فوائد في باب النية واحكامها
فوائد في باب النية واحكامها
فالمسألة الأولى: ما يتعلق بألفاظ الحديث، ومنها:
إفادة الحصر في قوله: إنما الأعمال بالنيات.
وتقديرها: إنما تكون الأعمال صالحة ومقبولة عند الله بالنيات الصالحة.
وقوله: وإنما لكل امرئ ما نوى. وإن أظهر غير ذلك، فالله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية.
ولذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية، فرفع إليه رأسه، فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل. رواه البخاري ومسلم.
وهذا جواب الحكيم – كما يُقال – فلم يُعدد عليه الأغراض التي لا تكون في سبيل الله لكثرتها، وإنما حصر له الجواب في تحديد من هو في سبيل الله عز وجل.
وعند النسائي من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: من غزا في سبيل الله ولم ينوِ إلا عقالاً فله ما نوى.
وقوله عليه الصلاة والسلام: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله. أعاد الجملة الثانية معطوفة على الأولى لأهمية هذا العمل، وهو الهجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
بينما في آخر الحديث قال: فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. لم يُعد الجملة كما في الأولى لسببين:
الأول: حقارة هذا الأمر الذي يُهاجر الإنسان من أجله.
الثاني: لتعدد الأغراض التي يُهاجر لها الناس، فلا تنحصر في دنيا أو زواج.