باب الحث على سور وآيات مخصوصة
باب الحث على سور وآيات مخصوصة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم»؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم»؟ قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فضرب في صدري، وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر». رواه مسلم.
----------------
في هذا الحديث: منقبة جليلة لأبي. وفيه: جواز مدح الإنسان في وجهه، إذا أمن عليه الإعجاب، وكان فيه مصلحة، كإظهار علمه ونحو ذلك. وفيه: فضل آية الكرسي، لما اشتملت عليه من إثبات ربوبية الله، وألوهيته وأسمائه، وصفاته، وتنزيهه عن النقائص. قال ابن كثير: وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة. فقوله: {الله لا إله إلا هو} إخبار بأنه المنفرد بالألوهية لجميع الخلائق. {الحي القيوم}: أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدا، القيم لغيره. {لا تأخذه سنة ولا نوم}: أي: لا يعتريه نقص ولا غفلة، ولا ذهول عن خلقه. {له ما في السماوات وما في الأرض}: إخبار أن الجميع عبيده وفي ملكه، وتحت قهره وسلطانه. {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل، أنه لا يتجاسر أحد أن يشفع لأحد عنده، إلا بإذنه له في الشفاعة. {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها. {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء}، أي: لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا ما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه. {وسع كرسيه السماوات والأرض}. قال ابن عباس: (كرسيه) علمه. وعنه: (الكرسي) موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره، وعنه: لو أن السماوات السبع، والأرضين السبع، بسطن، ثم وصلن بعضهن إلى بعض، ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المسافة. وقال ابن جرير: حدثني يوسف أخبرني ابن وهب قال: قال ابن زيد: حدثني يوسف، أخبرني أبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس». قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض». وقوله: {ولا يؤوده حفظهما}، أي: لا يثقله ولا يكترثه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومن بينهما، بل ذلك سهل عليه، يسير لديه. {وهو العلي العظيم} كقوله: {الكبير المتعال} [الرعد (9)]. وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود، فيها طريقة السلف الصالح، إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه. انتهى ملخصا.