باب تحريم الكذب
باب تحريم الكذب
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ». رواه البخاري.
----------------
«تحلم»: أي قال إنه حلم في نومه ورأى كذا وكذا، وهو كاذب. و «الآنك» بالمد وضم النون وتخفيف الكاف: وهو الرصاص المذاب. قوله: «من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل». وفي رواية: «عذب حتى يعقد بين شعيرتين». رواه أحمد. لأن الكذب في المنام، كذب على الله، فإن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة. قوله: «ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك يوم القيامة». فيه: وعيد شديد، والجزاء من جنس العمل. قوله: «ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ». قال ابن أبي جمرة: مناسبة الوعيد للكاذب في منامه وللمصور، أن الرؤيا خلق من خلق الله تعالى، وهو صورة معنوية، فأدخل لكذبه صورة معنوية لم تقع، كما أدخل المصور في الوجود صورة ليست بحقيقة؛ لأن الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح، فكلف صاحب الصورة بتكليفه أمرا شديدا، وهو أن يتم ما خلقه بزعمه، فينفخ الروح فيه. ووقع عند كل منهما بأن يعذب حتى يفعل ما كلف وليس بفاعل، وهو كناية عن دوام تعذيب كل منهما. قال: والحكمة في هذا الوعيد، أن الأول: كذب على جنس النبوة. والثاني: نازع الخالق في قدرته.