باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور
باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور
تطريز رياض الصالحين
عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر»؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئا فجلس، فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور». فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
----------------
قوله: وكان متكئا فجلس فقال: «ألا وقول الزور، وشهادة الزور». قال الحافظ: يشعر بأنه اهتم لذلك حتى جلس بعد أن كان متكئا، ويفيد ذلك تأكيد تحريمه، وعظم قبحه، وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور، وشهادة الزور أسهل وقوعا على الناس، والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يصرف عنه الطبع. وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة، كالعدواة والحسد وغيرهما. فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه. قوله: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. أي: شفقة عليه وكراهية لما يزعجه. وفي الحديث: تحريم شهادة الزور، وفي معناها كل ما كان زورا، من تعاطي المرء ما ليس له أهلا. قال القرطبي: شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل، من إتلاف نفس، أو أخذ مال، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، فلا شيء من الكبائر أعظم ضررا منها، ولا أكثر فسادا بعد الشرك بالله.