باب النهي عن إتيان الكهان
باب النهي عن إتيان الكهان
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أناس عن الكهان، فقال: «ليسوا بشيء» فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانا بشيء، فيكون حقا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مئة كذبة». متفق عليه.
----------------
وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الملائكة تنزل في العنان - وهو السحاب - فتذكر الأمر قضي في السماء، فيسترق الشيطان السمع، فيسمعه، فيوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مئة كذبة من عند أنفسهم». قوله: «فيقرها» هو بفتح الياء وضم القاف والراء، أي: يلقيها، «والعنان» بفتح العين. الكاهن: من يخبر عن المغيبات، والتنجيم: نوع من الكهانة. والعرافة: نوع من التنجيم، وأصحاب الرمل والطوارق من الكهان، وقد كذبهم الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم. قال الخطابي: هؤلاء الكهان فيما علم بشهادة الامتحان قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطبائع نارية، فهم يفزعون إلى الجن في أمورهم، ويستفتونهم في الحوادث، فيلقون إليهم الكلمات. قوله: «فقال: ليس بشيء»، أي: ليس قولهم بشيء يعتمد عليه. قال الحافظ: قوله: «فيقرها» بفتح أوله وثانيه وتشديد الراء، أي: يصبها. وفي رواية: «فيقرقرها»، أي: يرددها. وفي الحديث: بقاء استراق الشياطين السمع، لكنه قل وندر حتى كاد يضمحل بالنسبة لما كانوا فيه من الجاهلية. وفيه: النهي عن إتيان الكهان. قال القرطبي: يجب على من قدر على ذلك من محتسب وغيره، أن يقيم من يتعاطى شيئا من ذلك من الأسواق، وينكر عليهم أشد النكر، وعلى من يجيء إليهم، ولا يغتر بصدقهم في بعض الأمور، ولا بكثرة من يجيء إليهم ممن ينسب إلى العلم، فإنهم غير راسخين في العلم، بل من الجهال لما فيه في إتيانهم من المحذور.