باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن
باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن
تطريز رياض الصالحين
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأ علي القرآن»، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟! قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت عليه سورة النساء، حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}. قال: «حسبك الآن» فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان. متفق عليه.
----------------
قال النووي: البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين، وشعار الصالحين. قال الله تعالى: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا} [الإسراء (109)]، {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا} [مريم (58)]. وفي الحديث: استماع قراءة القرآن والإصغاء إليه، والتدبر فيها واستحباب طلب القراءة من الغير ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه. وفيه: التواضع لأهل العلم والفضل، ورفع منزلتهم. قال ابن بطال: إنما بكى - صلى الله عليه وسلم - عند تلاوة هذه الآية، لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بالتصديق، وسؤاله الشفاعة لأهل الموقف، وهو أمر يحق له طول البكاء قال الحافظ: والذي يظهر أنه بكى رحمه لأمته، لأنه علم أنه لا بد أن يشهد عليهم بعملهم، وعملهم قد لا يكون مستقيما، فقد يفضي إلى تعذيبهم والله أعلم. وعن سعيد بن المسيب قال: ليس من يوم إلا يعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته غدوة وعشية، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم.