوا العشاء فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل. فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين، فلما أصبح غدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة». متفق عليه.
----------------
هذا الحديث: أخرجه البخاري في التفسير، وفي فضائل الأنصار. وفيه: استحباب الإيثار على النفس ولو كان محتاجا، وكذلك على العيال إذا لم يضرهم.
باب الإيثار والمواساة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة». متفق عليه.
----------------
وفي رواية لمسلم عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية». المراد بذلك: الحض على المكارم، والتقنع بالكفاية، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما، وإدخال رابع أيضا بحسب من يحضر. وعند الطبراني: «كلوا جميعا ولا تفرقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين». الحديث. فيؤخذ منه أن الكفاية تنشأ من بركة الاجتماع، وأن الجمع كلما زاد زادت البركة. وفيه: إشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصل معها البركة. وفيه: أنه ينبغي للمرء أن لا يستحقر ما عنده فيمتنع من تقديمه، فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء.
باب الإيثار والمواساة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له». فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم.
----------------
في هذا الحديث: الأمر بالمواساة من الفاضل، وهو كحديث: إنك يا ابن آدم إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول.
باب الإيثار والمواساة
تطريز رياض الصالحين
عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن أمرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة، فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها! فقال: «نعم» فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه: فقال له القوم: ما أحسنت! لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل: فكانت كفنه. رواه البخاري.
----------------
في هذا الحديث: جواز إعداد الشيء قبل الحاجة إليه. وفيه: حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعة جوده وقبول الهدية.
باب الإيثار والمواساة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم». متفق عليه.
----------------
«أرملوا»: فرغ زادهم أو قارب الفراغ. في الحديث: فضيلة الأشعريين، وفضيلة الإيثار، والمواساة، وفضيلة خلط الأزواد عند الحاجة.