باب في مسائل من الدعاء
باب في مسائل من الدعاء
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش الكريم». متفق عليه.
----------------
في هذا الحديث: إن الدواء من الكرب توحيد الله عز وجل، وعدم النظر إلى غيره أصلا. قال ابن بطال: حدثني أبو بكر الرازي، قال: كنت بأصبهان عند أبي نعيم أكتب الحديث عنه، وهناك شيخ يقال له: أبو بكر بن علي، عليه مدار الفتيا فسعي به عند السلطان فحبسه، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وجبريل عليه السلام عن يمينه يحرك شفتيه بالتسبيح لا يفتر، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: قل: لأبي بكر بن علي يدعو بدعاء الكرب الذي في (صحيح البخاري) حتى يفرج الله عنه. قال: فأصبحت فأخبرته فدعا به، فلم يكن إلا قليلا حتى أخرج من السجن. وقال الحسن البصري: أرسل إلي الحجاج فقلتهن، فقال: والله ما أرسلت إليك إلا وأنا أريد أن أقتلك، فلأنت اليوم أحب من كذا وكذا، فسل حاجتك. قال العيني: اشتملت الجملة الأولى على التوحيد الذي هو أصل التنزيهات، وعلى العظمة التي تدل على القدرة العظيمة. وحكمة تخصيص الحليم بالذكر، أن كرب المؤمن غالبا إنما هو نوع من التقصير في الطاعات، أو غفلة في الحالات، وهذا يشعر برجاء العفو المقلل للحزن. واشتملت الجملة الثانية على التوحيد، والربوبية، وعظم العرش. ووجه تكرير الرب بالذكر من بين سائر الأسماء الحسنى، هو كونه مناسبا لكشف الكرب الذي هو مقتضى التربية. ووجه تخصيص العرش بالذكر، كونه أعظم أجسام العالم، فيدخل الجميع تحته دخول الأدنى تحت الأعلى. وخص السموات والأرض بالذكر؛ لأنهما من أعظم المشاهدات. انتهى. ملخصا.