حديث شريف
حديث شريف
فإن الحافظ النووي رحمه الله من أصحاب الشافعي المعتبرة أقوالهم، ومن أشد الشافعية حرصاً على التأليف،فقد ألف في فنون شتى، في الحديث وعلومه، وألف في علم اللغة كتاب (تهذيب الأسماء واللغات) وهو في الحقيقة من أعلم الناس، والظاهر والله أعلم أنه من أخلص الناس في التأليف، لأن تأليفاته رحمه الله انتشرت في العالم الإسلامي، فلا تكاد تجد مسجداً إلا ويقرأ فيه كتاب (رياض الصالحين)، وكتبه مشهورة مبثوثة في العالم مما يدل على صحة نيته، فإن قبول الناس للمؤلفات من الأدلة على إخلاص النية.
وهو رحمه الله مجتهد، والمجتهد يخطئ ويصيب، وقد أخطأ في مسائل الأسماء والصفات، فكان يؤول فيها لكنه لا ينكرها، فمثلاً: (استوى على العرش) يقول أهل التأويل معناها: استولى على العرش، لكن لا ينكرون: (استوى) لأنهم لو أنكروا الاستواء تكذيباً لكفروا، فهم يصدقون به، ولكن يحرفونه.
ومثل هذه المسائل التي وقع منه رحمه الله خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات إنه لمغمور بما له من فضائل ومنافع جمة،ولا نظن أن ما وقع منه إلا صادر عن اجتهاد وتأويل سائغ ولو في رأيه ـوأرجو أن يكون من الخطأ المغفور، وأن يكون ما قدمه من الخير والنفع من السعي المشكور، وأن يصدق عليه قول الله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات).
ولقد ضل قوم من الخلف الخالفين الذين أخذوا يسبونه سباً عظيماً حتى بلغني أن بعضهم قال: يجب أن يحرق شرح النووي على صحيح مسلم، نسأل الله العافية.
فالنووي نشهد له فيما نعلم من حاله بالصلاح، وأنه مجتهد، وأن كل مجتهد يصيب ويخطئ، إن أخطأ فله أجر واحد، وإن أصاب فله أجران.
وقد ألف مؤلفات كثيرة من أحسنها هذا الكتاب:
(الأربعون النووية)، وهي ليست أربعين، بل هي اثنان وأربعون، لكن العرب يحذفون الكسر في الأعداد فيقولون: أربعون. وإن زاد واحداً أو اثنين، أو نقص واحداً أو اثنين.
وهذه الأربعون ينبغي لطالب العلم أن يحفظها، لأنها منتخبة من أحاديث عديدة، وفي أبواب متفرقة بخلاف غيرها من المؤلفات.
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها،أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه).